أسئلة كثيرة تُرافق الاستقالة المفاجئة التي قدمها المبعوث الأممي إلى الصحراء هورست كولر لدواع صحية، ليضاف إلى قائمة من مبعوثي الأمم المتحدة الذين فشلوا في وضع حد لهذا النزاع الإقليمي المصنف دوليا من بين أكثر القضايا تعقيداً.
وعمليا، يدخل ملف الصحراء في مرحلة التكهنات والتوقعات حول المبعوث الأممي الخامس المرتقب أن يعينه الأمين العام للأمم المتحدة خلفا للرئيس الألماني السابق. وبالتأكيد أن الموفد الجديد سيحتاج إلى وقت لا بأس به من أجل دراسة الملف المعقد من جميع جوانبه ثم مباشرة جولات أولية إلى الأطراف الأربعة المعنية بنزاع الصحراء (المغرب والجزائر والبوليساريو وموريتانيا).
وفي هذا الصدد، قال عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني، إن نزاع الصحراء سيدخل مرحلة جديدة ويمكن أن يتطور إلى عودة البوليساريو لإحداث مغامرات جديدة في المنطقة العازلة.
وتوقع الخبير في شؤون الصحراء، ضمن تصريح لهسبريس، أن تتوقف المحادثات بين أطراف النزاع لمدة "قد تزيد عن السنتين وقد لا تكون محادثات مستقبلا".
وبخصوص استقالة كولر لأسباب صحية كما أعلنت الأمم المتحدة، شكك منار اسليمي في دواعي هذه الاستقالة المفاجئة، وقال: "إنه من الصعب قبول فرضية أن المبعوث الأممي في ملف الصراع هورست كولر استقال لأسباب صحية، وإنما تختفي وراء ذلك تطورات تجري في نزاع الصحراء، مرتبطة بخلل في منهجية ومضمون إدارة المحادثات التي قادها".
وتابع المصدر ذاته بأن "مجلس الأمن يمكن أن يكون قد لاحظ بعض الأخطاء التي ارتكبها المبعوث الأممي، منها محاولاته إدخال الاتحاد الإفريقي في النزاع رغم الإشارات التي أرسلها مجلس الأمن إلى كل الأطراف وإلى المبعوث الشخصي، خصوصا أنه يرفض بصفة مطلقة دخول الاتحاد الإفريقي في الملف".
ويرى رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني أن "قرارات مجلس الأمن الأخيرة التي سبقت محادثات جنيف الأولى والثانية لها سقف مرتفع عن أداء المبعوث الأممي في توجيه المحادثات، وذلك من خلال إشارته إلى الواقعية والنظر إلى النزاع بأنه إقليمي وإدخال الجزائر كطرف رئيسي فيه".
وأوضح المتحدث أن الرئيس الألماني السابق "لم يستطع مواكبة الزخم الذي رافق ملف الصحراء مؤخرا"، وزاد أن "الجزائر وجبهة البوليساريو ظلا غارقين في خطاب الحرب الباردة لسنوات الستينيات والسبعينيات".
وخلص اسليمي، في تصريحه، إلى أن استقالة كولر "ناتجة عن أخطائه في تطبيق قرارات مجلس الأمن التي رسمت إطار الصراع بأنه مغربي جزائري، وهي القرارات التي تريد التوجه نحو الحل الواقعي الوحيد المتمثل في الحكم الذاتي، وهو المقترح الذي ظل يتردد في قرارات مجلس الأمن منذ سنة 2007، كإشارة لم يتلقفها المبعوث الأممي الذي يبدو أنه كان تحت تأثير مقاربة السياسة الخارجية الألمانية ونظرتها للنزاع".
وكانت الأمم المتحدة أعلنت، مساء الأربعاء، أنّ مبعوثها إلى الصحراء الرئيس الألماني الأسبق هورست كولر (76 عاماً) استقال من منصبه "لدواع صحّية".
وقالت المنظمة الدولية في بيان إنّ "الأمين العام (أنطونيو غوتيريش) يأسف بشدّة لهذه الاستقالة، لكنّه قال إنّه يتفهّمها تماماً وقد أعرب عن أطيب أمنياته للمبعوث الأممي الذي تسلّم مهامه في يونيو 2017".
قد يهمك أيضًا:
الأمم المتحدة تؤكّد أن استقالة المبعوث الشخصي للأمين العام راجعة لأسباب صحية
استقالة كولر المغرب يشيد بجهود المبعوث الأممي إلى الصحراء
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر