الرباط - المغرب اليوم
احتضنت قاعة دار الشباب المسيرة بمدينة وزان لقاء أدبيا مع المؤلف والمخرج المسرحي محسن زروال، لمناقشة وتوقيع كتابه الجديد "دوبل فاص"، الذي يضم مسرحيتين؛ الأولى بنفس العنوان، والثانية "توازا"، وهي صادرة عن سلسلة منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة.
اللقاء الذي أداره الأستاذ هشام بومداسة، مساء الأحد، رأى النور بمبادرة من حركة الطفولة الشعبية بشراكة مع دار القرويين للنشر والتوزيع، وركز على ثلاث "تيمات" أساسية همت المسرحيتين المحتفى بهما، وبعض معالم التجربة الخاصة للمؤلف المسرحي، وأهمية العناية وتأهيل العمل الثقافي والفني بالمدينة.
وتناولت المسرحية الأولى الوجه الآخر لمحمد شكري من خلال تجربتيه الإبداعية والمعيشية، ركزت على الضيق الذي عاناه محمد، بطل المسرحية، من الرغبة الجامحة في التخلص بالقتل أحيانا من كتاب "الخبز الحافي".
كما ركزت المسرحية الاهتمام على الوجه المتعالي والخفي لشخص محمد الذي يرفض أن يتنمط في شخص رواية "الخبز الحافي" كتجربة إبداعية. فمحمد على خلاف التمثلات حوله في السيرة الذاتية بكونه يعيش حياة باذخة ومترفة ومتميزة في نمط العيش وأسلوبه الذي يختلف عن النموذج القادم إلينا من "القاع" المجتمعي.
أما العمل الثاني "توازا" فاستلهم من مسرحية "في أعالي البحار" للكاتب البولندي الفرنسي مروجيك سلافومير(1930-2013)، وهي لثلاث شخصيات تفكر بشكل جماعي، نتيجة الجوع، في ضرورة الاتفاق على أكل أحد أفرادها المشكلين من شخصيات ذات تسميات دالة، كالفقيه اللقيط، وستالين المتسلط، وبوشعيب/ "اشعيبة"، العفوي والبسيط الذي تم التآمر عليه ليكون الأضحية والقربان.
وتدور أحداث المسرحية في تشابك يؤول في الأخير إلى استسلام بوشعيب للقتل في اللحظة التي يجد فيها الفقيه بقايا اللحم المجفف أو بعض "القديد"، ليقرر الاكتفاء بأكله، على خلاف "ستالين" الذي فتحت شهيته عن آخرها لتحويل "بوشعيب" إلى وليمة كاملة.
وشكل اللقاء فرصة لتناول نضج تجربة المخرج المسرحي محسن زروال، التي تنتمي إلى ثلاثة اختيارات في التصور وأسلوب الكتابة المسرحية: أولها أنها لا تفصل بين الرؤية الإخراجية في تأثيث المشاهد والإيقاعات وبين الرؤية الفكرية الجمالية والفلسفية التي يمكن بعثها في النص الأدبي؛ أما ثانيها فترتبط بنوع الكتابة /الموقف الذي قلما نجده لدى الكثير ممن امتهنوا مجال الكتابة: فمواقف الكاتب واضحة في المتنين المسرحيين؛ في الأول عمل على تعرية كل أشكال السكيزوفرينيا التي نبتت وعششت في عقول ووجدان وسلوكيات الكثيرين ، بينما التصريف الثاني للموقف كان متجليا في مسرحية "توازا" وهو يعري النموذجين اليساري الأرثدوكسي والمتأسلم المحافظ، اللذين يلتقيان في النزعة الشمولية والطغيانية والتسلطية المطلقة.
أما ثالث هذه الاختيارات فيتعلق بشكل الكتابة ولغتها التي يقول صاحب العمل إنه لا يجد نفسه في كتابة المسرح إلا بالدارجة، "لا لغة الضاد التي يكن لها كل الاحترام، لأنها تبقى لغة أكاديمية ومعرفية أكثر منها لغة التمسرح والتفاعل الوجداني والقيمي والمجتمعي"، وفق تعبيره.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر