استطاع الشاب يونس الأمغاري، المحامي المتمرن، منتصف يناير الماضي، أن ينتزع حُكماً قضائياً لافتاً من المحكمة التجارية بالرباط؛ وهو الحكم الذي أكد مسؤولية المكتب الوطني للسكك الحديدية في تأخر قطارات وأحقية المتضررين في التعويض المادي.
الحكم تضمن تعويضاً قدره 20 ألف درهم؛ لكن المحامي المتمرن بهيئة الدار البيضاء اعتبر أن هذا المبلغ لا يساوي شيئاً مقابل الضرر، مُشدداً على أن "هدفه هو خلق نقاش يسهم في رفع الوعي القانوني لدى الناس".
وبالموازاة مع تمرنه في المحاماة بالدار البيضاء، يشغل الأمغاري عُضوية جمعية المحامين الشباب بالدار البيضاء، كما يتابع دراسته بسلك الدكتوراه بمختبر القانون والتنمية بكلية الحقوق بمكناس، ويهتم بإشكالية تنازع القوانين وفعالية قواعد التحكيم التجاري الدولي كآلية بديلة لحل النزاعات.
وقال الأمغاري، إن "المحاماة رسالة قبل أن تكون مهنة، والمحامي لا يجب ينظر إلى الأمور بمقياس مادي بل ينظر إليها كرسالة يجب أن يقدمها للمجتمع"، مشيراً إلى أن أغلب المواطنين لا يعرفون ماذا يفعلون تُجاه التأخيرات التي تسجلها القطارات في المملكة.
وأضاف المحامي الشاب أن المقتضيات القانونية الجاري بها العمل في المغرب لا تُطبق على الوجه السليم بسبب التقصير في التعريف بحقوق الناس والقوانين الجاري بها العمل، مورداً أن مستعملي القطار يحتجون حين يتأخر قطار؛ لكن لا يطلبون شهادة التأخير ولا يلجؤون إلى القضاء.
ويُشير الأمغاري، في أول حديث له للإعلام، إلى أن تأخر القطار قد يكون أمراً عادياً لمسافر عادي؛ لكن حين يرتبط السفر عبر قطارات المكتب الوطني للسكك الحديدة بمواعيد مهمة وأغراض عاجلة للمتنقل يُصبح ضرر التأخر كبيراً جداً.
اقرأ أيضاً : "الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار
المحامي الشاب أكد أن الهدف من رفعه لهذه الدعوى القضائية ضد ONCF هو "تكريس ثقافة المسؤولية لدى المؤسسات العمومية"، مشيراً إلى أن المحامين باعتبارهم رجال قانون يجب عليهم المساهمة في "تهذيب سلوك الإدارة من خلال تفعيل المقتضيات القانونية".
ولا يجزم الأمغاري بكون هذا الحكم سابقةً في المغرب، لكن يؤكد أن خصوصيته تكمن في وضع الدعوى أمام المحكمة التجارية؛ لأن ركوب القطار هو "عقد من العقود التجارية منظمة في إطار مدونة التجارة التي تضمن عدداً من الحقوق والواجبات".
كما برر المحامي رفعه للدعوى القضائية للتعويض عن تأخر القطارات إلى المحكمة التجارية ليقاضي المكتب الوطني للسكك الحديدية لكونه مؤسسة عمومية تُقدم نشاطاً تجارياً ولكي يستفيد من خصوصية سرعة البت الذي يتميز بها هذا القضاء.
وزاد المحامي قائلاً: "الهدف هو تكريس مبدأ اعتبار التأخر أو عدم التزام الناقل المتعاقد معه في الوصول في الوقت المحدد في التذكرة يُرتب مسؤولية تتطلب تعويضاً؛ لأن الوقت يُساوي الكثير، والتأخير قد يُعطل مواعيد مهمة للمسافر مثل اجتياز مباريات الوظيفة أو السفر أو التطبيب أو اجتياز امتحان".
ولا يخفي المحامي الشاب أنه كان يتوقع هذا الحكم لصالحه، ولو أن دفاعه طالب بمبلغ 80 ألف درهم كتعويض مادي، حيث أكد أن الملف مبني على أن "الإخلال بالتزام تعاقدي بينه وبين المكتب الوطني للسكك الحديدية نتج عنه أضرار".
وأكد الأمغاري أن خلق نقاش عمومي حول مسؤوليات المؤسسات يُوصل إلى نتيجة مرضية تتجلى في معرفة الناس لحقوقهم وسلوكهم للمساطر القضائية كلما تضرروا من تعامل إداري، وأضاف: "ليس فقط المكتب الوطني للسكك الحديدية بل جميع المؤسسات والإدارات التي لا تحترم علاقتها مع عملائها".
قد يهمك أيضًا :
أخنوش يدعو إلى فك العزلة السياسية عن شباب "المغرب العميق"
الجزائر غاضبة من تصويت البرلمان الأوروبي على الاتفاق الفلاحي مع المغرب
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر