عبَّر روبيرت ريدفورد عن حنينه في عالم الفيديو تحت الطّلب إلى الإحساس الذي غمره في الطّفولة وهو يدخل قاعةَ سينما مظلمة مع أناس آخرين، ويرى "السحر على الشاشة"، متحسرا على "هذا الذي ذهب اليوم تقريبا".
وقال المخرج الأمريكي، المعروف بنشاطه في سبيل الديمقراطية والحرّيّات، اليوم السّبت، في سياق حديثه ضمن حوارات المهرجان الدولي للفيلم بمرّاكش، إنّه يركّز على دولته عندما يتحدّث، وذلك لمعرفته بما يقع بها عكس الدول الأخرى، رغم أنّه يحبّ أن يكون بدول أخرى مثل المغرب.
وأضاف: "يصعب ألا أنتقد عندما أتحدث عن بلدي، وترجع بي ذاكرتي إلى الحرب العالمية الثانية عندما كان الكلّ متضامنا لجمع المال والقتال من أجل الخير الأكبر ضدّ الفاشية والنازية، للحفاظ على حريتنا، وكنت متعلقا بهذا، بجمع الصحف ووضعها في كومة، لأنها ستساهم في ذلك".
وشرح ريدفورد ما قاله مساء الجمعة في حفل تكريمه بالدّورة الثّامنة عشرة من مهرجان مرّاكش حول كوننا "نعيش فترة مظلمة"، بالقول: "واضح جدا من الأخبار، وما يحدث يوميا، أننا نعيش أياما مظلمة، وأنّ هناك ريحا سوداء في كل المدن"، ثم زاد: "هو وقت مظلم خاصة في أمريكا، لأنّنا نرى حرياتنا مهددة بالأنانيات، ومن طرف أناس ذوي بُعد واحد يوجدون في السّلطة"، ثم استدرك مازحا: "لن يتركوني أعود إلى بلدي بعد قول هذا".
ويرى روبرت ريدفورد أنّ الأمر الأهمّ هو "أن تنتبه"، مضيفا: "إذا كان عليّ تقديم نصيحة، فستكون: انتبه لما حولك. وفي نيومكسيكو بأمريكا أمضي الكثير من الوقت في المشي والتفكير، ومنذ شهرين قلت سأبدأ في التفكير فيما يوجد قرب قدمي وأنا أمشي، وانتبهت لأشياء كانت هناك دائما ولم أرها في يوم من الأيّام، وكان هذا كأنّني فتحت بعدا جديدا في حياتي".
وجوابا على سؤال طرحه فرانسوا بوسنيل، مسيّر الحوار، قال ريدفورد إنّه يظنّ أنّه واع اجتماعيا، بمعنى أنّه ينتبه للقوى التي فوقه، والتي تتحكّم في الحياة، لأن مساءلتها دائما أمر صحي، ليس لأنها خاطئة رغم أنّها قد تكون كذلك. وأضاف: "علينا دائما مساءلة الحقيقة (المُقدَّمَة) التي تكون في الكثير من الأحيان، الحقيقة هي الحقيقة، لهذا أحترم عمل الصِّحافة، لأنه وسيلة لمساءلة الحقيقة".
وبعد تجربة تزيد عن 50 سنة في السينما، قال روبيرت ريدفورد إنّه يفضِّلُ أن ينتهي الفيلم بسؤال لا بجواب، لأنّ ذلك يعطي للمشاهد فرصة التّفكير، ثم زاد رابطا ذلك برؤيته لـ"الحقيقة" أنّ "هناك العديد من القصص التي تدّعي الحقيقة ويصعب أن تتأكّد إن كانت القصة التي تقول هي الحقيقة؟ وهو ما يعني أن عليك أن تثق في إيمانك وغريزَتِك (Instinct)، والحفر عميقا لمعرفة ما الحقيقي؟".
وعبّر ريدفورد عن إيمانه بالمخاطرة، وشدّد على أنّه "من المخاطرة عدم المخاطرة"؛ لأنه رغم صعوبة أنّك لا تعرف أين ستقودك مخاطرتك، إلا أنّك إذا لم تأخذها ستَعْلَق"، ثم استدرك قائلا: "لكن استغلال الفرص التي تأتي يجب أن يكون مدروسا، وبعد تفكير عميق في: لم تريد المخاطرَة؟".
وفي سياق حديثه عن تجربته في التّمثيل التي انطلَقَت في خمسينات القرن الماضي، قال روبير ريدفورد إنّ "الممثّل الجيّد أو العظيم هو الذي يغرق تماما في الشّخصية التي يمثّل دورها، ويلبسها كمعطف، ويصِير هو الشخصية لفترة"، وزاد: "في كلّ دور أدَّيتُه ضعت في قلب الشّخصيات التي أمثّلها". كما تحدّث عن الخوف الذي يرافق الدّخول في عمل سينمائي بطريقة تفكير معيّنة، والخروج منه بأخرى مختلفة، وعلَّقَ على ذلك بالقول: "عليك أن تقوم بذلك، وقد يكون هذا مخيفا، لكنّه صحيّ أيضا".
وتعليقا على اعتباره "هوليوديا"، قال ريدفورد إنّ ذلك يعكس مدى سطحيّة التّفكير؛ لأنه لم يكن من هوليوود في يوم من الأيّام، بل كان قربها، وكان يريد أن يكون في نيويورك، أو باريس، أو أوروبا، ولم يكن يذهب إلى هوليوود إلا لتصوير بعض الأفلام.
وفي حديث عن دعمه للسينما المستقلّة عبر "Sundance Institute"، وضّح المخرج الأمريكي أنّه وهو في عالَم "استوديوهات الأفلام"، كان يعرف أنّ الكثير من المخرجين الآخرين لم تُعطَ لهُم هذه الفرصة، فكان دور "ساندانس إنستيتيوت" كمؤسسة غير ربحيّة هو دعم المخرجين المُستَقلِّين ليُطَوِّروا قصصهم وأدواتهم، ثم عندما كانت الحاجة إلى "فئة" تؤطَّر بها هذه الإنتاجات، خُلِقَ المهرجان السينمائي المرتبط بالمؤسّسة.
وعن اختياره الإخراج بعدما بدأ مسيرته ممثّلا، قال ريدفورد إنّ الإخراج طريقة للسَّيطرَة على رؤيته الخاصّة؛ لأن رؤية الممثِّل لوضعية من الوضعيّات التي يمكنها أن تكون بالطّريقة التي يُريدُها، قد تضيع لأنّها في يد المخرج، وزاد: "أظنّ أنّ هذا ما قادني للإخراج؛ السّيطرة على الفكرة (أو ضبطُها)".
وفي سياق حديثه عن تجربته السينمائية، أكّد ريدفورد أنّه كان فنانا قبل أن يكون ممثلا، مضيفا أنّ فنّه كان يتنقل بين المقاهي الفرنسية وهو يرسم في دفتره الناس الذين يراهم ويحاول تخيُّل محادثاتهم في زمن لم يكن فيه الأمريكيون مرحّبا بهم في هذا البلد لشيء لم يتذكَّرهُ قام به الرئيس الأمريكي السابق آيزنهاور، فكان صديقه هو دفتر رسمه.
تخيّل الحوارات ورسمها بالنسبة للمخرج الأمريكي كان شيئا ذا قيمة، لأنه يعني مقدرة على إتمام القصّة، ثم استرسل قائلا: "أنا فخور بالسّنوات الخمسين التي أمضيتها في السينما، وأريد شيئا طريا الآن، لذا عُدتُ إلى الرّسم"، قبل أن يضيف ضاحكا، بعد نفيه الإقدام على إخراج فيلم آخر، أن "المشكل الوحيد في التقاعد هو أنّ عليك ألا تقول ذلك لأحد، وإلا يبدأ الناس في القول: عليك أن تقوم بهذا قبل أن تذهب".
قد يهمك ايضا
تكريم خاص للسينما الأسترالية في مهرجان مراكش الدولي للفيلم
الفيلم الكولومبي "وادي النفوس" يتوج بالنجمة الذهبية لمهرجان مراكش
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر