"هذا الجسر المعلق والممتد على طول 42 مترا هو، اليوم، من المعالم السياحية للمنطقة، فبالإضافة إلى كونه ساهم في فك العزلة عن ساكنة دوار تغزوت آيت مولاي سعيد، فقد لعب دورا كبيرا في إشعاع القرية، حيث أصبح الجسر نقطة جذب للزوار لاكتشاف هذه المنشأة الفريدة من نوعها"، يقول حميد الإدريسي، رئيس جمعية "تغزوت آيت مولاي سعيد للفلاحة والتنمية القروية" بجماعة المرس بإقليم بولمان.
جسور معلقة للبشر والماشية
الجسر المعلق لدوار تغزوت آيت مولاي سعيد، الذي تم تشييده على واد سرغينة قبل عامين، تمت هندسته والإشراف على جميع مراحل تشييده من طرف الأستاذ المتقاعد لحسن بوتالوزت، الذي يصفه سكان المنطقة بالمهندس العصامي، حيث سبق له تصميم وبناء جسرين معلقين آخرين على واد المعاصر ساهما في إخراج أهالي دوار آيت مخشون والدواوير المجاورة له من العزلة والتهميش.
"من ثمار الجسر المعلق على واد سرغينة أنه لعب دورا كبيرا في تنمية القطاع الفلاحي، حيث تمكنا بفضله من تمرير قناة للري إلى مزارع دوار تغزوت آيت مولاي سعيد، التي لم تُسق منذ 15 سنة بعد أن جرفت مياه الواد إحدى القناطر التي خلفها الاستعمار بالمنطقة"، يقول الإدريسي، مشيرا إلى أنه تم استغلال الجسر المذكور، كذلك، في تمرير قناة للماء الصالح للشرب إلى الساكنة على الضفة الأخرى.
وأضاف الإدريسي "عانينا طويلا من مشكل العزلة لكون واد سرغينة يفصل دوار تغزوت آيت مولاي سعيد إلى ضفتين، ضفة توجد بها مرافق عمومية ومدرسة ومقبرة ومسجد، والضفة الأخرى يعزلها الواد عن هذه المرافق بشكل تام كلما ارتفع صبيبه في مثل هذه الفترة من السنة".
وكشف الإدريسي أن ساكنة دوار تغزوت آيت مولاي سعيد في الضفة الأخرى اضطرت ذات مرة إلى الانتظار يومين حتى تراجع منسوب واد سرغينة لنقل جثمان أحد الموتى إلى المقبرة، مضيفا أن تلك الحادثة الأليمة دفعت جمعيته إلى الاتصال بلحسن بوتالزوت من أجل مساعدتها على بناء جسر معلق يربط بين ضفتي الدوار المذكور لاستغلاله في مرور البشر والماشية.
"رحب لحسن بوتالزوت بالفكرة ووافق على إنجاز المشروع، فعبأنا، كجمعية، الموارد البشرية والمالية للبدء في تنفيذه، وبعد شهرين احتفلنا بهذا الإنجاز، معلنين نهاية المحنة مع قطع واد سرغينة"، يحكي الإدريسي، مضيفا أن جمعيته وثقت في قدرة بوتالزوت على تحقيق هذا الحلم بعد نجاحه في بناء جسرين سابقين صمدا في وجه مختلف التقلبات المناخية.
وأوضح الإدريسي أنه بصفته متخصصا في الهندسة المدنية أعجب بتقنية بوتالوزت في بناء الجسور المعلقة لما يميزها من معايير السلامة والإتقان؛ ولاعتمادها على حبال معدنية وألواح خشبية متينة ودعامات وأبراج قادرة على تحمل كتلة كبيرة من الأثقال. وأضاف "الجميل في هذه الجسور، إضافة إلى تقنيتها البسيطة وتكلفتها المنخفضة، لمستها الإبداعية التي أضفاها على أبراجها بناؤو المنطقة باستعمال الحجارة المحلية اللامعة".
بوتالوزت.. المهندس العصامي
من جانبه، أوضح المهندس العصامي لحسن بوتالوزت، في حديثه مع هسبريس، أن تصميمه وبناءه ثلاثة جسور حتى الآن بجماعة المرس ببولمان جاء نتيجة ولعه بالهندسة منذ الصغر، رغم مسيرته الدراسية في مسلك الآداب، مشيرا إلى أن عملية بناء جسر معلق على أرض الواقع يتطلب منه وقتا طويلا من العمل الدؤوب لدراسته من كل الجوانب، ولشرح طريقة الإنشاء للعمال ومعاونيه من البنائين في تنفيذ المشروع.
ويحكي قائلا: "بعد أن جرفت مياه واد المعاصر القنطرة، التي كانت تساهم في فك العزلة عن دواوير آيت مخشون وتغزوت آيت مولاي سعيد وأيرزي وآيت يوسف بوحدو والحدادة وتغزوت السفلى، أصبح سكانها يعيشون في عزلة عن محيطهم، حيث يقطعون مسافات طويلة للوصول إلى الضفة الأخرى، ومنها إلى المرافق العامة".
وأضاف "لما اقترحت على سكان دوار آيت مخشون إنجاز الجسر المعلق الأول على طول 30 مترا لفك العزلة عنهم، استغربوا ذلك. لكن بصفتي ابن المنطقة بدأت في إنجاز الجسر في يونيو 2009 وفي غشت من السنة نفسها كانت القنطرة جاهزة"، مشيرا إلى أنه بادر سنة 2015 ببناء جسر معلق ثان على طول 41 مترا استفادت منه دواوير كثيرة مجاورة لدوار آيت مخشون، قبل إنشاء الجسر المعلق بدوار تغزوت آيت مولاي سعيد.
المهندس بالفطرة بوتالوزت أكد لهسبريس أنه لم يقتبس فكرة تصميم الجسور المعلقة من أي جهة كانت، مبرزا أن جسوره غير مكلفة وآمنة بشكل كامل ويمكنها الصمود عقودا. وأضاف قائلا: "يمكننا فك العزلة بالجسور المعلقة عن جميع قرى المغرب بإمكانيات بسيطة إذا ما توفر لنا الدعم".
"عارضت جماعة المرس إحداث الجسر المعلق على واد سرغينة بحجة أنه يفتقر إلى الدراسة التقنية المتخصصة، مما دفعنا، كجمعية، إلى التوجه إلى عمالة بولمان للترافع القوي عن المشروع، وإقناع السلطات بأن هناك جسرين مماثلين قائمين منذ مدة وبدون مشاكل"، يقول رئيس جمعية "تغزوت آيت مولاي سعيد للفلاحة والتنمية القروية".
وأضاف "بعث العامل لجنة تقنية مختلطة تضم مهندسين من العمالة ومصالح التجهيز لمعاينة المشروع بعد توقيف العمل به من طرف السلطات المحلية، فأعجبوا به وبأفكار صاحبه لحسن بوتالوزت، وتأكدوا من سلامته واحترامه ضوابط الإنشاء السليم، فاستأنفنا الأشغال، وكان الجسر جاهزا في وقت قياسي".
قد يهمك ايضا
الدار البيضاء تستعد لتدشين الجسر المعلق بالأسلاك الفولاذية
افتتاح الجسر المعلق في منطقة سيدي معروف أمام السائقين
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر