كاتبة مغربية تنتقد مراقبة الكاميرات لتفاصيل حياة الإنسان بأمريكا
آخر تحديث GMT 07:17:55
المغرب اليوم -

كاتبة مغربية تنتقد مراقبة الكاميرات لتفاصيل حياة الإنسان بأمريكا

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - كاتبة مغربية تنتقد مراقبة الكاميرات لتفاصيل حياة الإنسان بأمريكا

كاتبة مغربية
واشنطن - المغرب اليوم

أمرُّ كُلّ يومٍ تقريباً حين أتمشّى في الحيّ بإشارات منصوبة رأي العين خارج البيوت والمحلات محذّرةً المارّة: "هذه الملكية تخضع للمراقبة".. وبغضّ النّظر عن انتشارها في كلّ مكان، لطالما راعت انتباهي؛ فإذا كانت الملكية هي ما تتم مراقبته حقا فماذا عن أولئك الذين يعيشون حياتهم اليومية تحت الفحص المستمر من قبل الكاميرات في محلات البقالة والبنوك، في الأروقة والمصاعد، في مفترق الطّرق والمنتزهات العامة؟.

فكرة استيائي من أنّني مراقبة حيثما ذهبت تجعل بعض الأصدقاء والمقرّبين ينظرون إليّ كما لو أنّي مهووسة بشكل مبالغ به، بل حتّى ابنتي الصّغيرة تدير عينيها في وجهي حين تسمعني أتحدث عن الأمر.

غير أن قلقي هذا يجد له سنداً في ما ينقله وثائقي آسية البونداوي الصّادم "الشّعور بأنّك مُراقَب". تتذكر البونداوي، وهي ابنة مهاجريْن جزائرييْن أقاما في إيلينوي، أنها استيقظت ذات مرة حين كانت في السادسة عشرة من عمرها، في الثالثة ليلاً، لترى عبر النافذة شخصين يتسلقان سارية أسلاك الهاتف بالخارج ويعبثان بها، فأفزعها ذلك وركضت إلى أمّها لتخبرها عن الأمر، غير أنّ الأخيرة كانت على بيّنةٍ.. "اهدئي، لا داعي للقلق، عودي إلى فراشك، في الغالب هؤلاء الأشخاص ينتمون للإف بي آي!".. هكذا ردّت عليها.

نحن في سنة 2001، ومراقبة السكان العرب في إيلينوي بدأت بالفعل قبل سنوات، طبقاً لبحث يجريه المكتب الفدرالي للتحقيقات FBI، عُرفَ بعملية الخيانة المبتذلة Vulgar Betrayal. في الفيلم الوثائقي تستجوب البنداوي عائلتها وأصدقاءها والسكان المحليين من جيرانها ومسؤولي المسجد المحلي، بعضهم شارك قصصاً عن سيارات ظلّت مركونة قبالة منازلهم لمدة ساعات، وأشخاص بسترات رسميّة يفتشون بين براميل القمامة، البعض الآخر رفض التّحدث أمام الكاميرا؛ وذلك بسبب تأثير عقود من المراقبة الذي جعل الكثيرين يرتابون من التحدث عن أي شيء سياسي.

ولمُواجهة هذا الخوف والصّمت، قدّمت البنداوي العديد من طلبات الحقّ في المعلومة للإف بي آي، وبعد رفض طلباتها، رفعت عليهم دعوى قضائية حتّى تجبرهم على نشر الوثائق التّي جمعوها، وقد مثلت بعد ذلك أمام المحكمة فـمنح لها حقّ الاطّلاع على نحو 33000 ورقة توثّق سنوات من المراقبة لسكان مدينة بريدج فيو- إيلينوي مِنَ العرب.

"الشُّعورُ بأنّكَ مُراقَب"، هذا الوثائقي الذّي تمّ عرضه في العديد من مهرجانات الأفلام، وعلى شاشة PBS مؤخرا، جعلني أدرك حجم الانتهاك الحكومي لحقوق الخصوصية لمئات الأشخاص دون أيّ محاسبة تذكر؛ ولقد تمكّنت الحكومة الأمريكية من القيام بذلك لأنّ المراقبة استهدفت دائرة ضعيفة: اللاجئون والمهاجرون العرب، وطبعا أطفالهم "الأمريكيون".

لا أعني هنا بأيِّ حال بأنَّ المُراقبة اقتصرت على السكان غير البيض فقط. لكن، قبل عدة سنوات، كشفت "الأسوشيد بريس" في إحدى تحقيقاتها؛ كيف قادت شرطة نيويورك حملة لمراقبة مسلمي المدينة، إذ أرسلتْ حينئذٍ مجموعة من الضباط بملابسَ مدنيّة إلى الأحياء التي توجد بها نسب كبيرة من المسلمين، لمراقبة المساجد والمحلات التجارية. بل وتسلل الضباط بين مجموعات الطلبة والتلاميذ، ومُنحَ لهم الحقّ في الدّخول إلى المنازل لجمع المعطيات. هذا البرنامج الذي رعاه في الأصل ضابط سابق في السي آي إي سنة 2003، بشراكة مع شرطة نيويورك، فشلت الشّرطة من خلاله في إيـجاد ولو دليل واحدِ موثوق عن الإرهاب، واضطرّت في ما بعد إلى إيقافه حينَ صارَ مثار انتقادٍ علنيّ.

تنبع مخاوفي من موضوع المراقبة من تجربة خاصة، فقد نشأت في المغرب خلال فترة الرقابة والقمع الشّديدين، والتي عرفت في ما بعد بـ"سنوات الرصاص"؛ فلا يكاد يمرّ أسبوع إلاّ ويخبرنا والداي بأن الجدران لها آذان، ما يعني أنه ينبغي أن نراقب ما نقوله في الأماكن العامة، وأن نتجنب الحديث عن أي شيء سياسي، خشية أن يتم التبليغ عنا لأجهزة المخابرات. وتلك هي المفارقة الكبرى التّي أعيشها، فرغم أنني أقيم الآن في "أرض الحريّة"، إلا أن الإشعار لازال ساريًا.

إنّ أَشكال الحماية التي ينصّ عليها الدستور الأمريكي لا تعني أي شيء، ما لم تتوفّر المزيد من الشفافية والمساءلة بخصوص البرامج الحكومية للمراقبة. وبالنظر إلى مدى سرعة التطوّر التكنولوجي، من الضروري، أيضاً، أن نـخضع برامج المراقبة الخاصة بالشركات للمساءلة الديمقراطية كذلك.

 

قد يهمك ايضا
نسرين الراضي تُغضب جمهورها من جديد في أحدث جلسة تصوير
"أمازون" تتجسس على مقاطع خاصة عبر الكاميرات المنزلية السحابية

yeslibya
yeslibya

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كاتبة مغربية تنتقد مراقبة الكاميرات لتفاصيل حياة الإنسان بأمريكا كاتبة مغربية تنتقد مراقبة الكاميرات لتفاصيل حياة الإنسان بأمريكا



GMT 12:33 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مغربي خبير في الطاقات والتعدين يربط ألمانيا بدول إفريقيا

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 12:15 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مصطفى الرميد ينادي بالتوفيق بين الإسلام وحقوق الإنسان

GMT 12:09 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الدفاع الجديدي يتطلع للتألق مع الجزائري عبد القادر عمراني

GMT 12:05 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عمر بلمير يتخلى عن شقيقته في أول أغنية "راي"

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 20:49 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تنتظرك أحداث مهمة وسعيدة

GMT 06:40 2018 الخميس ,03 أيار / مايو

طرق إختيار الزيت المناسب لنوع الشعر

GMT 13:15 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"ميلان" يرغب في الحصول على خدمات المهاجم ماركوس راشفورد

GMT 10:05 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

كمال الشناوي

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,28 آذار/ مارس

تعرف على أفضل "المتاهات الثلجية" حول العالم

GMT 11:15 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

محافظ الخرج يلتقي أعضاء المجلس المحلي الجديد

GMT 07:21 2018 الخميس ,08 شباط / فبراير

ماكرون يقبل دعوة "زيارة دولة" إلى البيت الأبيض

GMT 08:43 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

المدافعون عن حقوق الإنسان

GMT 20:16 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

جماهير عُمان تسقط على الملعب أثناء الاحتفال بلقب خليجي 23

GMT 13:30 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

الاقتصاد الوطني المغربيّ يسجل نسبة نمو بلغت 3.8 %

GMT 00:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

منير الجعواني "مستعدّ" لتدريب الفريق البركاني خلفًا للطاوسي

GMT 10:51 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يخرج عن صمته ويوجِّه كلامًا قاسيًا للحكيمي

GMT 14:09 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

مدينة أغادير تحتضن نسخة جديدة مِن "ميس أمازيغ" 2018

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 17:52 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق واتفورد يواصل التميز بفوز كبير على نيوكاسل السبت

GMT 14:56 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الممثلة إلهام شاهين تتحدث عن مواقفها مع الفنانة شادية
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya