أكملت غريبة العلاوي ثلاثة عقود من العيش فوق الأراضي الألمانية، البلد الأوروبي الذي وصلت إليه يافعة؛ لكن ذهنها المركّز على الاستثمار لا يفتأ عن التفكير في خوض تجربة مغربية.
تعتبر العلاوي نفسها واحدة ممن يمكن أن يكونوا مثالا للأشخاص العازمين على تغيير مستقبلهم نحو الأفضل، خاصة أن مسارها يجمع بين التحدي، من جهة، والاستفادة من آراء محيطها الاجتماعي، من جهة ثانية.
الهجرة والمراهقة
بصمت غريبة العلاوي على هجرة مبكرة نحو ألمانيا، إذ غادرت إقليم بركان للحاق بأسرتها، في أوروبا، وهي لم تجاوز الربيع الثالث عشر من حياتها ولا فترة التعلم الإعدادي في المغرب.
وتعلن غريبة أن تجمع أفراد الأسرة في مدينة "هورت"، بعيدا عن البيئة التي رأت فيه النور وتلقت بين أحضانها التعليم، قد لاح غريبا وسط تغيرات سن المراهقة حينها.
"وجدت صعوبة كبيرة في التأقلم مع الحياة الجديدة، ومع مرور الوقت أخذت أعتاد على ما يحيط بي، خاصة أنني واصلت التمدرس ثم تكونت في تسيير الأعمال"، تقول العلاوي.
الفندقة والسكة الحديدية
خضعت الوافدة من بركان لتكوين مهني في التسيير والتدبير، وحرصت على لملمة الخبرات الميدانية مبكرا، بالموازاة مع التأطير النظري، بالإقبال على اشتغالات في مجال الفندقة.
قبلت غريبة العلاوي، بعد تخرجها في مدينة "آلت هورت"، التعاقد مع شركة تدبيرية مرتبطة بخدمات إحدى محطات القطار، مستقرة في هذه التجربة 10 سنوات كاملة.
وتقول المغربية ذاتها: "هذه الأعوام من العمل أفادتني في ضبط العديد من المسائل التدبيرية، وعززت قدرتي على حل المشاكل، بينما كنت في عطلة أمومة حين قررت تغيير واقعي".
تشجيع المعارف
تقرّ غريبة العلاوي بأنها كانت تنخرط في ساعات من العمل الجزئي عند استفادتها من عطلة أمومة، سنة 2005، قائمة بمهام في سكريتارية أحد المحامين.
وتستحضر العلاوي مختلف تفاصيل تلك المرحلة قبل أن تزيد: "كنت قريبة من الرجوع إلى اشتغالي في السكة الحديدية، مع وصول العطلة حدّها؛ لكنّ معارفي أخذوا في نصحي بإنشاء شركتي الخاصة".
"التحفيز الذي تلقيته من المحيطين بي جعلني أدرك أن الجهد التدبيري الذي يستفيد منه غيري يمكن أن يشكل انطلاقة جديدة لحياتي. ولذلك، قررت مجاراة الجميع بنية تغيير واقعي"، تردف غريبة العلاوي.
"بي. جي. إس" في كولونيا
عملت المرأة المنتمية إلى قبيلة بين يزناسن على إطلاق شركتها "بي. جي. إس"، ومقرها الاجتماعي الحالي في "كولونيا" الألمانية، بعدما اختارت أن تحدد خدماتها في النظافة والسلامة الصحية.
برزت صعوبات في الترويج للمشروع خلال البداية، وفق غريبة العلاوي؛ لكن الدعم النفسي كان يحضر دوما حين تتذكر مسارها المهني السابق، خاصة الإشراف على طواقم بشرية من عشرات الأفراد.
وتشدد المغربية عينها على أن التوفيق حضر بعد فترة قصيرة من الصبر، وصارت الشركة المؤسسة سنة 2007 ظافرة بصفقات في كولونيا ونواحيها ودوسلدورف وبون وفرانكفورت، مع مرافق اقتصادية وإدارية وقنصلية.
تدخلات في المغرب
مستجمعة 30 سنة ونيف في الهجرة تؤكد، من جهة أخرى، أنها حريصة على التوجه نحو المغرب مرات عديدة خلال كل عام، وتعلن عزمها افتتاح مشروع خاص بها فوق أرض المملكة.
تقول غريبة العلاوي في هذا السياق: "صحيح أن تركيزي منصب حاليا على مزيد من النجاح للشركة التي أخصص لها كل جهدي في ألمانيا؛ لكنني أميل إلى الانتقال بممارستي المهنية، أيضا، إلى المغرب".
بعد استحضار زيارتها فنادق مغربية كثيرة ورصدها عيوبا في النظافة بين فضاءاتها؛ تسترسل العلاوي: "اهتمامي يطال الميداني السياحي ببلدي الأصلي، وأريد أن أساهم في الرقي بمنشآته عبر ما خبرته في ألمانيا طيلة مساري".
استعجال الكسب
لا تبتغي العلاوي تقديم نصائح للشابات والشبان المغاربة في غير ما تجيده، مفضلة الانطلاق من تجربتها الاستثمارية وهي تعلن أن "استعجال جني الثمار يبقى العدو الأول لكل راغب في النجاح".
وتشدد غريبة على أن الحياة تحتاج العطاء أولا، من خلال الإقبال على العمل بجد بالغ دون حسيب ولا حاجة إلى رقيب، رابطة ذلك بضرورة التحلي بدرجة عالية من الصبر قبل البحث عن الفلاح.
"ينبغي تسخير رأس مال معنوي في أي استثمار، وبعدها يمكن البحث عن الرأسمال المادي ليقدّم المساندة المطلوبة في التغلب على إكراهات الزمن"، تختم غريبة العلاوي كلامها.
قد يهمك ايضا
تسهيلات بالجملة للراغبين في الهجرة إلى كندا
المهرجان الدولي للسينما والهجرة بأغادير يمنح فيلم "رافاييل" الجائزة الكبرى
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر