دعا محند إدير مشنان، وهو مستشار وزير الشؤون الدينية بدولة الجزائر ورئيس لجنة الإفتاء والإرشاد الديني، إلى النظر إلى التسامح كمفهوم سياسي واقتصادي لتحقيق التكامل المعرفي حوله وألا تقتصر فكرته على البحوث الدينية والفلسفية والاجتماعية فقط.
وأشار مشنان، خلال مشاركته في ندوة حول "حدود التسامح.. من الاعتراف إلى التعارف" ضمن فعاليات الملتقى السادس لمنتدى تعزيز السلم المنعقد في أبوظبي، إلى أن التسامح "قيمة إنسانية إذا أُحسن توظيفها والاستثمار فيها ستتحول إلى مشروع للتعاون البشري الذي يُنجي المجتمعات البشرية من الكثير من الويلات التي تعيشها في هذا الزمان".
وأكد مستشار وزير الشؤون الدينية بدولة الجزائر ورئيس لجنة الإفتاء والإرشاد الديني، أمام ثلة من المشاركين من مختلف دول العالم وممثلين عن الديانات السماوية الحاضرين في الملتقى المستمر على مدى ثلاثة أيام، أن "الأفكار الجميلة إذا لم تجد من يتبناها ويدافع عنها فلا يمكن أن تقوم لها قائمة".
وفي نظر المتحدث، فإنه "ينبغي أن تكون للحق قوة تدافع عنها، ناهيك عن السعي إلى الاستثمار في التكامل المعرفي من خلال خدمة فكرة التسامح، حتى لا تبقى البحوث التي تدرسها هي البحوث الدينية والفلسفية والاجتماعية؛ لكن ينبغي أن يُنظر إليها كمفهوم سياسي واقتصادي وأن تتظافر العلوم التقنية والطبية لخدمته في ما يُسمى بالتكامل المعرفي الذي تنشده الجامعات".
واعتبر مشنان أن "الإسلاموفوبيا والتطرف الديني العنيف اتجاهان يبدوان لأول وهلة أنهما متضادان ومتصارعان ومتعاديان؛ لكن النظرة العميقة فيهما توحي بأن بكل واحد من الاتجاهين يمد الآخر"، وزاد قائلاً: "هناك تغذية مشتركة رجعية بين التيارين".
في المقابل، تساءل المتحدث قائلاً: "لسنا ندري إذا كانت هذه من طُغيان نظرية المؤامرة كما يقال ولكن لعل التاريخ سيكشف في يوم من الأيام أن المخابر التي صنعت التطرف الديني العنيف هي ذات المخابر التي صنعت الإسلاموفوبيا المتطرفة".
ويرى مشنان أن هناك مهددات كثيرة لقيمة التسامح في المجتمعات الإنسانية متمثلةً في القضايا العالمية العالقة؛ ومن بينها قضية التفاوت المذهل بين شعوب المعمور، حيث أورد أن "1 في المائة من سكان العالم يملكون 50 في المائة من ثروات العالم".
وأورد مستشار وزير الشؤون الدينية بدولة الجزائر ورئيس لجنة الإفتاء والإرشاد الديني أن "قضية فلسطين التي تبقى أزمة عالمية ينبغي أن يُلتَفت إليها التفاتاً حقيقياً تجتمع فيه الديانات والاتجاهات من أجل أن يُوجَد لها الحل الطبيعي الحقيقي العادل الذي يتماشى مع القوانين الدولية لإيقاف هذه الموجهات من العنف والعنف المضاد الذي تعاني منه البشرية".
ودعا الباحث الجزائري إلى النظر إلى بعض المؤيدات التي تؤيد مبدأ التسامح كالمساواة في أصل الإنسانية واحترام حقوق الإنسان والحفاظ على المصالح الضرورية المشتركة بين البشر وتعزيز دولة القانون وترسيخ قيم المواطن وتعزيز القيم الأخلاقية والإنسانية، ناهيك عن نُشدان الحياة الروحية الراقية بالتصوف الذي يُهذب النفس الإنسانية والاستثمار في سُنة التدافع.
وفي شرحه لبعض المفاهيم التي اعتبرها جليداً أمام السير نحو التسامح، قال منشان إن "التكفير يُتخذ وسيلةً لتغذية معاني اللاتسامح ولكن إذا نظرنا إلى معناه الاصطلاحي فهو يعني عدم الإيمان، والحقيقة أن كل أهل دين يرون أن أهل الدين الآخر لا يؤمنون بدينهم وهذا ما يعني الكفر".
وأوضح مستشار وزير الشؤون الدينية بدولة الجزائر ورئيس لجنة الإفتاء والإرشاد الديني، في هذا الصدد، قائلاً: "المشكل يكمن حين يتم اتخاذ ذلك وسيلة للتدمير والاعتداء، والإسلام الذي يقوم مثلاً ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه هو الإسلام الذي يقول لا إكراه في الدين".
وأضاف شارحاً: "الإسلام الذي يمنع على معتنقيه أن يشربوا الخمر بل يعاقبهم على ذلك هو ذات الإسلام الذي يحمي زجاجة غير المسلم ويُضمن المسلم إذا اعتدى عليه، لذلك إذا نظرنا إلى قضية الكفر نظرةً عميقةً فهي لا ينبني عليها أثر في الدنيا بل في الآخرة وكذلك وحدة الخلاص، فهذا شأن أُخروي وليس شيئاً دنيوياً، والتسامح مجاله الزمني وليس الآخرة".
جدير بالذكر أن الملتقى السادس لمنتدى تعزيز السلم، الذي يستمر إلى غاية يوم الأربعاء، يعرف مشاركة نحو ألف شخصية من القيادات الدينية والفكرية حول العالم، وقد اختير للنسخة السادسة من الملتقى موضوع "دور الأديان في تعزيز التسامح".
ويهدف الملتقى إلى إحداث تحوُّل في المنظور الديني والقانوني للتسامح، بما يدعم مسارات المواطنة الحاضنة للتنوع، ويضمن حق أهل الأديان جميعاً في ممارسة شعائرهم في جو من الكرامة والسكينة والحرية المسؤولة.
كما يسعى الملتقى إلى بيان أُسس التسامح ومظاهره في الإسلام، من خلال التأصيل العلمي والتأثيث الفقهي للتعددية الدينية في الإسلام، وتجديد النظر وتحقيق القول في التعامل مع الآخر، خصوصاً فيما يتعلق بالنسائك والمعابد والتهنئة بالأعياد.
قد يهمك ايضا
ماكرون يشيد بدور الملك السادس في محاربة التطرف الديني
حكومات الساحل تبحث في الجزائر محاربة التطرف الديني
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر