الحاج إدمون المالح كاتب مغربي دافع عن القضية الفلسطينية
آخر تحديث GMT 07:17:55
المغرب اليوم -

"الحاج" إدمون المالح كاتب مغربي دافع عن القضية الفلسطينية

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

الكاتب والمناضل المغربي إدمون عمران المالح
الرباط - المغرب اليوم

غادرَنا منذ سنوات تسعٍ الكاتب والمناضل المغربي إدمون عمران المالح، بعد حياة مليئة بالإبداع الأدبي، والتأمّل الفنّي، والنضال من أجل الحرية قبل استقلال المغرب وبعدَه، وضدّ عمل الحركة الصّهيونية في شمال غرب إفريقيا لتهجير يهود المغربِ لبلاد غير بلادِهِم، وضدّ الإجرام الإسرائيلي في حقّ الشّعب الفلسطيني.

وكان يرى إدمون عمران المالح، في لقب الحاجّ إدمون، الذي كان يناديه به بعض جيرانه وبعضً من يعرفونه ويقدّرونه، انعكاسا لجوّ من "الاعتراف والمحبّة" يعرفه المغرب، ويُوَقِّرُ فيه النّاس كبير السّنّ "ويعطونَه مكانا"، وهو ما دفعه للحديث عن كون الأمر المهمّ في المغرب هو "العلاقات الإنسانية"، مهما اختلفت الأعمال والمهن، وهو ما لم يرَه في مدن أخرى، أو عالَم آخر.

وكان المالح من بين المناضلين من أجل استقلال المغرب عن المستعمِر الفرنسيّ، كما كان من بين وفد الحزب الشيوعي المغربي الذي قدَّمَ للملك محمد الخامس وثيقة تدعم "وثيقة المطالبة بالاستقلال"، حَسَبَ الباحث حسن النّجمي، ولكنّه اختار سنة 1965، بعد سنوات من التّواري السياسي، منفى هو عاصمة الأنوار باريس، بعد أحداث 23 مارس الدّامية، دون أن يغادِرَه بلَدُه، ودون أن يطلب الجنسية الفرنسية.

وفي منفاه الاختياري كتب إدمون عن المغرب، وعن هجرة يهودِه بلدهم، وعن المجازر الإسرائيلية، بعدما جاوز سنّه الستّين، بعد عمله أستاذا لمادّة الفلسفة، وصحافيّا، باللغة الفرنسية، مع حضور الدّارجة المغربية في أعماله، هنا وهناك.

وأكّد إدمون عمران المالح، في حوار له مع الشّاعر ياسين عدنان بالدّارجة المغربية، أنّ فرنسيّته ليست فرنسية الفرنسيّين، مع أنّه داخلٌ في عمق الثّقافة الفرنسية (...)، وأنّ هذا التعمّق يسمح له بمعارضة الفرانكفونية كمشروع سياسي، ثم وضّح: "أكتب أدبا مغربيا باللغة الفرنسية"؛ لأن هناك أدبا مغربيّا واحدا، موزَّعا على لغات متعدّدة ومختلفة، منها العربية والأمازيغية والفرنسية والإسبانية والهولندية، "مثل شجرة تُزهِر".

كما ذكر فقيد المغرب، في برنامج "مشارف"، في سياق شرحِه تفضيلَه تعريفَه بـ"مغربي يهودي"، لا "يهوديّ مغربي"، أنّ كلّ هذا الهرج حول التسامح يجب أن نترُكَه، "لأننا أبناء أمّة واحدة، مغاربة أوّلا وقبل كلّ شيء، وأبناء أمّ واحدة، والامتياز هو أنّ أحدنا يتّبِع الدّين المسلم، وأحدنا يتَّبِع دين اليهودية، ولا يجب أن نخلق لَبسا بقول إنّ المسلمِين يقبَلون اليهود، أو اليهود يقبلون المسلمين…فهذا دخول في معمعة إيديولوجية، لا أرى وسيلة، أو أيّ باب، إذا غرَقنا فيها، للخروج منها".

كما أكّد عمران المالح على ضرورة "ألا يفقد المغرب ذاكرته"، وعلى ضرورة "ضمان الاستمرارية"، وكان يُولي الدّارجة المغربية، والأمازيغية، مكانة مهمّة في هذه الذاكرة، فيقول: "اللغة هي التي تؤسّس الهوية، والعبرية لغة الصلاة، التي لا يعرف معظَم اليهود المُصَلّين معاني الصّلوات التي يؤدّونَها بها، وكان يجب أن يشرحها لهم أحد بالعربية الدّارجة حتى يفهموها. ولم يبدأ الحديثُ بالعبرية في البلاد إلا مع صهاينة بالمغرب، وانطلاقا من اللحظة التي أعادت فيها الدولة الإسرائيلية إحياء العبرية بشكل حديث، في حين كان الأساس هو العربية الدّارجة، والأمازيغية".

وعُرِفَ إدمون عمران المالح، طيلة حياته، بمواقفه المساندة بقوّة للقضيّة الفلسطينية والمعارِضة بشدّة للدولة الإسرائيلية، ونُقِلَ عنه بشكل واسع قوله: "خَلْقُ إسرائيل خيانة لليهودية"، كما عُرِفَ بكتاباته الأدبية، التي كان أوّل ما نشر منها "المجرى الثابت"، سنة 1980، ثمّ "أيلان أو ليل الحكي"، و"ألف عام بيوم واحد"، والعديد من المؤلَّفات الأخرى، وصولا إلى آخرها "رسائل إلى نفسي"، وهو العمل الذي نُشِر سنة وفاته؛ كما عُرِفَ بكتاباته النّقديّة حول الأعمال التشكيلية المغربية المعاصِرَة، فكتب عن أعمال فنّانين من بينهم، على سبيل المثال لا الحصر: أحمد القاسمي، وأحمد الشرقاوي، وفنّانه وصديقه المقرَّب خليل الغريب.

وبعد حياة مديدة وحافلة، انطلقت بمدينة آسفي عام 1917، نَافَحَ فيها عن المغرب، وذاكرته، وإبداعه، وتعدّده، وإنسانية الإنسان، أسلم الحاج إدمون روحه إلى بارئها، في اليوم الخامس عشر من شهر نونبر سنة 2010، ودُفِنَ بمدينة الصويرة، بمقبرة عبريّة توقَّفَ الدّفن فيها منذ أزيد من قرن، فيها شاهدٌ يُقرَأ فيه اسم إدمون عمران المالح، بلغات أربع، هي: العربية، والعبرية، والأمازيغية، والفرنسية.

 

قد يهمك ايضا
تسليم جائزة "المغرب للكتاب" للفائزين من ثمانية فئات أبرزها الشعر والإبداع الأدبي
رواية "على بعد ميلمتر واحد" تفوز بجائزة الإبداع الأدبي

yeslibya
yeslibya

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحاج إدمون المالح كاتب مغربي دافع عن القضية الفلسطينية الحاج إدمون المالح كاتب مغربي دافع عن القضية الفلسطينية



GMT 12:33 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مغربي خبير في الطاقات والتعدين يربط ألمانيا بدول إفريقيا

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"

GMT 12:15 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مصطفى الرميد ينادي بالتوفيق بين الإسلام وحقوق الإنسان

GMT 12:09 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الدفاع الجديدي يتطلع للتألق مع الجزائري عبد القادر عمراني

GMT 12:05 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عمر بلمير يتخلى عن شقيقته في أول أغنية "راي"

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 08:46 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

وزارة الثقافة المغربية تنعى الباحث محمد الفايز

GMT 00:15 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

تدشين عدد من المشاريع التنموية في طانطان

GMT 12:34 2015 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

المنسف الأردني الأصلي

GMT 23:40 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

ربيع فايز يحصد ذهبية في بطولة أميركا المفتوحة للرماية

GMT 06:09 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

سيدة "داعش" الأولى تكشف أسرار العمليات العسكرية للتنظيم

GMT 20:22 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق دوري المستقبل للتنس في أكادير
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya