وجدة - إبن عيسى
رصد تقرير دولي، صدر أخيرًا، ارتفاع معدل الجريمة في المغرب بشكل لافت، وصنف المغرب كتاسع دولة أفريقية تشهد ارتفاعًا في معدلات الجريمة، وتراجعًا في مستوى السلامة الصحية. وكثيرًا ما اهتز المواطنون على وقع جرائم قتل مروعة، يرتكبها الجاني في حق أفراد أسرته أو أقاربه، مثل المجزرة الدموية التي وقعت في ضواحي الجديدة، في مارس / آذار الماضي، حيث أقدم الجاني على قتل 10 أفراد من عائلته، منهم والديه وزوجته، ويضاف إليها جريمة قتل شرطي لزوجته في الدار البيضاء، وقبلها مجزرة مسجد تطوان، التي راح ضحيتها أربعة مصلين، منهم إمام المسجد، إلى جانب جرائم قتل بشعة أخرى، نفذها الجناة في حق والديهم، أو زوجاتهم، أو أولادهم، وهي جرائم وقعت نتيجة مجموعة من الأسباب، يرجع أغلبها إلى معاناة الجناة من أمراض عقلية.
وقال الأخصائي النفسي أبو بكر حركات: "إن الجريمة في حق الأقاب أو ضد الآخرين لم تكن معروفة في المغرب قبل 20 سنة، لكن في السنوات الـ10 الأخيرة ارتفعت كثيرًا، رغم أن إحصائيات الشرطة تقول إنها منخفضة، لكن ما نلاحظه ونشاهده هو أن الجريمة ارتفعت بشكل كبير". وأرجع "حركات" سبب هذه الجرائم إلى المخدرات، وبالأخص القرقوبي (حبوب الهلوسة)، موضحا أن الشخص الذي يتعاطى "الحشيش" مثلاً، لا يمكنه أن يرتكب جرائم من هذا النوع، في حين أن تعاطي الأقراص المهلوسة يجعل الشخص يفقد السيطرة على نفسه، ويصبح عدوانيًا بطريقة خطيرة، وإن لم يجد من يوجه عدوانيته ضده، يوجهها ضد نفسه، لذا دائمًا نجد أذرعهم مجروحة (مُشَرَّطة".
ويؤكد الأخصائي النفسي أن الجريمة تفاقمت بشكل كبير، ويرجع ذلك إلى عدة معطيات، اجتماعية بالخصوص، كالبطالة، وعدم وجود الأندية، والملاعب الرياضية، لفريغ طاقات الشباب، وهي عوامل تدفع بالشخص إلى تعاطي المخدرات، كحل للهروب من الواقع، وبالتالي يصبح مدمنًا عليها. وأضاف "حركات" بالقول: "قبل ذلك كنا نعلم أن هناك من يتعاطى الكحول، لكن من يتعاطاه لا يقتل أمه أو والده، ربما يتشاجر مع صديقه، ويصل الأمر إلى حد القتل، ولكن في حالات استثنائية، في حين أن تناول الأقراص المهلوسة يؤدي إلى أمراض نفسية خطيرة، تدفع الإنسان إلى ارتكاب أفعال وحشية، بدون أن يعي ما يفعل".
وعن الحلول التي من شأنها أن تضع حدًا لهذه الجرائم، قاول "حركات": "إن الحلول تتضافر فيها مجموعة من الجهود، حيث يوجد فيها الجانب الاجتماعي، والجانب الاقتصادي، والجانب التربوي، كالمدرسة والرقابة الأبوية، والرقابة الاجتماعية"، لافتًا إلى وجود قضية يجب أن يعاد فيها النظر، وهي المنظومة العقابية، لأنها من الممكن أن تصنع مجرمين. وأضاف: "ما معنى أن يتم اعتقال شخص متناول لحبوب الهلوسة (مُقرقب)، وبعد قضائه ستة أشهر تقريبًا، يخرج من السجن، ثم يتم اعتقاله مرة أخرى، وهو (مقرقب)، ومعتدٍ على شخص آخر، تسبب له في عاهة؟"، مؤكدًا أنه بدخول هذا الشخص إلى للسجن، سيزيد إدمانه على حبوب الهلوسة، وبعد قضائه لعقوبته، يخرج مرة أخرى، وهكذا يصبح معتادًا على الأمر، وبالتالي تجب إعادة النظر في المنظومة العقابية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر