الجبّة القبائلية أو "ثاقندورث نلقبايل" باللغة الأمازيغية، تاريخ المرأة القبائلية الشامخ، وأصالة منقوشة في صدور حرائر القبائليات.
ترجع أصولها إلى مئات السنين، يكفي أنها تعبير وامتداد للحضارة الأمازيغية، أين كانت المرأة القبائلية تخيطها يدويًا، من خلال طرز رموز على القماش، وحتى على الجدران لتعبر عن شعورها سواء بالغضب أو الانزعاج، دون أنَّ تظهر ذلك لزوجها احترامًا له ولهيبته، بغرض حماية التماسك العائلي، معتمدة على وسائل تقليدية، وفي كل مرة كانت تبدع فيها إلى أنَّ وصلت إلى ما هي عليه الآن، إذ صارت ثقافة الجزائر الأولى رغم التطور السريع الذي يشهده عالم الألبسة.
وتعد منطقة القبائل التي تمتدّ منطقة القبائل الجزائرية المحصورة بين دلس في ولاية بومرداس إلى بجاية مرورا في ولايتي البويرة وتيزي وزو إلى الشرق من العاصمة الجزائرية من أشد المناطق محافظة على تقاليدها، ويعدّ هندام المرأة القبائلية من أشد رموز هذه المنطقة ، كما يعرف عن بناتها حسنهن وجمالهن الفاتن.
تبدو لزائر القبائل الكبرى الأصالة، التاريخ العريق والثقافة الواسعة، بالنظر إلى ما لها من عادات وتقاليد، لاسيما تلك التي تميز نمط عيش أهلها، ومن ذلك اعتمادهم على الأواني الفخارية، تمسكهم باللباس التقليدي والذي يزيد المرأة القبائلية بهاء على بهاء، بتزينها بمختلف الحلي المصنوعة من الفضة.
ولا يمكن الحديث عن ثقافة بلد ما دون أنَّ يعرج فيه على الزّي التقليدي الخاص الذي يميّز شعبه، فهو في الأصل إحدى أبرز ما يعكس تاريخ هذا الأخير.
من جهتها، تنفرد ولاية تيزي وزو بزيها التقليدي الذي يعبر عن شخصية المرأة الأمازيغية الحرة الشريفة، وهو عبارة عن جبة قبائلية، فستان يتم خياطته من مختلف الأقمشة بشتى أسمائها كالحرير، "أجقيق تفسوث" التي يعنى بها "أزهار الربيع"، "دلاموني"، "طفطاف" و"بحاشيات" من مختلف الأصناف والألوان، تضاف إليها الفوطة أو المحرمة كما يسميها البعض، وهي عبارة عن قطعة قماش مطرّزة تلفها حول خصرها فوق الفستان.
وفستان يتم خياطته بحاشيات كثيرة ومختلفة الألوان، تضاف إليها الفوطة "قطعة من القماش" التي يشترط أنَّ تخاط بالنوع ذاته ولون الحاشيات التي يخاط بها الفستان.
تجد مختلف الفتيات القبائليات يرون في امتلاك الجبة القبائلية أكثر من ضرورة حتى لا نقول حتمية، حتى أنَّ معظمهن يحرصن يوم خطوبتهن أو زفافهن على ارتدائها، إذ تجعلها تشعر بأصلها وأنوثتها.
وفي حديثنا إلى الخياطة "مليكة"، وهي صاحبة محل لخياطة اللباس القبائلي منذ ثلاثة أعوام، قالت إنه يتم خياطة نحو 1000 فستان سنويًا، ويتم بيعها لمحلات الألبسة الجاهزة أو إلى النسوة اللواتي يطلبنها، واللواتي يخترن هذا النوع من المحلات من أجل الحصول أو خياطة هذا النوع من الألبسة وفقا لمقاساتهن، وتبعًا لاختيارتهن للون الفستان والحاشيات التي يفضلنها.
أما عن السعر فتقول المتحدثة ذاتها أنه يختلف بحسب عدد الحاشيات التي يتم وضعها في الفستان والفوطة، إذ توجد فساتين غير مملوءة بالحاشيات وثمنها يتراوح بين ألف وخمس مائة دينار إلى ألفي دينار ونصف مملوءة من ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف والمملوءة جدًا قد تصل إلى سبعة آلاف دينار، إذ يرتفع سعرها في المناسبات والأعراس.
لكن، مع مرور الوقت بدأت تدخل لمسات عصرية على الجبة القبائلية، وفي هذا الشأن أوضحت السيدة "صفية"، وهي مصممة أزياء، أنّ "التطور الزمني وتعدد الطلبات، عزّز فيناالإرادة للحفاظ على تراثنا، حتى أن بلوغ ذلك بات هاجسًا اليوم، لهذا ارتأينا أنَّ إعادة النظر في التصميم وتقديم تصاميم جديدة أكثر عصرية والتي من شأنها أنَّ تضيف إلى اللباس التقليدي لمسة عصرية، مع الحرص على المحافظة على جمالية وتميز "جبة" المرأة الأمازيغية عن غيرها من نساء العالم".
"تاعصبت"، "دحدوح" و"ثازبا" حلي المرأة الأمازيغية، المتمثلة في الفضة، توجد أصناف كثيرة منها؛ الفضة الجديدة، وهي الفضة ذات اللون الأبيض الناصع ومنها تصنع "تاعصبت"، وهي عبارة عن سلسلة كبيرة وعريضة يتم وضعها على الرأس، ومنها أيضًا تصنع "ثازبا"، وهي سلسلة يتم وضعها على العنق.
كذلك "دحوح"، وهي عبارة عن سوار يتم وضعه في اليد بالإضافة إلى "الخلخال"، والذي يوضع في الرجل كما تصنع منها الخواتم والأقراط بمختلف أشكالها، وإلى جانب ذلك توجد الفضة القديمة ذات اللون الأسود، وعادة ما يصنع منها طاقم الفضة أي القرط والخاتم والسلسلة والسوار من نفس الصنف والتصميم.
ومن أصنافها أيضًا ما يعرف بفضة "المرجان" ذات اللون الأحمر، وتصنع منه عادة الطواقم ثم إنَّ ما يعرف عن المرأة القبائلية أنَّ جهاز عرسها يشترط توافره على مختلف الأنواع الثلاثة السالفة الذكر.
ويبقى ارتداء المرأة للباس التقليدي في منطقة القبائل الكبرى تعبير عن ثقافة الأمازيغ العريقة، وتأكيد على التشبث بما كل ما هو من تاريخ السلف، ولعل ما يبرهن ذلك بالإضافة إلى التصريحات التي تحصلنا عليها هو التراث الغنائي القبائلي الذي كثيرًا ما يشيد في مضمونه باللباس التقليدي القبائلي للرجل والمرأة الأمازيغية، على حد سواء.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر