انقرة - أ.ف.ب
ادت تداعيات الفضيحة المالية التي هزت تركيا الى حصول ازمة سياسية في البلاد الاربعاء بعد استقالة ثلاثة وزراء هم وزراء الداخلية والاقتصاد والبيئة، ودعا الاخير رئيس الوزراء الاسلامي المحافظ رجب طيب اردوغان ليحذو حذوه.ويتوقع ان يعجل رحيل الوزراء الثلاثة بالتعديل الوزاري المتوقع والذي يسبق الانتخابات البلدية التي ستجري في 30 اذار/مارس المقبل.
ويمكن لاردوغان في اي لحظة مقابلة الرئيس عبد الله غول وتقديم تشكيلة حكومته الجديدة. وفي البداية اعلن وزير الاقتصاد ظافر تشاغلايان الذي اتهم ابنه في اطار قضية فساد استقالته الاربعاء. ثم اعقبه وزير الداخلية معمر غولر. وقد اتهم ابنا هذين الوزيرين النافذين في حكومة اردوغان مع نحو عشرين شخصا آخرين في اطار تحقيق عن قضايا فساد طال حلفاء قريبين للحكومة ورجال اعمال كبار.
وبعد ليلة طويلة من الاستجواب في قصر العدل في اسطنبول اودع باريس غولر ابن وزير الداخلية عمر غولر وكنعان تشاغلايان ابن وزير الاقتصاد ظافر تشاغلايان في السجن الموقت صباح السبت طبقا لتوصيات المدعين المكلفين بالملف. كما تم استدعاء ابن وزير البيئة للاستجواب واطلق سراحه فيما بعد.
واستخدم غولر وتشاغلايان مقتطفات مما ورد في خطاب رئيس الوزراء منددين بعملية الشرطة والفضيحة التي تلت ذلك، معتبرين ان الامر يتعلق ب "مؤامرة" لزعزعة حزب العدالة والتنمية الحاكم.فيما بعد اعلن وزير البيئة اردوغان بيرقدار الاربعاء استقالته ودعا رئيس الوزراء ليحذو حذوه. وقال الوزير على شبكة "ان تي" في الاخبارية "استقيل من منصبي كوزير ونائب". واضاف بيرقدار انه ليس ما لديه ما يخفيه عن التحقيق حول مشاريع البناء المذكورة في الفضيحة المالية الكبيرة وبأنه كان يتصرف بعلم كامل من رئيس الوزراء.
وتابع "لذلك، اعتقد ان على رئيس الوزراء ايضا ان يقدم استقالته".وبالاضافة الى هؤلاء، هناك وزير رابع هو وزير الشؤون الاوروبية ايغمن باغيس هو ايضا هدف للاجراءات القانونية لتورطه في فضيحة فساد وهو مشتبه خصوصا بتلقي رشاوى.ونفى هؤلاء الوزراء الأربعة جميع التهم الموجهة اليهم.
وقال رئيس صحيفة "حرييت" دنيز زيرك تعليقا عن الحادث، ان "الدعوة من قبل احد الوزراء لرئيس الوزراء بالاستقالة هو حدث غير مسبوق. هذا احدث صدمة في حزب العدالة والتنمية". من جهته، رحب كمال كلياداراوغلو زعيم المعارضة البرلمانية من حزب الشعب الجمهوري بهذه الاستقالات، معتبرا انها "جاءت متأخرة".
من جانبه، رفض اردوغان الذي يقود الحكومة التركية منذ عام 2002 والذي عاد الى انقرة مساء الثلاثاء بعد زيارة لباكستان استغرقت يومان ابداء اي رد فعل ازاء استقالة الوزراء.ولم يعلق اردوغان الذي كان يتحدث ام كوادر من حزبه العدالة والتنمية على رحيل الوزراء الثلاث المقربين منه ولكنه حذر مرة اخرى من "تداعيات المؤامرة الدولية" التي تحاك لزعزعة استقرار البلاد واقتصادها. وقال "هناك بعدا دوليا لكل هذه المؤامرة، انها قضية تم تقديمها على شكل عملية قضائية ولكنها في الواقع تهدف الى تقويض مستقبل تركيا".
وكان اردوغان الذي استقبله الالاف من انصاره في المطار مساء الثلاثاء اكد امام مستقبليه في المطار "عندما يواصلون وضع الافخاخ ( ... ) فهذا لن يؤثر علينا، نحن سنواصل طريقنا الذي نعتقد انه الاتجاه الصحيح". وندد اردوغان ايضا بالهجوم الذي يتعرض له متهما ضمنيا جمعية الداعية الاسلامي فتح الله غولن باستعمال هذه الفضيحة لضرب التقدم السياسي والاقتصادي لحكومته في السنوات العشرة الماضية.
وبعد ان كانت لفترة طويلة تعتبر حليفة حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2002 اعلنت هذه الجماعة حربا على الحكومة بسبب مشروع الغاء مدارس خاصة تستمد منها قسما من مواردها المالية. واطلق رئيس الحكومة الذي اضعفته هذه الزوبعة السياسية المالية التي اندلعت قبل اربعة اشهر من موعد الانتخابات البلدية، عملية تطهير عميقة في الشرطة، وهي قوة كان عززها سابقا للتصدي لنفوذ الجيش واصبح اليوم يأخذ على مسؤوليها عدم ابلاغ وصايتهم السياسية بتحقيق كان يستهدفها.
والتحدي الاكبر امام اردوغان سيكون الانتخابات البلدية التي ستجرى في اذار/مارس المقبل والتي ينبغي ان تكون بمثابة نقطة الانطلاق نحو الرئاسة الصيف المقبل. ولم يعلن اردوغان حتى الان عن نواياه، ولكن مقيدا بقواعد حزب العدالة والتنمية التي تحتم عليه مغادرة رئاسة الوزراء في الانتخابات التشريعية عام 2015، لم يعد سرا انه يطمح بمنصب رئيس الدولة والذي سيجري انتخابه للمرة الاولى بالاقتراع المباشر.
وتهز تركيا منذ ايام فضيحة فساد كبيرة اودع السجن فيها عشرون شخصا اخر بمن فيهم رئيس مجلس ادارة مصرف "هالك بنكاسي" العام سليمان اصلان ورجل الاعمال المتحدر من اذربيجان رضا زراب. ويشتبه في تورطهم جميعا في الفساد والتزوير وتبييض الاموال في اطار تحقيق اولي حول بيع ذهب وصفقات مالية بين تركيا وايران الخاضعة للحظر.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر