أعلنت حكومة نيوزيلندا أنها ستشدّد قوانين حيازة الأسلحة، بعد أيام من أسوأ مجزرة تشهدها البلاد، بحسب ما ذكرت الحكومة الاثنين، فيما أقال منفذ الهجوم على المسجدين في مدينة كرايست تشيرتش محاميه وسيمثّل نفسه في المحكمة.
وأعلنت رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن أن الائتلاف الحكومي موحد بشأن ضرورة تقليل توفر هذا النوع من الأسلحة الذي استخدمه منفذ الهجوم، المنادي بتفوق العرق الأبيض، برينتون تارنت، أثناء هجومه على المسجدين وقت صلاة الجمعة.
وصرحت وإلى جانبها نائبها وشريكها في التحالف وينستون بيترس "لقد اتخذنا قرارا كحكومة، نحن متحدون".
وأكد بيترس الذي سبق أن عارض حزبه "نيوزيلندا أولا" التعديلات، أنه يدعم رئيسة الوزراء بالكامل، وقال "الحقيقة هي أنه بعد الساعة الواحدة ظهر الجمعة، تغير عالمنا إلى الأبد وكذلك ستتغير قوانيننا"، فيما أكدت ارديرن، رئيسة الوزراء الشابة التي برزت في رد فعلها على المجزرة، أنه سيجري تحقيق في الهجوم المروع، فيما تدور تساؤلات حول ما إذا كانت أجهزة الاستخبارات أخفقت في رصد تحذيرات مبكرة، كما سلطت الأضواء على دور مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن بث المسلح هجومه على الانترنت مباشرة، ومثل مراهق لم يكشف عن اسمه أمام المحكمة الاثنين بتهمة نشر التسجيل.
من ناحية أخرى فتحت الشرطة تحقيقا في إنذار كاذب بوجود قنبلة في مطار مدينة دنيدن، حيث كان يعيش تارنت، ما أدى إلى إغلاق المطار لساعات طويلة الأحد، في حين لا يزال الحزن يخيم على نيوزيلندا الاثنين، حيث يتجمع النيوزيلنديون من جميع شرائح المجتمع للتعبير عن رفضهم واستنكارهم لعملية القتل، وتشكيل جبهة موحدة ضد الكراهية العنصرية.
وأقام أقارب أصدقاء الضحايا صلاة المغرب عند مسجد "النور"، حيث وقع أكبر عدد من القتلى، وتعالت أصوات بكائهم في متنزه قريب كان يتجمع فيه عدد من السكان المحليين.
وقال سيد رضا الذي جاء من مدينة اوكلاند لدفن قريبه الذي قتل في الهجوم، "لقد تصادف أن حان موعد صلاة المغرب، والمسلمون يصلون في أي مكان يتواجدون فيه عندما يحين موعد الصلاة".
وفي وقت سابق قام عدد من السكان الأصليين بأداء مراسم خاصة عند المسجد، أثناء تواجد قادة المسلمين وعدد من المسؤولين المحليين، وبعد ذلك زار عشرات الطلاب موقع الهجوم وأدى عدد منهم رقصة "هاكا الماورية" التقليدية والتي أدتها مجموعات في أنحاء نيوزيلندا عقب الهجوم.
وفي أوكلاند تجمع طلاب كلية "اوريوا" ليشكّلوا قلبا ورسالة "كيا كاها" التي تعني "ابقوا أقوياء" بلغة الماورين كما أعلن منظمو أكبر عرض للأسلحة في نيوزيلندا وهو معرض "كوميو ميليتاريا" قرب أوكلاند الاثنين إلغاء المعرض عقب المجزرة بسبب "المخاطر الأمنية المرتفعة".
ورغم تشديدها الضوابط في التسعينات بعد عملية قتل جماعية، إلا أن قوانين نيوزيلندا المتعلقة بالأسلحة متساهلة نسبيا، حيث يتم منح التصاريح لكل شخص يطلب حيازة أسلحة تقريبا، وقال ديفيد تيبل مدير متجر "غان سيتي" الالكتروني الذي باع تارنت أربع قطع أسلحة، أنه يشعر بالمسؤولية عن عملية القتل، وصرح للصحافيين "لم نرصد أي شيء استثنائي بشأن حامل الرخصة".
وعلى الجانب الآخر، أقال تارنت الذي مثل أمام المحكمة السبت بتهمة القتل، محاميه الذي عينته له الحكومة.
وقال المحامي ريتشارد بيترز، الذي عينته المحكمة لتمثيل تارنت أثناء جلسة استماع أولية في المحكمة، إن تارنت "أشار إلى أنه لا يريد محاميا"، وتابع "هو يريد أن يمثل نفسه في القضية"، مقللا من مزاعم أن تارنت ربما لا يكون لائقا عقليا للمثول أمام المحكمة، كما أكد أن "الطريقة التي قدمها كانت عقلانية وتظهر شخصا لا يعاني أي إعاقة عقلية. هكذا ظهر. بدا أنه يفهم ما الذي يحدث حوله".
وبموجب قانون نيوزيلندا، ففي حال أقر تارنت بذنبه فستسير محاكمته كالمعتاد ما يثير احتمال أن يواجه الناجين من الهجوم وعائلات الضحايا في المحكمة.
وصرح مصطفى فاروق رئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية في نيوزيلندا، للصحافيين أنه يثق بالنظام القضائي، وقال "نحن كمجتمع نود أن يمر ذلك الشخص بالعملية القانونية وأن يتم منحه جميع حقوقه .. نحن نؤمن بالنظام القضائي هنا وواثقون من أنه سينفذ بالطريقة الصحيحة".
إلا أنه نبه إلى ضرورة معالجة التوجهات التي أدت إلى عملية القتل، وقال "يجب عدم السماح باستمرار تصاعد الكراهية .. خاصة من اشخاص يطلقون على أنفسهم صفة التيار اليميني، سواء كانوا جماعات صغيرة أو سياسيين طائشين".
لا تزال عائلات الخمسين شخصا الذين قتلوا في الهجوم، ينتظرون الاثنين الإفراج عن جثث احبائهم فيما يعكف المسؤولون على إجراء التحقيقات، فيما يجري حفر عشرات القبور استعدادا للسماح بدفن الجثامين، التي قال نائب قائد الشرطة والي هوماها أنه سيحدث قريبا.
وصرح "العملية حزينة ومرهقة .. لأنه طبقا للدين الإسلامي أرادت عائلات الضحايا تسلم الجثامين بالسرعة الممكنة لدفنها"، وأضاف "لدينا فرق خبيرة بالدفن جاهزة لتسلم الجثامين في أي وقت".
وتتراوح أعمار القتلى ما بين 3 سنوات و77 عاما، بحسب قائمة تم توزيعها على أقارب الضحايان الذين جاءوا من الحي الذي فيه المسجدان بينما جاء آخرون من مناطق وبلدان بعيدة من بينها مصر والأردن
وأعلنت الهند الاحد أن خمسة من مواطنيها قتلوا في الهجمات، بينما قالت باكستان ان تسعة من مواطنيها بين القتلى من بينهم شخص قُتل أثناء محاولته مهاجمة تارنت، وذكرت السلطات أن 31 شخصا لا يزالون في المستشفى، من بينهم تسعة في حالة حرجة.
وأعلن فريق "كانتربيري كروسيدرز" بطل نيوزيلندا في الرغبي الاثنين أنه يفكر في تغيير اسمه الذي يعني "صليبيو كانتربيري" بعد انتقادات، حيث حملت أسلحة مهاجم المسجدين كتابات من بينها أسماء شخصيات من الحملات الصليبية في العصور الوسطى.
وقد يهمك أيضاً :
"مرحبا أخي" هكذا رحب أحد ضحايا مجزرة نيوزيلندا بالسفاح عند دخوله المسجد
سعودي يرفع الأذان في مسجد نيوزيلندا قبل الهجوم الإرهابي
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر