أكدت الدكتورة أدب السعود ، النائب السابق في البرلمان الأردني ، أن التشريعات الأردنية غير متحيزة للمرأة نسبيًا ، لافتة إلى أن الدستور الأردني في المادة 6 نص على المساواة التامة بين الرجال والنساء ، بغض النظر عن العديد من الاعتبارات ، بالإضافة إلى الفصل المتعلق بالحقوق الذي شمل الجنسين.
وشددت السعود على أن الدستور يعتبر القانون الأسمى ومنه تستمد باقي القوانين والتي يجب أن تنسجم معه نصًا وروحًا ، أما القوانين الأخرى فقد جاءت ، وفقًا للأسباب الموجبة لها ، وقد تضمنت نصوصًا تبين حقوق المرأة بشكل صريح في حين أن معظم نصوصها عامة وتفيد المساواة.
وأضافت السعود في حوار مع "المغرب اليوم" أن هناك قوانين نصت على حقوق النساء ، استنادًا لما يمكن تسميته "التمييز الإيجابي" بسبب الثقافة السائدة مثل قانون الانتخابات لمجلس النواب وقانون اللامركزية وقانون البلديات وحتى قانون الأحزاب ـ الذي تضمن موادًا تعزز من دعم الأحزاب حيث تشكل النساء نسبة جيدة فيها ،هذا مع حفظ حقوق المرأة في تلك القوانين على أساس المساواة مع الرجل.
فيما لم تغفل السعود أن بعض التشريعات لا تنص على المساواة التامة ، بسبب خضوع تلك التشريعات لبعض النصوص القرآنية مثل تلك المتعلقة بالأحوال الشخصية "الزواج والميراث" ، وبعض مواد قانون في قانون العقوبات ،وهذا طبيعي في دولة دينها الإسلام في نص المادة الثانية من دستورها .
واعتبرت السعود أن المراة الأردنية حققت إنجازات عدة ، بالرغم من الحديث المستمر عن المعيقات والثقافة وغير ذلك ، فقد حققت مستويات عالية من التعليم وصلت إلى أكثر من 60% في الجامعات ، كما أنها دخلت مجالات مختلفة جديدة كالقضاء والسلك الدبلوماسي ، كما أن المرأة حاضرة في سوق العمل وخاصة في مجال التعليم والصحة والخدمات والخدمة العسكرية والوزارة والأحزاب ، قائلة "إنه لا يمكن اختزال وجود المرأة في الحياة العامة فقط بنسبة وجودها في البرلمان فقط".
ونوهت السعود إلى أن المرأة الأردنية أبدعت في المجالات التي خاضتها كافة لأنها جزء من حالة عامة تتأثر بكل ما يحيط بها ، وما تعاني منه من مشكلات أو معيقات في العمل العام إنما نتيجة للظروف التي يتحيط بالدولة كلها ، حيث تنعكس على المرأة بشكل خاص ، بسبب حساسية وأهمية الدور الذي تقوم به في الظروف العادية ، فضلًا عن الأوضاع غير المستقرة .
وأكدت السعود أهمية وجود المرأة في السلطة التشريعية لأسباب عدة منها تغيير الصورة النمطية عن المرأة بأنها لا تصلح للعمل السياسي والبرلماني ، والإهتمام بقضايا المجتمع بشكل عام وقضايا المرأة بشكل خاص ، عند مناقشة التشريعات أو القيام بالدور الرقابي حيث أن النساء يحرصن على التركيز على ما يفيد المرأة في التشريعات أو متابعة ما تعاني منه، وبناءً عليه يمكن تعديل أو سن او إلغاء تشريعات أو مراقبة تنفيذها على الأقل من قبل الجهات المقصودة ، وإجراء تحول اجتماعي تدريجي ، نحو دعم المرأة ودفعها لى واجهة العمل العام والسياسي والثقة بما تقوم به ، وعدم اعتبار ذلك أمرًا مفروضًا بل أن يتم ذلك عن قناعة وثقافة اجتماعية.
ونوهت السعود إلى أن وصول المرأة حاليًا إلى البرلمان أو السلطة التنفيذية أو بعض المواقع القيادية غير كافِ ، والطموح أن تحل المرأة في المواقع كافة بنسبة أكبر، وهذا الطموح هو أن لم تكن نسبة المرأة في مواقع العمل العامة مساوية لما يمثله الرجل ، فلا أقل من أن تكون مماثلة لما نصت عليه الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها الردن وصادق عليها والتي تنص عل ألا يقل تمثيل النساء في القطاعات كافة عن 30% ، لكنها في الوقت ذاته ترى أن تمثيل المرأة ما زال قليلًا لأسباب اجتماعية بالدرجة الأولى ، وأسباب اقتصادية ، وأسباب ذاتية حيث أن النساء لا يدعمن النساء ، بسبب عدم استقلال قرارهن بالانتخاب والذي غالبًا ما يكون تابعًا للرجل "أب،أخ،زوج" ، وكذلك الثقافة السائدة لدى النساء بأن العمل الأساسي للمرأة هو رعاية الأسرة وليس السياسة ، وربما أثرت الأوضاع السياسية المحيطة ذلك.
وترى السعود أن الكوتا قدمت خدمة للنساء حيث أنها ضمنت وجود النساء في المواقع القيادية المختلفة ، وقد ساعدت قليلًا على إحداث تغيير بسيط في التفكير الاجتماعي والثقافة الاجتماعية تجاه المرأة ، خاصة في العمل السياسي والبرلماني ، إلا أنها لم تطبق النسبة المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية ، بحجة أن الدستور والقوانين لا تميّز بين الرجال والنساء في حق الترشح أو الانتخاب ، وأن سبب عدم وجود لنساء في المجالس التمثيلية أو العليا لا يعود إلى أسباب تشريعية وإنما لأسباب اجتماعية وثقافية وربما اقتصادية.
ويعتبر البعض أن الكوتا هي جراء يقصد منه تغيير الثقافة الاجتماعية ، ومن ثم انتخاب النساء على أساس المساواة مع الرجال على معيار الكفاءة والخبرة وليس النوع الاجتماعي ، وهم ما يحتاج لوقت لأن التغيّر الاجتماعي عادة ما يكون بطيء جدًا.
وتشدد السعود على رأيها في ضرورة الابقاء على الكوتا لدورات مقبلة عدة لإحداث التغيير المطلوب ، ولكن هناك مواقع تحتاج فقط تنفيذ روح الدستور ولا علاقة لها بالثقافة السائدة ، مثل وجود المرأة في مجلس الأعيان أو مجلس الوزراء أو مواقع قيادية معينة ، مما يشير إلى أن الثقافة الاجتماعية المعيقة لوجود المرأة ليست فقط عند الناس البسطاء بل إنها موجودة أحيانًا في مستويات الإدارة المختلفة.
وعن تجربتها بخوض الانتخات النيابية في مدينة الطفيلة جنوب الأردن تقول السعود "لقد رشحت نفسي في مجتمع محافظ وتم انتخابي كعضو في البرلمان واعتقد أن السبب في انتخابي في البداية كان على أساس الكفاءة والخبرة الاجتماعية ، كنت أعمل في المجال الاجتماعي ، إضافة إلى دعم الأسرة والدعم العشائري ،حيث أن العشيرة وجدت في ترشيحي فرصة للحصول على مقعد بسبب الكوتا وهو ما يضمن من وجهة نظرهم الفوز ، ولأني أيضًا محافظة وجد الناس إنني أمثلهم ، فالموضوع اعتمد على معطيات واقعية عدة".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر