القاهره - المغرب اليوم
وصف الدكتور خالد حنفي، الأمين العام لاتحاد الغرف العربية، حجم التبادل التجاري العربي بأنه من بين أضعف النسب في العالم، مفصحا أنه لا يتجاوز 7 في المائة مقارنة بحجم التبادل البيني في أوروبا وأميركا، ملقيا باللوم على استراتيجيات صناديق التمويل العربية التي تضع جزءا كبيرا من أموالها خارج الدول العربية. ودعا حنفي إلى أهمية المبادرة بتوفير التمويل لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، إذ تعد عاملا رئيسيا لدفع اقتصادات المنطقة العربية قدما.
وقال حنفي إن مؤسسات الأعمال ذات الحجم المتوسط والصغير تصل إلى 23 مليون منشأة في المنطقة العربية، ما يجعل دورها رئيسيًا في تنمية الاقتصادات العربية، كما يرى أن التوترات السياسية الداخلية تتسبب في فاقد يقدر بقرابة تريليون دولار منذ العام 2011 بالاستناد على بيانات جهات دولية وعربية، مطالبا في الوقت ذاته بضرورة تأمين مصادر لإعادة الإعمار في بعض الدول العربية، ومنها العراق وسوريا. وأخيرا، طالب الغرف التجارية في المنطقة العربية إلى ضرورة مواكبة التطورات التقنية الحديثة لتضطلع بدورها الداعم لاقتصادات بلدانها. وفي مايلي نص الحوار:
وأضاف: نحن في اتحاد الغرف العربية، لا يمكننا إبداء رؤيتنا حول الملفات والظروف السياسية في البلدان العربية، إلا أننا نتتبع ونرصد الجوانب السياسية ومدى تأثيرها على الواقع الاقتصادي، ولذا كانت لنا جهود كبيرة في إعادة الإعمار للبلدان العربية المتأثرة جراء التوترات والحروب والأزمات السياسية التي مرت بها المنطقة منذ سنوات.
بالقطع نهتم ونعمل دوما ضمن أهدافنا على أن نكون مساهمين في بناء اقتصاد عربي متنام ومزدهر، ونسلط الضوء على مكامن الخلل، ونشجع بالتوصيات والدراسات بشكل مستمر كل ما هو مستحدث في مجالات الاقتصاد والاستثمار والصناعة.
وتابع: لدينا بحوثنا الخاصة والمعيارية، كما نقوم على عمل الدراسات المعنية في شتى قطاعات الاقتصاد والأعمال. ولا نزال نقوم بالنشر المستمر، فلدينا منشورات سنوية ونصف سنوية، كما لدينا في بعض الأنشطة والمجالات منشورات شهرية ودورية نرصد فيها كل المستجدات وفق ما يتوافر لدينا من بيانات في مجالات الأعمال والأسواق والاستثمار والصناعة.
ونركز حاليا على موضوعات الاقتصاد العالمي، على سبيل المثال نتابع بدقة موضوع الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الصناعي والتطورات المالية، وهي بين الموضوعات التي نطرحها في مؤتمرنا لهذا العام.
بجانب ذلك نواصل العمل على متابعة القضايا الأساسية، كمشاكل المنشآت والسوق العربية المشتركة، وغيرها مما يقع تحت مظلة اتحاد الغرف العربية. كذلك نواصل العمل المستمر مع مجموعة من قنوات العمل ودوائر الأبحاث في كافة الدول لتبادل الخبرات وفتح آفاق لزيادة الأعمال والاستثمار. ولدينا حاليا 12 غرفة عربية مشتركة مع البلدان وفي كافة القارات.
وواصل حنفي :تكبدّت الدول العربية خسائر ضخمة، وبمليارات الدولارات هذا مؤكد، وتحديدا عقب أحداث الربيع العربي مطلع العام 2011 واستنادا على أرقام البنك الدولي وبيانات مؤسسات دولية أخرى، فإن خسائر بعض الدول العربية نتيجة الحرب والأزمات وتداعياتها منذ العام 2011 بلغت أكثر من 600 مليار دولار، وأكثر من 22 مليون مواطن عربي عاطل عن العمل. وتؤكد تقديرات جامعة الدول العربية، أن تكلفة الصراعات والحروب في الدول العربية تصل إلى 640 مليار دولار منذ 2011، وتشير اللجنة التحضيرية العليا للملتقى العالمي لإعادة الإعمار ومستقبل البناء في دول الصراع، إلى حاجة سوريا والعراق لإعادة الإعمار إلى ما يقارب 500 مليار دولار. في كل الأحوال الخسائر والتكاليف تقدر بمئات مليارات الدولار، ما يوجب العمل على تأمين مصادر التمويل لإعادة إعمار ما دمرته الحروب.
وقال :لا شكّ أنّ منطقة التجارة الحرّة العربية الكبرى، بما تتيحه من تحرير للأسواق العربية بين بعضها البعض، أمّنت فرصًا كثيرة لمؤسّسات القطاع الخاص للتخصّص في الإنتاج والاستفادة من اقتصادات الحجم. فيما التحدّي الأساسي بقي متمحورًا حول مدى القدرة على زيادة التجارة العربية البينية من جهة، وإقامة مشاريع استثمارية عربية مشتركة في مختلف القطاعات الاقتصادية الإنتاجية من جهة أخرى. ويبقى القول، إنّ التكامل الاقتصادي العربي لا يمكن أن يتمّ إلا وفق مراحل ومداخل تراعي خصوصيات جميع البلدان العربية بمختلف أنظمتها وأطر عملها.
قطاع الخدمات كبير وعملاق، وقد يكون من أكثر هذه المداخل المُطالب بها حاليا إقامة اتحاد جمركي، وتوظيف القدرات الإنتاجية بما يرفع مستوى النمو الاقتصادي في مختلف البلدان الأعضاء، كذلك إقامة مشاريع إنتاجية مشتركة، ودعم تحسين البنى التحتية وشبكات النقل والاتصالات وخصوصا تنسيق سياسات الإنتاج بين الدول المشتركة في مشروع التكامل الاقتصادي، بحيث يتمّ ضبط الإنتاج المتشابه والمتنافس بين البلدان العربية.
جميع ذلك يحتاج لتعزيز الاستثمار في مجالات إنتاجية متكاملة بما يسمح بتحفيز النمو في جميع البلدان العربية واستفادة كلّ بلد من الميزات التفاضلية للبلدان الأخرى.
وأشار إلى أن مشروع السوق العربية الموحدة كبير جدا، ويسبقه عدد من الخطوات التي تشكل اكتمال السوق الموحدة. نحن في مرحلة تطبيق منطقة التجارة الحرة، ولأسباب كثيرة ليست على المستوى المأمول... هناك بعض القيود الجمركية والإدارية والخاصة بالمنشآت والخاصة بالإجراءات الإدارية، وأمور خاصة بمنظومة النقل واللوجيستيات. ولكن دعني أركز هنا على موضع التبادل التجاري بين الدول العربية حيث للأسف لا يزال من أضعف النسب في العالم، حيث يتراوح بين 5 و7 في المائة، مقارنة بـ65 في المائة بين الدول الأوروبية، و49 في المائة بين دول القارة الأميركية.
ومن أسباب ضعف هذا التعامل الاقتصادي، استراتيجيات صناديق التمويل العربية التي تضع جزءا كبيرا من أموالها خارج الدول العربية، حيث 50 في المائة من الاستثمارات العربية موجودة بالولايات المتحدة، و20 في المائة منها في دول الاتحاد الأوروبي، و11.2 في المائة فقط بالدول العربية.
من هذا المنطلق يجب أن تكون هناك رغبة وإرادة وقرارات سياسية حقيقية من أجل رفع حجم التبادل التجاري البيني بين الدول العربية، إضافة إلى ذلك يجب خلق البيئة الاستثمارية المواتية، خصوصا لجهة تحديث القوانين والبنية الأساسية والإجراءات الإدارية المعقدة.
واستكمل: ننظم الآن المؤتمر الثامن عشر لأصحاب الأعمال والمستثمرين العرب، والذي له انعكاس ملموس منذ سنوات طويلة على تنمية وتشجيع الاقتصاد العربي وفي إطار مسؤوليات الاتحاد، إلا أن التوصيات والمقترحات محط اهتمام الحكومات العربية. واتخذت معظم الحكومات العربية إجراءات استثنائية حيث أقرت إصلاحات اقتصادية جريئة، إضافة إلى رؤى اقتصادية متوسطة وبعيدة المدى، وذلك في سبيل تعزيز البيئة الاستثمارية، وقد نجحت الكثير من الدول العربية من خلال هذه الإصلاحات بتحقيق وثبة اقتصادية مهمة تواكب ما هو حاصل على المستوى العالمي.
لكن على الرغم من ذلك لا نزال كبلدان عربية في بداية الطريق، في ظل التفاوت الكبير بين أداء معظم الدول العربية، حيث هناك دول تحتل مراتب متقدمة جدا على المستوى العالمي، خصوصا على صعيد مؤشرات مناخ الاستثمار والأعمال، منها على سبيل المثال لا الحصر دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الكويت، بينما هناك دول أخرى لا تزال مؤشراتها متدنية نسبيا بسبب الظروف السياسية والأمنية التي تمر بها.
وفي الوقت الراهن، فإن الثغرات الأساسية التي تقف حائلا دون تعزيز الواقع الاستثماري داخل البلدان العربية، تكمن في العقبات التي تواجه التجارة عبر الحدود سواء على المستوى البيني أو إلى الخارج، بالإضافة إلى الصعوبات المتصلة بتمويل المشاريع ولا سيما تلك المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، فضلا عن دعم رواد الأعمال الشباب.
واستطرد حنفي: تمثل المشاريع الصغيرة والمتوسطة إحدى أهم دعائم الاقتصاد في معظم دول العالم، وأحد أهم مجالات خلق فرص العمل. وتمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة نحو 95 في المائة من إجمالي الشركات في الغالبية العظمى من دول العالم، وتوفر ما بين 40 إلى 60 في المائة من مجموع فرص العمل.
وتشير دراسة صادرة عن مؤسسة التمويل الدولية إلى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة "الرسمية" تساهم في 33 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصادات النامية، كما أنها تساهم بما يصل إلى 45 في المائة من فرص العمل. وترتفع هذه الأرقام بشكل ملحوظ عند إضافة المشاريع الصغيرة والمتوسطة العاملة في القطاع غير الرسمي. أما في البلدان ذات الدخل المرتفع، فتساهم المشاريع الصغيرة والمتوسطة بنحو 64 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وتؤمن 62 في المائة من فرص العمل.
وفي الواقع، فإن غالبية مؤسسات الأعمال في المنطقة العربية هي مشاريع متناهية الصغر، أو صغيرة، أو متوسطة الحجم. ويقدر عددها بما بين 19 و23 مليون مؤسسة (رسمية وغير رسمية)، وتشمل ما بين 80 إلى 90 في المائة من إجمالي الأعمال في معظم البلدان العربية.
وبحسب دراسة لمنظمة "الإسكوا"، تشكل المشاريع الصغيرة والمتوسطة أكثر من 99 في المائة من جميع مؤسسات القطاع الخاص غير الزراعي في مصر. وفي الكويت، تشغّل تلك المشاريع 90 في المائة من القوى العاملة في القطاع الخاص. وفي لبنان، تشكل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أكثر من 95 في المائة من عدد المؤسسات وتؤمن نحو 90 في المائة من الوظائف. وفي الإمارات العربية المتحدة، تمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة نحو 94 في المائة من المشاريع الاقتصادية في البلاد وتوظف نحو 62 في المائة من القوى العاملة.
وفي سياق آخر قال: أبرز التحديات التي تواجهها الغرف التجارية العربية في الوقت الراهن، تكمن في مواكبة التطورات الاقتصادية والتكنولوجية الجديدة المتمثلة حاليا بالثورة الصناعية الرابعة، وما يتطلبه ذلك من تطوير نوعي في خدماتها بهدف دعم الاقتصادات العربية في تحقيق التحول التكنو - رقمي بقيادة القطاع الخاص.
بالطبع هناك تحديات أخرى لا تزال تواجهها الغرف العربية، تتمحور حول رعاية وتوجيه القطاع الخاص من أجل العبور إلى بر الأمان وسط التحديات الجيوسياسية الماثلة في المنطقة العربية، ناهيك عن عدم اليقين الحاصل على مستوى الاقتصاد العالمي وبالأخص الحرب التجارية القائمة بين كبرى الاقتصادات العالمية، وما لذلك من تداعيات على النمو التجاري والاستثماري.
لكن على الرغم من التحديات التي تواجهها الغرف العربية، ففي الواقع استطاعت الكثير من الغرف العربية تحقيق نجاحات كبيرة في سياق التحول نحو الرقمنة ومواكبة التطورات التكنولوجية الراهنة، وذلك بالتعاون والتنسيق مع الغرف العربية والأجنبية المشتركة البالغ عددها 16 غرفة جميعها تحت مظلة اتحاد الغرف العربية. حيث ساهم تبادل الخبرات والمعلومات بين الغرف العربية ونظرائها في الغرف المشتركة في تحسن أداء تلك الغرف، مما انعكس بدوره على الواقع والنشاط الاقتصادي للقطاع الخاص العربي، والمطلوب منه اليوم لعب دور غير تقليدي في ظل التطور التكنولوجي الهائل، وتحديات الثورة الرقمية الثانية والثورة الصناعية الرابعة
قد يهمك أيضا :
مجموعة "أكسال" تطلق مشروعين في مجال "المولات"
بيل غيتس يستعيد لقب "أغنى رجل في العالم" بسبب صفقة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر