وصل القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، الأربعاء، القاهرة لإعادة ترتيب أوراقه السياسية، ولقاء عدد من المسؤولين للتشاور حول تطورات الأوضاع العسكرية في ليبيا، وما صاحبها من تدخلات تركية سافرة، ضاعفت من تعقديات الأزمة.
ودرج حفتر على زيارة القاهرة خلال السنوات الماضية، ويلتقي كبار المسؤولين للتباحث حول سبل التنسيق لمواجهة التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود الليبية، وتوحيد المؤسسة العسكرية، كجهة وطنية قادرة على التعامل مع الإنفلات الأمني الذي سمح لتركيا بالتسلل إلى ليبيا.
يسعى حفتر للحصول على دعم مصري جديد، بعد موافقته على العودة لطاولة الاجتماعات المعروفة بـ “5+ 5” في جنيف، لكسر حدة الحلقة العسكرية المفرغة، وتمهيد الطريق لاستئناف المفاوضات، وفتح بارقة أمل أمام دعم الحل السياسي.تميل القاهرة إلى الحل السياسي للأزمة الليبية، ورفضت مرارا الإنخراط العسكري فيها، على الرغم من رفضها لتمركز الإرهابيين والمتشددين في طرابلس، واعتراضها على التدخلات العسكرية التركية، وما تسببت فيه من مشكلات وانقسامات داخل ليبيا.
أدت المعارك الأخيرة إلى استنزاف الكثير من قدرات الأطراف المتصارعة، ما جعل الحديث عن تسوية سياسية أكثر قبولا الآن، فتوازن الضعف قد يفتح الطريق للمفاوضات.أسهمت الخلافات بين القوى الكبرى في تغذية المعارك الأخيرة، والابتعاد عن مسار التسوية الذي رسمه مؤتمر برلين في يناير الماضي، ما كشف عن إزدواجية المعايير في المطالبة بالحل السياسي والصمت على تدفق الأسلحة التركية، وكسر قرار مجلس الأمن بحظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا.
وأعرب وزيرا خارجية مصر سامح شكري، والإمارات العربية المتحدة الشيخ عبد الله بن زايد، خلال اتصال هاتفي بينهما عن ترحيب بلديهما بإعلان الأمم المتحدة قبول كل من الجيش الوطني الليبي وحكومة الوفاق، استئناف مباحثات وقف إطلاق النار.
ودعا شكري والشيخ عبدالله، في بيان مشترك، الثلاثاء، إلى الالتزام بمسار برلين، وأن العملية السياسية هي الحل الوحيد لتحقيق السلام في ليبيا، والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها.وعلمت “العرب” أن قيادة الجيش الوطني مصممة على ضرورة خروج الإرهابيين والمرتزقة والقوات التركية من جميع الأراضي الليبية قبل العودة إلى طاولة المفاوضات السياسية، ما يلقى تأييدا من القاهرة.
وقد يمثل هذا الشرط عقبة، لأن رفع هذا الغطاء يتسبب في كشف ضعف حكومة الوفاق، ويجعلها أكثر عرضا للضغوط العسكرية، ولذلك تتمسك بشرطها السابق المتعلق بعودة قوات الجيش الليبي إلى ما قبل 4 أبريل 2019.
تجد القاهرة في فتح كوة أمام الحل السياسي في هذا التوقيت يعزز الفرصة للحديث أمام المجتمع الدولي عن خروج الأطراف الأجنبية من الأراضي الليبية، التي حال تدفقها بمعرفة تركيا دون التسوية، ومكّن ميلشيات الوفاق من استمرار المعارك، وتحقيق انتصارات في غرب ليبيا، والسيطرة على قاعدة الوطية.
قالت بعض المصادر، لـ “العرب”، إن زيارة المشير حفتر للقاهرة، تؤكد أنه لا يزال رقما محوريا في المعادلتين العسكرية والسياسية، ولا صحة لما تردد سابقا من جهات محسوبة على فريق المجلس الرئاسي الذي يقوده فايز السراج، وتسيطر عليه تركيا والتيار الإسلامي، بشأن تراجع أسهمه، بعد التقدم العسكري الذي أحرزته الميلشيات المدعومة من أنقرة.
تحظى المبادرة التي طرحها رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح بشأن اختيار مجلس رئاسي جديد، بقبول من جانب القاهرة، ما رجح أن تكون محل نقاش بين المسؤولين المصريين والمشير، والالتفاف حولها لتوفير الدعم اللازم لنجاحها، وزيادة التعاون بين حفتر وصالح.
لم يستبعد المحلل السياسي الليبي، جمال شلوف، في تصريح لـ “العرب”، أن تتطرق زيارة حفتر إلى بحث توقيع بروتوكول تفعيل لاتفاقيات الدفاع العربي الموجودة أصلا بين ليبيا ومصر منذ عقود، ردا على الممارسات التركية في ليبيا.
وتطالب بعض الدوائر الليبي بضرورة استخدام هذه الورقة، ردا على تصرفات تركيا، حيث استثمرت توقيع مذكرتي تفاهم بحري وأمني بين أردوغان والسراح في 26 نوفمبر الماضي في توسيع نطاق التدخل العسكري وتغيير موازين القوى.
ويسير الحديث عن استئناف المفاوضات جنبا إلى جنب مع ضجيج المعارك، ما يجعل فرصة ترجيح كفة على أخرى يخضع لجملة من التوزانات الإقليمية والدولية، لذلك يحاول كل طرف تمتين علاقاته مع الدول الداعمة له، ففي الوقت الذي يزور حفتر فيه القاهرة، تستعد الخميس طائرة السراج للهبوط في أنقرة.
قد يهمك أيضًا:
مطار سبها الدولي يستلم جهاز قياس الحرارة من لجنة الأزمة لمكافحة "كورونا"
حكومة الوفاق في ليبيا ترفض الهدنة التي أعلنها الجيش الوطني الليبي
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر