دبي ـ المغرب اليوم
صدرت عن دار «ورق» للنشر مجموعة قصصية جديدة بعنوان «كيد الرجال» للقاصة الإماراتية الشابة عائشة الزريهي. وهو عنوان لافت يحيل المتلقي مباشرة إلى عكس ما هو شائع في النسق الثقافي العربي العام منذ أن صدرت حكايات «ألف ليلة وليلة»، التي آخت في بعض محطاتها بين المرأة والشيطان، حينما كستها بحلة المكر والخديعة، التي تستعين بالدهاء حيناً والغواية أحياناً، ليس بغرض الخلاص من سطوة الرجل فقط، وإنما لتحطيم قوته وجبروته وإذلاله إن أمكن، انتقاماً للذات الأنثوية المثقلة بالظلم «الشهرياري» عبر تاريخ طويل من التسلط والقهر الذكوري. ولكن في كل الأحوال كان يجري تصوير «كيد النساء» على فداحته، من خلال المقالب المركبة، التي تجمع بين الذكاء والطرافة والخبث، في «خلطة شهرزادية» ماتعة، ما يجعلها مقبولة أو مفهومة بفكاهاتها وجراحاتها على السواء. لذلك يشي عنوان المجموعة للوهلة الأولى، وكأن الكاتبة تتقصد رد الصاع صاعين ـ كما يقال ـ على الذكورة المتمادية في تسطيح المرأة وتصويرها على أنها بئر الخطيئة أو محطة فانتازية للفكاهة والتسالي في أحسن الأحوال، فينتظر المتلقي أن يرى الرجل عبر قصصها بصورة «دليلة المحتالة» وأخواتها الماكرات. إلا أن الزريهي في «كيد الرجال» لا ترى الرجل من خلال المكر والخديعة، وإنما من خلال تأكيد الطغيان الذكوري في مجتمعات مازالت تمايز بين الرجل والمرأة بالمعاني «الجنسانية» البحتة، رغم كل التمظهرات الحداثية في سلوكه الاجتماعي. كما يفعل حمد بطل قصة «رجل في قاعة الزفاف»، الذي هرب بأخته رغد من ظلم وقسوة الأسرة. ولكنه عندما واجهته رغد بعزمها على العمل في صالة للأفراح، بسبب الضائقة المعيشية التي يواجهانها، رفض الأمر جملة وتفصيلاً، رغم كل شروحاتها، بأنها ستتنكر وتخفي شكلها بحيث لا يستطيع أحد التعرف عليها سواء من الأهل أو المعارف، لا بل وجد أن العودة إلى دائرة الأهل رغم بشاعة قسوتهم بحق رغد أهون ألف مرة من عملها في صالة للأفراح. ما جعله يمارس المكر والخديعة بحبة «منومة»، تنقل رغد إلى سريرها، ليقوم هو بالدور التنكري بدلاً عنها، مستعيناً بالحلاق الفلبيني، ليجعل هيئته أقرب إلى النادلة الفلبينية. المجموعة تتألف من إحدى عشرة قصة، وفي جميعها تعالج الكاتبة قضايا اجتماعية جادة، حتى في القصة التي أعطت اسمها عنواناً للمجموعة «كيد النساء»، رمت الكاتبة إلى تسليط الضوء على الذكورة المهيمنة على وعي الرجل.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر