محمد السعيدي في لعبة الكراسي
آخر تحديث GMT 07:17:55
المغرب اليوم -

محمد السعيدي في "لعبة الكراسي"

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - محمد السعيدي في

الرباط - وكالات

بعد تجربة ليست قصيرة في مجال الإبداع القصصي، تظهر للكاتب والشاعر محمد السعيدي، في السنة ما قبل الماضية، مجموعة قصصية أولى بعنوان "انكسار المرايا" (سنة 2011)، متبوعة بمجموعة أخرى تحمل عنوان... "لعبة الكراسي" (سنة 2013)، وكلاهما ينتمي إلى صنف القصة القصيرة جدا/ صنف الكتابات الثورية الجديدة، التي تنزع نحو التغيير والتجريب والتمرد على القوالب القصصية المحافظة. والقصة القصيرة جدا، في الحركة الأدبية الحديثة، لا تمثل فقط النموذج الأدبي المعبر عن حداثة العصر، ولكنها –في عالم اليوم- أصبحت هي من يعبر عن معضلات هذا العصر بحبكة قصصية وفنية لغوية، وبوحدة موضوعية وزمانية... وبأقل قدر من الكلمات، وهو ما يجعل هذا الصنف القصصي، فنا أدبيا، ينطوي على عناصر الإبداع الشعري كما على العمق والتحليل والشفافية. وأحب في هذه القراءة، أن أتوقف قليلا عند مظاهر الحداثة والتحديث في مجموعة الكاتب الثانية لعبة الكراسي باعتبارها عملا أدبيا ناضج التجربة، يستوفي شروط القصة القصيرة جدا، سواء من حيث لغته المتميزة بالجمل الموجزة والبسيطة، أو من حيث وظائفها السردية والحكائية القائمة على خاصية الحركة، كما على سمة التوتر والإيحاء. وموضوعيا، تعبر هذه المجموعة/ لعبة الكراسي، عن وقائع الحياة السريعة التي تتطلب الاختصار، في كل شيء، وهو ما تطلب من كاتبها، تعاملا خاصا مع معطيات التطور الاجتماعي/ الحضاري، الذي جعله يقتنص اللحظات السريعة، ويحولها إلى ممارسة فنية ذات مواصفات القص الإبداعي. إن القراءة التأملية لهذه المجموعة/ لعبة الكراسي، تقودنا حتما إلى سلسلة من الأسئلة الحارة التي تلتهب في مخاضات فكرية ذات أبعاد... وأبعاد: هل على الأديب القاص، أن يصبح ناطقا عن وعي وإدراك باسم أولئك الذين يعيشون في الظل..؟ هل عليه إن يحمل لقراءة عذابات تلك الفئات المصابة بالتهميش من كل جانب؟ هل عليه أن يضم بين جنبات كلماته دفقات من أحاسيس المرضى والجوعي والفقراء والمهمشين الذين أسدلت السياسات العشوائية عليهم ستاراتها؟ بكل تأكيد، إن القصص القصيرة جدا، لهذه المجموعة، والتي لا تزيد مساحتها عن بضع كلمات، تقودنا بسرعة وجاذبية، إلى اجابات موضوعية/ تؤكد لنا ببلاغتها، بكثافة كلماتها، أنها لاتعانق فقط حداثة المتن الأدبي، لاتعكس فقط قدرة كاتبها على استبطان الرؤى التحتية للانسان، ولكنها أيضا تعكس حياتنا المجتمعية، بما لها من قضايا واشكالات وأزمات، وبما فيها من خلفيات اعتباطية. على ضوء هذه الحقيقة، لا يمكن لدارس فن القصة القصيرة جدا عند محمد السعيدي، أن يغفل خصيصة هامة، وهي التحام القاص بالأرض/ بالمجتمع، وذلك ضمن علائق واقعية. فهو في قصصه المختصرة جدا، والمكثفة جدا، لا ينطلق من فئة أو طبقة معينة، بقدر ما ينطلق من خصوصية شاملة، ليشيد عالمه الافتراضي، على أسس قوية، قائمة على الهوية... والهوية فقط. الأديب محمد السعيدي، تجده في هذه المجموعة القصصية، يخرج من باب القصيدة الحداثية، ليدخل باب القصة الحداثية بإصرار من أجل إعادة صياغة شخصياته/ أبطاله/ أحداثه/ قضاياه، صياغة لم تتحرر من شاعرية مبدعها، ولكنها تغوص في فضاءات أقرب ما تكون إلى الواقعية الأدبية/ الواقعية التي لا تسطح الواقع، ولكنها تتعمق فيه بمهارة وخبرة/ لا تعطل الشكل القصصي، ولكنها تقدمه بفن لا تعقيد فيه. إن الصبغة الفنية التي حققها محمد السعيدي في تقنية القصة القصيرة جدا، تتراءى في نمذجة شخوصه الذين لا اسم لهم/ في نمذجة أماكنه التي لا عنوان لها/ في نمذجة الذين يحضرون في غيابهم، ويغيبون في حضورهم/ نمذجة الأزمنة والأمكنة التي تطل من النوافذ، لتختفي في مصابيح المدن المعلقة في السراب. بذلك يصبح اللقاص دوره البارز في تركيز الإيحاء/ في تفكيك المعادلات الصعبة لنماذجه المختلفة/ في إعادة تركيب هذه النماذج وفق مساراتها الإبداعية والطبيعية والنفسية... إنها باختصار الاختصار، ثورة على القوالب المحافظة لفن القصة، وأبعد منذلك ثورة ضد صياغاتها المتوارثة .

yeslibya
yeslibya

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد السعيدي في لعبة الكراسي محمد السعيدي في لعبة الكراسي



تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 03:12 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم مثيرة بالأحمر في أحدث إطلالة لها

GMT 02:41 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

"فالدوس فليمس" وجهتك المفضّلة لقضاء أجمل شهر عسل

GMT 11:59 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استدعاء "ماريو" للتحقيق في ولاية أمن الرباط

GMT 21:08 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

أمن أكادير يضع خطة محكمة لتأمين احتفالات رأس السنة

GMT 22:44 2019 الخميس ,11 تموز / يوليو

طريقة تحضير كيكة الفراولة المخملية

GMT 22:36 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

نجم كرة سابق يدعو محبيه إلى "الليلة الأخيرة"
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya