باريس - ا.ف.ب
تسجل عملات الاسواق الناشئة تراجعا بسبب احتمال تخفيف الولايات المتحدة لمجموعة الحوافز الاقتصادية ما اعاد الى الذاكرة الازمة المالية التي شهدتها آسيا في 1997، لكن المحللين يشككون في حصول كارثة مماثلة.وقال جان ميدسان العضو في لجنة الاستثمار في مجموعة "كارمنياك جيستشن اسيت مناجر" انه "توجد روابط سلبية (الآن) لكنني لا اعتقد اننا سنشهد تكرارا لازمة التسعينات".وفي حين ان العملة الهندية كانت الاكثر تضررا اذ تراجعت قيمتها بحوالى 15% امام الدولار الاميركي في الاشهر الثلاثة الماضية، تراجعت العملتان الاندونيسية والبرازيلية ب10% والعملة التركية ب5% ما يعيد الى الاذهان الازمة التي بدأت في تايلاند في منتصف 1997.وفي حينها اصيب المستثمرون بالهلع وسحبوا الاموال ما ادى الى انهيار العملة التايلاندية. ثم انتشرت هذه الظاهرة في كافة انحاء اسيا وحتى روسيا مع اختفاء رؤوس الاموال الاجنبية في لمح البصر.وعانت الدول الناشئة التي افتقرت الى رؤوس الاموال، من نقص ائتماني ما ساهم في اغراقها اكثر في الازمة.وبعد 15 سنة قال رئيس الوزراء الهندي منموهان سينغ الاسبوع الماضي ان الدول الناشئة مستعدة اليوم بشكل افضل.واضاف ان الهند في 1991 كان لديها احتياطي عملات اجنبية ل15 يوما فقط، ولكن "اليوم لدينا احتياطي لستة او سبعة اشهر. فلا مجال للمقارنة ولا مجال للعودة الى ازمة 1991".وهذا الاسبوع كتب حائز جائزة نوبل للاقتصاد بول كروغمان في صحيفة نيويورك تايمز ان تدفق الاموال الى الاسواق الناشئة يبدو وكانه فقاعة.لكنه اضاف "حاليا لا ارى اي سبب وجيه يدفعني الى الاعتقاد بان انفجار هذه الفقاعة بالذات سيكون كارثيا".ووافقته وكالة التصنيف الائتماني ستاندر اند بورز هذا الرأي.ففي تقرير لها قالت الوكالة ان خروج رؤوس الاموال "يحدث اضطرابا وليس خرابا" وان معظم الدول الناشئة في اسيا ستتجاوز هذا الاضطراب من دون تباطؤ كبير في النمو الاقتصادي او تقلب الاسواق المالية لفترة طويلة".وقال كروغمان ان "ما جعل الازمة الاسيوية في 1997-1998 سيئة كان المستوى العالي من الديون بالعملات الاجنبية ولا يبدو ان هذا الامر يمثل مشكلة اليوم".وكتب راين افنت خبير الاقتصاد لمجلة "ذي ايكونومست" ان القلق الاكبر هو الاخطاء المحتملة في سياسة الحكومات والبنوك المركزية في محاولة لوقف تراجع قيمة عملاتها.وقال ان "محاولة فرض قيود على رؤوس الاموال بشكل غير مسؤول قد يثير الهلع ويضر بالنمو على الاجل الطويل".وحاول البنك المركزي الهندي لاشهر جعل العملة المحلية مستقرة باتخاذ تدابير مثل رفع اسعار الفائدة على الاجل القصير وفرض قيود على رؤوس الاموال.وقال افنت "والاسوأ هو ان البنوك المركزية قد تخنق اقتصاداتها برفع اسعار الفائدة الى مستويات كبيرة لحماية قيمة عملاتها".واحتمال انهاء الولايات المتحدة لمجموعة الحوافز الاقتصادية "قد يخفض الطلب في العالم"، في حين كان الهدف من تلك المجموعة هو دعم الطلب في الدول الغنية.وقالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني ان "ادارة السياسات ستكون العامل الاساسي الذي سيقرر الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي في الهند واندونيسيا او فقدانه بعد الضغوط المكثفة على اسعار العملات والاصول".واضافت الوكالة ان التطورات الاخيرة لم تحملها على مراجعة تصنيفها.وحتى الان يبدو ان البنوك المركزية تفضل رفع اسعار الفوائد قصيرة الامد بدلا من رفع معدلات الفائدة الرئيسية وهو ما قد يتسبب في بطء الاستثمارات والاستهلاك والنمو. واتبعت تركيا هذا النهج هذا الاسبوع لوقف المضاربات بالليرة التركية.وقال مارتن يان باكوم الخبير في دوتشي بنك ان الوضع الحالي "ظاهرة تصحيحية مؤلمة" للدول الناشئة.واضاف "بعد سنوات من ارتفاع سعر العملات، تواجه الاقتصادات الناشئة الان مشاكل بنيوية. وفي غياب معالجة للمشكلة لجأت الى تصحيح الوضع من خلال اسعار صرف العملات".وقال سايمون ديريك المسؤول عن استراتيجية العملات لدى بي ان واي ميلون ان "القاء العبء على العملات قد يكون التحرك الاكثر ذكاء لبعض الاسواق في الدول الناشئة".
واشار الى انه في 2008 عندما حاولت الاسواق الناشئة وقف هروب رؤوس الاموال فشلت رغم صرفها حتى 20% من احتياطي العملات الاجنبية لديها.لكن دولا عدة تحركت لحماية عملاتها.والبرازيل التي كانت على رأس البلدان الناشئة التي اشتكت من ان التدابير الغربية التحفيزية ادت الى رفع سعر عملاتها واثرت على قدرتها التنافسية، اكدت انها ستؤمن 55 مليار دولار لدعم عملتها المحلية.وقالت تركيا من جهتها انها ستضخ في الاسواق 100 مليون دولار يوميا على الاقل في حين اعلنت الهند انها ستؤمن 1,26 مليار دولار في النظام المصرفي من خلال شراء سندات حكومية طويلة الاجل رغم انها اكدت ان هذه الخطوة ترمي الى تأمين مزيد من القروض لاعطاء دفع للنمو الاقتصادي بدلا من حماية عملتها المحلية.ويطرح خروج الاستثمارات مخاطر فورية على تركيا والهند لانهما تعتمدان الى حد كبير على العملات الاجنبية لتغطية العجز الكبير المقدر ب6,5% من اجمالي الناتج الداخلي في تركيا و4,8% في الهند.وقال مايكل هيوسن من سي ام سي ماركيتس ان "تباطؤ النمو في هذه الاسواق ارغم المستثمرين على النظر بعناية اكبر الى المشاكل البنيوية التي تواجهها هذه الاقتصادات بالذات مع الهند والبرازيل في الخطوط الامامية حيث سجلت تباطؤا للنمو وارتفاع التضخم".وتراجع النمو في الهند الى 5% حتى اذار/مارس مع نسبة تضخم تقدر ب5,8% في حين يتوقع ان تكون نسبة النمو في البرازيل هذا العام 2,5% مع تضخم معدله 6,3 %.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر