جبيل ـ أ.ف.ب
أهدت فرقة "ماسيف آتاك" البريطانية عرضها الموسيقي الذي اقامته في مدينة جبيل اللبنانية الى اطفال غزة منددة ب"المجزرة" التي ترتكبها اسرائيل بحق الفلسطينيين.
وعلى بعد بضع مئات من الكيلومترات عن قطاع غزة، لوح محبو الموسيقى مساء الثلاثاء بالاعلام الفلسطينية بموازاة اعلان فرقة "ماسيف اتاك" موقفا نادرا بالادانة الصريحة للعملية الاسرائيلية المستمرة على قطاع غزة والتي اسفرت عن سقوط اكثر من 1270 قتيلا في 23 يوما.
وفي مقابلة حصرية مع وكالة فرانس برس، قال العازف في الفرقة روبرت دل ناجا ان "هذا القصف لمنطقة تعتبر من الاكثر اكتظاظا بالسكان في العالم وحيث لا يسمح للمدنيين بالمغادرة امر يفوق التصور".
واضاف "لحماية انفسكم، هل عليكم ان ترتكبوا المجازر بحق شعب اخر؟ هذا الامر لا يصدق في القرن الحادي والعشرين".
كذلك حمل دل ناجا الذي تحقق فرقته المتحدرة من مدينة بريستول البريطانية نجاحا كبيرا منذ اوائل تسعينات القرن الماضي، على الصمت العالمي ازاء ما يحصل في غزة.
وقال "السياسيون يلزمون الصمت. هذا امر شاذ، حتى انه يوحي بانهم ليسوا اهلا ليكونوا في مراكزهم"، في نبرة هادئة لكنها تعكس مدى الالم الذي يكتنفه ازاء العنف السائد في الشرق الاوسط.
كما ترافق الحفل مع مجموعة كبيرة من الرسائل السياسية والانسانية التي عرضت على شاشة سوداء كبيرة وضعت على المسرح للتعبير عن التضامن ليس فقط مع الفلسطينيين بل مع اللاجئين السوريين والمسيحيين الذين ارغمتهم التنظيمات الاسلامية المتشددة على مغادرة اراضيهم في العراق.
ومن بين الرسائل التي عرضت على الشاشة خلال الحفل "غزة تتعرض للاحتلال او للقيود منذ 1948"، وذلك بالتوازي مع اداء الفرقة احدى اشهر اغنياتها "انفينيشد سيمباثي".
وجاء في رسالة اخرى "8 تموز/يوليو: اسرائيل تطلق عملية +الجرف الصامد+. عدد سكان غزة: مليون و816 الفا. حصيلة قتلى اسرائيل: 60 بينهم 7 مدنيين. حصيلة القتلى الفلسطينيين 1200 بينهم 864 مدنيا".
واستمتع الحاضرون بالحفل وقاموا بشبك ايديهم في لحظة وحدة نادرة.
ولفرقة "ماسيف اتاك" تاريخ طويل من الالتزام السياسي، اذ انها عارضت علنا الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وبريطانيا للعراق سنة 2003.
واعتبر دل ناجا ان هذا الغزو "لم يجعل العالم مكانا اكثر امنا بل العكس تماما".
وخلال الحفل، عرضت على الشاشة باللون الاحمر عبارات استخدمها رئيس الوزراء البريطاني انذاك توني بلير جاء فيها "احيانا، الفرصة الوحيدة للسلام هي الاستعداد للحرب". ثم كتب على الشاشة "+الدولة الاسلامية+ (التنظيم الاسلامي المتشدد) بات يسيطر على حوالى ثلث مساحة العراق".
وقد ارتكب هذا التنظيم الاسلامي المتشدد فظائع كثيرة في سوريا كما ارغم مؤخرا مسيحيي مدينة الموصل في شمال العراق الى مغادرة منازلهم.
كذلك تطرقت فرقة "ماسيف آتاك" الى ضعف الاستجابة الدولية لتخفيف الاعباء المترتبة عن ازمة النازحين السوريين خصوصا الى لبنان.
وكتب على الشاشة الكبيرة خلال العرض "مليون و138 الفا و43 لاجئا سوريا في لبنان. المساعدات الانسانية المطلوبة: مليار و515 مليونا و491 الفا و900 دولار. الاموال التي وصلت من هذا المبلغ: 443 مليونا و633 الفا و509 دولارات".
ويأتي هذا الحفل الذي حضره الالاف في الميناء القديم لمدينة جبيل شمال بيروت، غداة زيارة عضوي الفرقة دل ناجا وغرانت مارشال لمخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في العاصمة اللبنانية.
ويعود جزء من ريع الحفل الى مركز النقب للانشطة الشبابية الذي يعمل لمساعدة سكان المخيم.
ويعيش في لبنان حاليا حوالى نصف مليون فلسطيني بعد التهجير الذي تعرض له الفلسطينيون الذين ارغموا على ترك اراضيهم اثر قيام دولة اسرائيل سنة 1948.
وبعد عقود، لا يزال الكثير من الفلسطينيين يعيشون في ظروف حياتية قاسية في مخيمات تديرها الامم المتحدة في مناطق مختلفة من لبنان.
وقال محمد وهو متطوع شاب في مخيم برج البراجنة، لوكالة فرانس برس ان سكان المخيم "سعيدون جدا لان الاجانب يتضامنون" مع الفلسطينيين على رغم عدم معرفة كثيرين من سكان المخيم بفرقة "ماسيف آتاك".
واشار محمد مرتديا الكوفية الفلسطينية التقليدية الى ان "الاشخاص الذين يعرفونهم كانوا مذهولين لأن +ماسيف اتاك+ موجودة بيننا".
ولفت دل ناجا الى ان الزيارة الى مخيم اللاجئين الفلسطينيين "تغير نظرة المرء الى الامور، خصوصا بعدما تكونون في وسط بيروت الذي يشبه ميامي... ثم تنتقلون الى المخيم وتجدون 45 الف شخص مكدسين في مساحة كيلومتر مربع واحد".
الا انه اكد انه رأى "طاقة مذهلة واناسا طيبين".
وواجهت فرقة "ماسيف آتاك" التي رفضت الاداء في اسرائيل، انتقادات كثيرة على مواقفها الحادة.
الا ان دل ناجا اعتبر "اننا نعيش في عالم الديموقراطية، والانترنت، والتقدم التكنولوجي... انها الديموقراطية على ارض الواقع... اذا ما طلب مني الصمت لانني موسيقي، سيكون ذلك ضربا من الجنون".
وابدى المشاركون في حفل "ماسيف آتاك" في جبيل سرورهم ازاء الموسيقى التي ادتها الفرقة لكنهم اكدوا على حزنهم جراء الاوضاع في المنطقة.
وقال ايلي البالغ 22 عاما والمتحدر من مدينة جبيل ان الفرقة "اتت في ظرف صعب بالنسبة للشرق الاوسط... انهم يجعلون صوتهم -- صوتنا -- مسموعا من خلال موسيقاهم".
اما جوليا وهي شابة ايطالية تبلغ 27 عاما فصرحت "لقد كان ذلك اكثر من مجرد تجربة موسيقية. لقد كان ذلك موقفا سياسيا".