االخرطوم-المغرب اليوم
أعلنت وزارة الموارد المائية والري السودانية تجاوز تصريف النيل الأزرق مستوى الفيضان البالغ 610 مليار متر مكعب من المياه، ووصول تدفق المياه الآتية من الهضبة الإثيوبية عند "محطة الديم" حدود 719 مليار متر مكعب، موضحة أن منسوب نهر الدندر ارتفع بحسب محطة أبحاث النهر إلى 13.28 متر، وذلك بزيادة 8 سنتيمترات عن منسوبه المسجل يوم الخميس في حدود 13.20 متر، وسط توقعات بارتفاع المناسيب تباعًا.
وطالبت السلطات القاطنين بضفتي النيل الأزرق باتخاذ إجراءات السلامة والحيطة والحذر، فيما واصل نهر الدندر ارتفاعه، السبت، ووصل إلى 13.28 متر، وذلك بزيادة قدرها ثماني سنتيمترات عن اليوم السابق.
ويتكون نهر النيل إلى جانب النهريين الرئيسيين، اللذين يكونانه ويلتقيان عند المقرن في الخرطوم "النيل الأزرق - النيل الأبيض"، من عدة أنهر موسمية تتدفق من الهضبة الإثيوبية في الأغلب، إضافة إلى أودية موسمية تسيل في موسم الأمطار لتصبَّ في النيل الرئيسي أو فروعه، ويعد نهر الدندر أحد فروع النيل الرئيسية، إضافة إلى أنهر عطبر والقاش وغيرها.
وقال بلة عبدالرحمن، مدير الإدارة العامة لشؤون مياه النيل بوزارة الموارد المائية، إن وزارته ترصد السحب في الهضبة الإثيوبية عبر صور الأقمار الاصطناعية، ولاحظت هطول الأمطار بكثافة. ودعا المواطنين والجهات المختصة لاتخاذ إجراءات السلامة والحيطة، خصوصًا عند الأحباس الروصيرص سنار، ود مدني، والخرطوم، والخرطوم شندي.
من جهته، وقف وزير المال، بسنار إبراهيم محمد سليمان، على الأوضاع بمحلية الدندر، خصوصًا بعد الزيادات المستمرة في مناسيب نهر الدندر، ورافقه معتمد المحلية رئيس غرفة الطوارئ وأعضاء لجنة الأمن، ووفق وكالة السودان للأنباء، أوضح أن الوضع تحت السيطرة، مشيرًا إلى جهود الغرفة الفنية للطوارئ بولاية سنار، بتنسيق مع غرفة طوارئ المحلية في مجابهة الفيضانات، والاستعداد الجيد لكل الاحتمالات.
من جانبه، دعا الحاكم المحلي "معتمد" عبدالعظيم يوسف إلى تضافر الجهود والتنسيق بين الجهات المختلف للقيام بدورها، وتقديم خدمات الطوارئ، مشيرًا إلى أن الزيادات المستمرة في مناسيب النهر تثير قلقًا من احتمالات الفيضان، ودعا لاتخاذ الاحتياطات المطلوبة على طول شريط نهر الدندر قصد تفادي الخسائر في الأرواح والممتلكات.
وفي شمال البلاد هدد ارتفاع مناسيب نهر النيل مناطق جنوب سد مروي، التي تبعد بنحو 350 كيلومترًا إلى الشمال من الخرطوم، حيث شهدت مناطق الزومة، ومروي شرق، تحطُّم جسور الحماية، وعمرت بساتين النيخل والفاكهة على ضفتي النيل الرئيسي.
وفي جزيرة تنقسي، شمال جسم سد مروي، شكا شهود عيان وفقًا لـ"سودان تربيون" من ارتفاع مناسيب النهر، وقالوا إنه بات يهدد مزارعهم، مشيرين إلى أنها المرة الأولى التي يهدد فيها الفيضان مناطق منذ اكتمال تشييد سد مروي. وشهدت أنحاء متفرقة من السودان الشهر الماضي أمطارًا غزيرة تسببت في سيول ضربت مناطق متعددة، ودمرت أكثر من ألفي منزل كليًا وجزئيًا، وأدت إلى مقتل عدد أشخاص في ولايتي كسلا شرق وغرب كردفان.
وتجتاح الفيضانات السودان سنويًا في موسم الأمطار، وقد شهدت البلاد فيضانًا عنيفًا سنة 2016، لقي خلاله أكثر من 76 شخصًا مصرعهم، إضافة إلى انهيار عدد كبير من المنازل والمؤسسات الحكومية والخدمية، قدرها الهلال الأحمر بفقدان نحو 60 ألفًا و350 مواطنًا لمنازلهم جزئيًا، وكليًا في 13 ولاية من أصل ولايات البلاد، البالغة 18 ولاية.
ويعد فيضان عام 1988 فيضانًا استثنائيًّا، إذ اجتاحت السيول والفيضانات مناطق واسعة من البلاد، وتسببت في كارثة بيئية وإنسانية طاحنة، قتل فيها مئات الأشخاص، ودمرت آلاف المنازل والمنشآت. كما أدى الفيضان الشهير إلى إضعاف حكومة رئيس الوزراء وقتها الصادق المهدي، وإلى إسقاطها بعد أقل من عام بانقلاب الإسلاميين، بقيادة العميد وقتها عمر البشير، واستمراره في السلطة منذ ذلك الوقت.
وعادة ما يشهد موسم الأمطار في السودان هطول أمطار غزيرة تتسبب في سيلان الأودية والأنهار الموسمية، ما يهدد حياة وثروات السكان المقيمين قرب هذه الأودية، فيما يفيض النيل وفروعه المتعددة بما يهدد سكان الضفاف وممتلكاتهم، وتؤدي تجمعات مياه الأمطار في المدن، التي تفتقر لشبكة صرف صحي جيدة، إلى تكون بحيرات يتوالد حولها البعوض والذباب، وينتج عن ذلك تردي الأوضاع الصحية في مدن البلاد، لا سيما العاصمة الخرطوم التي لا تزال تعاني من "البرك" الملوثة، التي تكونت نتيجة أمطار، الشهر الماضي.