مراكش - ثورية ايشرم
يُعتبر "قصر الباهية" عشق المرأة الذي تحول إلى فن معماري وهندسة إسلامية مميزة مغربية، تمتاز بجماليتها العريقة وأناقتها المتألقة والعتيقة، التي تشع باللمسات والخامات المغربية القديمة، والذي يشهد على حقبة تاريخية قديمة عايشتها المدينة الحمراء منذ قرون مضت، والتي قضى فيها الملوك والسلاطين الذين تناوبوا على حكم المدينة أجمل الأوقات وأروعها، أيام عز ورخاء ورفاهية، وهذا ما تعبر عنه هذه المعلمة التاريخية، التي تحوّلت إلى قبلة سياحية مميزة يقصدها زوار المدينة، لا سيما السياح من جميع الدول الأوربية والأميركية.
ويعود بناء القصر في مدينة مراكش عاصمة النخيل إلى الوزير القوي احمد بن موسى ابن احمد السملالي الملقب بـ" با حماد " خلال عهد السلطان عبد العزيز العلوي، الذي جلب امهر الصناع التقليديين والحرفيين للاشتغال على القصر لمدة ست سنوات متتالية ودون توقف، حتى أصبح على هذا الشكل الراقي والمميز الذي حوله إلى معلمة تاريخية يقصد إليها السياح للتملي في فنون الهندسة المعمارية المغربية، لا سيما فيما يتعلق بالنقش على الجبس وعلى الخشب، والتأمل في تلك الخامات المميزة التي تعطي لهذا القصر جمالية مثالية.
وارتبط اسم هذا القصر " الباهية " باسم زوجة " با حماد " حيث أطلق اسمها " لالة الباهية الرحمانية " عليه من شدة حبه وتعلقه بها، وعرفانا منه بمودتها وحنانها وتخليدا للخطوة التي كانت تتمتع بها هذه المرأة الشديدة الجمال لديه، وقد نتج امتزاج المشاعر الجياشة بالفن المعماري المغربي الأصيل لتكون النتيجة هذا القصر المميز الذي يعد من المعالم التي تشتهر بها المدينة الحمراء، والذي أصبح للعديد من الشخصيات السياسية المهمة آنذاك بعد وفاة " با حماد " من الباشاوات والسياسيين والعسكريين وغيرهم.
ويتميز القصر الرائع بهندسته المعمارية التي تشبه غيرها في مختلف المعالم التاريخية في مراكش أو خارجها بخصائص عدة جعلته قبلة مميزة لدى السياح من كل الجنسيات وزوار مراكش المهتمين بالمآثر والمعالم التاريخية يتعلقون بهذه المعلمة، التي تعبر عن الثقافة المغربية المميزة والراقية، فهو يتكون من بوابة القصر الحديدي المحاذية لمحلات تجارية شعبية تجعل الزائر يتنشق عبق تاريخ قديم وعريق، ينبعث من الباب قبل الدخول إلى المجالات الداخلية، التي تمتاز بالكثير من المميزات والخصائص، التي حولت القصر فعلًا إلى تحفة فنية مرموقة في الوسط المجتمعي، وذلك انطلاقا من أجنحته وقاعاته ومختلف الملحقات والأحواض التي يتوفر عليها، والتي تعددت وتنوعت من حيث أشكالها ومساحتها وتميزها بتلك الهندسة المعمارية، من أقواس ونقوش وزخارف جبسية وخشبية وحديدية، فضلًا عن مجموعة من اللمسات الراقية التي منحتها إياه جمالية الزليج والفسيفساء المغربي، الذي لا يمكن الاستغناء عنه في تخصصات الهندسة المعمارية المغربية.
ويشهد هذا القصر المميز مجموعة من الحدائق الطبيعية ذات الأشجار المتنوعة والمتعددة بين الزيتون والليمون والنخيل ومختلف الفواكه الطبيعية التي تعطي جمالية طبيعية وبيئية للمكان والتي تغذيها أشعة الشمس نهارا وتزينها نسمات عليلة خلال الليل، فضلا عن تلك النافورات التي تنتشر في بهو القصر بجماليتها وصوت مياهها المتدفق ورونق تلك الجدران واللمسات المغربية التي ما زالت محافظة على جماليتها الساحرة التي تجذب السياح إليها، وتجعلهم يقضون اوقاتا ممتعة ومميزة في تأمل للمعمار المغربي، الذي يُعتبر من الهواجس والأمور الأساسية التي تجعل السائح يقبل على مراكش من مختلف بلدان العالم وفي كل الأوقات.