مني - واس
يعد مشروع قطار الحرمين السريع أحد المشروعات الإستراتيجية المهمة ضمن البرنامج التنفيذي لتوسعة شبكة الخطوط الحديدية في المملكة, بالإضافة إلى أنه أحد المشروعات الحيوية الملحة في الوقت الحاضر لعدة اعتبارات أهمها تنامي عدد الحجاج عاماً بعد عام, فضلاً عن المعتمرين والزائرين والمقيمين الذين يفدون إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة طيلة أشهر السنة, إضافة إلى مواسم العطل والإجازات .
وتتعدد مزايـا المشـروع الذي يعد أضخم مشروع نقل عام في الشرق الأوسط حتى الآن, التي تسهم في تخفيف الضغط والزحام على الطرق بين مكة المكرمة والمدينة المنورة, وكذلك محافظة جدة، بالإضافة إلى إسهامه في الحد من الحوادث المرورية وما يترتب على ذلك من خسائر في الأرواح والممتلكات, إلى جانب توفير الفرص الوظيفية للشباب السعودي بعد تأهيلهم وتدريبهم على أعمال التشغيل والصيانة والراحة والأمان والسرعة، الذي يوفرها السفر بالقطارات, كذلك يسهم في تقليل التلوث الناتج عن عوادم السيارات .
ويتكون مشروع قطار الحرمين السريع من إنشاء خطوط حديدية مكهربة بين مكة المكرمة مروراً بمدينة جدة ومنطقة المدينة المنورة بطول يزيد على 45? كلم, مجهزة بأنظمة إشارات واتصالات حديثة وتوفير قطارات سريعة بأحدث التقنيات المستعملة في القطارات العالمية, إلى جانب التجهيزات الأخرى التي تجمع بين الضرورة والترفيه والمتعة العالية, حيث يتضمن المشروع إنشاء خمس محطات ركاب في كل من وسط جدة, ومطار الملك عبدالعزيز بجدة, ومكة المكرمة, والمدينة المنورة, ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية برابغ, وصيانة وتشغيل المشروع وتوفير الطاقة الإضافية لمجابهة نمو الطلب طيلة فترة عقد التشغيل .ويمر المشروع بمرحلتين هامتين الأولى تهتم بالأعمال المدنية والجسور والعبارات والبنى التحتي, وإنشاء المحطات, فيما تتكون المرحلة الثانية بإعداد المسارات والسكك و" القطارات .. من حيث تصنيعها وتوريدها وتركيبها وتشغيلها بمرافقها ومتطلباتها كافة ", إلى جانب إعداد الأنظمة الكهربائية والميكانيكية .
ويتضمن المشروع إنشاء أربع محطات رئيسية موزعة مابين مكة المكرمة وجدة ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية برابغ والمدينة المنورة, إضافة إلى إحداث محطة إضافية خامسة حسب ماصدر مؤخراً بشأن التوجيه بإنشائها في مطار الملك عبدالعزيز ضمن "التوسعة الجديدة"، وربطها بالمشروع بالكامل .
وتحتوي كل محطة على صالتي قدوم ومغادرة، إلى جانب توفرها على مسجد ومركز للدفاع المدني ومهبط للطائرات المروحية, وأرصفة لوقوف القطارات والركاب, ومواقف للسيارات قصيرة وطويلة الأمد, وصالات لكبار الشخصيات, ومحلات تجارية ومطاعم ومقاهي، فيما صنفت محطاتا مكة المكرمة والمدينة المنورة لتكون "محطات طرفية End Stations ", أما محطاتا جدة ورابغ فتعد "محطات عبور Through Stations ".
وتعد محطة مكة المكرمة الواقعة بحي الرصيفة الأكبر والأكثر تكلفة بين محطات المشروع, حيث تبلغ تكلفتها 3 مليارات و 200 مليون ريال, يليها محطة السليمانية بجدة بتكلفة 2 مليار و 900 مليون ريال, ثم محطة مدينة الملك عبدالله الاقتصادية برابغ بتكلفة بلغت مليار و 750 مليون ريال, وأخرها محطة المدينة المنورة بتكلفة تبلغ مليار و 545 مليون ريال.
كما يتضمن المشروع إنشاء ما يقارب 140 جسراً ، و 860 عبارة لتصريف مياه الأمطار والسيول, إلى جانب عمل 35 قطاراً من القطارات الكهربائية السريعة تبلغ سرعتها التشغيلية 300 كلم في الساعة، يتكون كل قطار منها على 13 مقطورة للركاب توجد بدرجتين أولى وثانية، حيث روعيت فيها أجود الاشتراطات العالمية لوسائل السلامة الفنية والتنفيذية والتصميمية, التي تسهم في انعدام احتمالية وقوع أية حوادث في المشروع - بإذن الله تعالى - , وستكون النسبة صفر بالمائة, حيث راعى القائمون على المشروع أن لا يتعدى التفاوت المسموح به في الحوادث والسلامة هذه النسبة .
وجري حالياً تصنيع القطارات بمواصفات ومقاييس عالمية من خلال شركة " تالغو " الأسبانية الرائدة والمعروفة عالمياً, حيث اختيرت التصاميم والمواصفات التي تراعى خلال تنفيذ تصنيع القطارات, منها اختيار اللون الأبيض اللؤلؤي بتموجات بسيطة باللون الأخضر المتدرج، ومن المتوقع بمشيئة الله, الانتهاء من إنشاءات المحطات الأربع مع نهاية السنة الميلادية الحالية 2014 م, حيث سينتهي الإنشاء من القطاع الشمالي "جده ـ رابغ" في منتصف 2015م, والقطاع الجنوبي "مكة ـ جده" في منتصف 2016م.
يذكر أن مشروع قطار الحرمين السريع تم إقراره من المجلس الاقتصادي الأعلى بموجب قرار بتاريخ 23 -3 -1423هـ, المتضمن تنفيذه بطريقة البناء والتشغيل والإعادة (BOT), بمشاركة القطاع الخاص, حيث صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -, على تغيير أسلوب تنفيذ هذا المشروع بحيث ينفذ كمشروع حكومي بتمويل من الصناديق المتخصصة, ثم صدر قرار مجلس الوزراء بتاريخ 17- 2 - 1431هـ، يقضي بقيام صندوق الاستثمارات العامة إبرام عقود الخدمات والأعمال للمشروع، على أساس قرض حسن من الموارد المالية للصندوق, وأن يعوض من اعتمادات الميزانية العامة للدولة في السنوات القادمة .
ومن المؤكد أن المشروع سيحدث نقلة حضارية واقتصادية للمملكة بشكل عام، ولمنطقتي مكة والمدينة بشكل خاص, حيث سيستفيد من خدماته - بأذن الله تعالى - ملايين الحجاج والمعتمرين والزائرين, إلى جانب خدمة المواطن والمقيم .