ليما - أ.ف.ب
تبدو تلة بوروتشوكو كأي من المرتفعات المطلة على عاصمة البيرو، لكنها في الواقع كنز أثري يضم اكثر من الفي مومياء، ما دفع السلطات الى استبدال مشروع لشق طريق سريع قد يأتي على بعض الاثار فيها، بنفق داخلي.
ويضم هذا المكان الواقع الى الشرق من العاصمة ليما، والعائد الى زمن امبراطورية الانكا مصنوعات من السيراميك ومئات المقتنيات الذهبية والفضية، الى جانب حوالى الفي مومياء.
وقد اصبحت هذه التلة محاصرة بالتوسع العمراني الذي تعيشه ليما، في ظل الطفرة الاقتصادية والعقارية، وقد شيدت في الآونة الاخيرة جامعة جديدة ومركز تجاري على مقربة منها.
وحتى الآن، لم تشمل اعمال التنقيب اكثر من 10 % من مساحة الموقع الممتد على 76 هكتارا، لكن علماء الاثار يؤكدون ان كل منطقة بوروتشوكو "تضم معالم ومقابر وأضرحة تعود الى ما قبل الغزو الاسباني، لم تنقب حتى الآن بسبب النقص في الاموال اللازمة"، بحسب ما تقول كليد فالادوليد مديرة متحف بوروتشوكو لوكالة فرانس برس.
ويتقاطر السياح لزيارة القصر الواقع على التلة، والذي رمم وجهز لاستقبال الزوار بصعوبة.
لكن الزحف العمراني في ليما متواصل، فهذه المدينة ذات العشرة ملايين نسمة تسجل واحدا من اعلى معدلات النمو في اميركا اللاتينية، وبات يتعين على سلطاتها شق طرق جديدة تصل العاصمة بمناطق الانديس وسائر مناطق البلاد.
وكان مقررا ان يشق طريق سريع يمر في مساحات في التلة الاثرية، لكن ضغط وزارة الثقافة نجح في تعطيل المشروع.
واستبدل هذا المشروع بآخر وضعه مهندسون مبتكرون، ويقضي بشق نفق يخترق جوف التلة بعيدا عن سطحها الغني بالاثارات، طوله 45 مترا ويضم ثلاث طرقات، ويتوقع ان تسلكه يوميا ثمانية الاف سيارة.
وبدأ العمل بالفعل في هذا المشروع في شهر آب/اغسطس الماضي ومن المتوقع ان يختتم العمل به في شهر حزيران/يونيو، وتبلغ تكاليفه تسعة ملايين دولار.
وقال المهندس اونيريو روبليس المشرف على انجاز شق النفق "انه عمل هندسي بدقة عالية، مصمم بحيث لا تتضرر المقابر الفريدة من نوعها في البلاد".
واضاف "حين خططنا النفق وبدأنا بالحفر عثرنا على مومياء، فتوقفنا واعدنا حساباتنا من جديد".
ومن التحديات المطروحة امام هذا المشروع الحفر في الصخور بوسائل تقليدية دون استخدام المتفجرات.
وكانت هذه التلة قبل أكثر من خمسة قرون مركزا دينيا واداريا مهما لحضارة الانكا.
ويقول البرتو يونيو وهو عالم اثار في جامعة سان ماركوس ان قمة التلة تضم قصرا آخر يعود الى حقبة ما قبل حضارة الانكا.
وفي ظل ضجيج الالات وشق النفق، تأمل عالمة الاثار كليد فالادوليد بان تتم السلطات المحلية وعودها بانشاء متحف في الموقع يضم المومياوات المكتشفة في الموقع، وهي المجموعة الاكبر في البلاد، وان يقام فيه مختبر لدراستها وكشف اسرارها.
وعثر على المومياوات البالغ عددها نحو الفين في العام 2010، اثناء شق جادة في حي توباك امارو الفقير في ليما.
ومن بين الرفات التي عثر عليها واحدة تحمل اثار طلق ناري، وهي تعود على ما يبدو الى اول شخص قتل بسلاح ناري في القارة الاميركية.
وتحمل بقايا اخرى اثار ضربات سيوف، ما يدفع الباحثين الى الاعتقاد ان هذا المكان شهد معركة بين الانكا والغزاة الاسبان الذين وصلوا الى ليما في العام 1532.
وتقول فالادوليد "في الجزء الاسفل من بوروتشوكو توجد ثلاثة اهرامات مع سلالم ومقابر" داعية الى اقامة سياج لحمايتها.