الرئيسية » القضايا والأحداث الفنية
"إحياء ذاكرة مدفونة" فيلم من صناعة طفل مغربي

برلين - من أمين بنضريف

يشهد "مهرجان سينما السود العالمي" الذي تنظمه برلين خلال الفترة من 8 إلى 12 من الشهر الجاري في نسخته الثامنة والعشرين، مفاجأة كبيرة بعد أن قام طفل مغربي يدعى عيسى الرباوي بعرض فيلما يوثق لحقبة تاريخية مهمة، فيما يشارك في المهرجان صانعوا أفلام من مختلف أنحاء العالم. ويجلس عيسى بعد خروجه من المدرسة وإنجازه لواجباته المدرسية، ،البالغ من العمر 12 عاما، لساعات طويلة أمام حاسوبه في غرفته الصغيرة بإحدى أحياء برلين القديمة، ليس للاستمتاع بآخر ألعاب الكمبيوتر أو للدردشة مع أصدقائه عبر مواقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" وغيرهم، بل للعمل في أول مشروع سينمائي له، سيقدمه في "مهرجان سينما السود العالمي2013" Black International Cinema Berlin.
وتكتظ رفوف مكتبه الصغير بأشرطة الفيديو والكتب التاريخية، التي استعان بها عيسى بغية إنجاز فيلمه، فاحتاج إلى أكثر من عام ونصف لتجميع المحفوظات وصور الأرشيف ولقطات الفيديو، التي استعان بها في إنجاز فيلمه الوثائقي، وساهمت شقيقته كاهنة التي تبلغ من العمر عشر سنوات فقط في عملية البحث والمونتاج.
وجاء اهتمام عيسى بالتاريخ، بسبب ترعرعه في أسرة متعددة الثقافات والأعراق، فأمه ألمانية وأبوه مغربي. وبسبب بحثه المتواصل واهتمامه الكبير بجذوره المغربية، فكر عيسى بإنجاز فيلم وثائقي يؤرخ لحقبة تاريخية " مدفونة" أو " منسية" على حد تعبيره، وهي فترة الاستعمار الأسباني للمناطق الشمالية المغربية ومقاومة القبائل الريفية بقيادة عبد الكريم الخطابي.
ويحمل الفيلم الوثائقي عنوان " إحياء ذاكرة مدفونة" " The Return of The Repressed"في إشارة إلى عدم اهتمام التاريخ المعاصر بهذه الحقبة التاريخية، التي كان لها وقع كبير على هذه المنطقة.
وتدور أحداث الفيلم عن مقاومة القبائل الريفية مابين 1920 و1927، شمال المغرب، بقيادة عبد الكريم الخطابي للاحتلال الأسباني والفرنسي. وبعد اكتشاف مخزونات كبيرة من الحديد في مدينة مليلية شمال المغرب، تم إجبار السكان على العمل في المناجم لتلبية احتياجات الشركات الصناعية الكبيرة وتزايد الاضطهاد والاستغلال أدى بعدها إلى ارتفاع حدة المقاومة، لتندلع بعدها معركة أنوال التاريخية، التي وقعت في 22 تموز/يوليو، 1921في المغرب الأسباني بين الجيش الأسباني في أفريقيا ومقاتلين مغاربة من منطقة الريف الآمازيغية، في شمال شرق المغرب الأقصى خلال حرب الريف.

وانتهت المعركة بهزيمة عسكرية للجيش الأسباني، لدرجة تسميتها من قبل الأسبان بكارثة أنوال، ولكن الاستعمار رد على هذه الهزيمة بعدة هجمات مركزة على معاقل المقاومة الريفية، ما أدى في الأخير إلى استسلام عبد الكريم الخطابي في 26 من أيار/ مايو 1926، ونفيه إلى جزيرة لاريونيون "la réunion" إلى حدود سنة 1947؛ ليستقر بعد ذلك في مصر ويدفن فيها.
ويثير الفيلم أيضا قضية اتهام أسبانيا آنذاك بإلقاء قنابل تجريبية كيميائية وغازات سامة في محاولة لإخماد مقاومة شمال المغرب بقيادة عبد الكريم الخطابي، وفي عام 1990، كشف اثنان من الصحافيين والمحققين الألمانيين روديبرت كونتس ورولف ديتر ميلر في عملهما "الغاز السام ضد عبد الكريم: ألمانيا، أسبانيا وحرب الغاز في المغرب الأسباني، 1922-1927)، على أن القصف بالكيماوي قد حدث بالفعل. ويؤكد المؤرخ البريطاني سيباستيان بالفور في كتابه "عناق الموت"، على ثبوت استخدام واسع النطاق للأسلحة الكيماوية في هذه الحرب، متحققا من ذلك بعد دراسته للعديد من المحفوظات الأسبانية والفرنسية والبريطانية، ولكن السلطات الأسبانية تنفي استخدام الأسلحة الكيماوية في حرب الريف.
من خلال مجموعة من الصور والمحفوظات ومقاطع الفيديو، التي يحتوي عليها فيلم "إحياء ذاكرة مدفونة" ،يحاول عيسى أن يعرف بهذه الحقبة التاريخية، " من وجهة نظر المهزومين" على حد تعبيره،  وهذا يمثل بالنسبة له إشارة مهمة بغية جذب الاهتمام " إلى واحدة من القصص التي نسيها التاريخ"، حيث يشتكي عيسى غياب هذه الحقبة في المقررات الدراسية وكتب التاريخ الكلاسيكية.
ولهذا يؤكد المنتج السينمائي ومدير المهرجان، البرفيسور دونالد مولدرو غريفيت على أهمية فسح المجال لأفلام من هذا النوع.
وأضاف "يركز المهرجان على تقديم الأعمال ذات الطابع الفني والثقافي والسياسي، وبخاصة منها الأعمال التي تهتم بالتواصل بين الثقافات والتي يتم فيها تسليط الضوء على بعض القضايا، التي لا تحظى بالاهتمام الكافي.
ويعتبر دونالد أن هذا الفيلم الوثائقي هو عمل مميز لصانع أفلام واعد، استطاع ترجمة أفكاره إلى فيلم وثائقي أثار مشاعر الحاضرين، من بينهم الألمانية أنجيلا كرامر،التي تابعت الفيلم وأظهرت إعجابها بقصته التي قالت أنها" لم تسمع عنها من قبل"، ولهذا فهي ترى أن مثل هذه الأفلام" تساهم في تعزيز الحوار وتبادل المعلومات والتجارب بين الناس من مختلف الخلفيات الثقافية والعرقية والقومية والدينية."
وبالإضافة إلى البعد السياسي والفني والثقافي، الذي يحمله هذا الفيلم يؤكد عيسى أيضا على البعد التربوي، المتمثل في تنوير الأطفال في سنه بأهمية التاريخ والبحث عن الجذور التاريخية. ولهذا يريد عيسى بعد تقديم فيله في مهرجان سينما السود العالمي، القيام بجولة في عدة مدارس ألمانية وأوربية، ليس فقط من أجل التعريف بفيلمه " إحياء ذاكرة مدفونة" بل أيضا" بغية التأكيد على أهمية التاريخ كـ"أداة تربوية".

View on yeslibya.net

أخبار ذات صلة

تعرّف على هونديسا المطرب الذي رحل فتوتر الشارع الإثيوبي
الدراما التونسية تودّع صلاح الدين الصيد عن عمر 70…
كل ما تريد معرفته عن مسلسل مي عز الدين…
أفلام جديدة في موسم عيد الأضحى بعد فتح المسارح…
4 أفلام تونسية تحصل على فرصة بمنصة البث التدفقي…

اخر الاخبار

"النواب الليبي" يُرحب بدعوة مجلس الأمن لوقف إطلاق النار
عقيلة يكشف آلية تشكيل المجلس الرئاسي الجديد
الخارجية الأميركية تدعو إلى وقف التصعيد وإطلاق النار في…
وقف عملية إجلاء الليبيين العالقين فى تركيا لحين عودة…

فن وموسيقى

هند صبري تُعلق على قضية الشاب المصري الذي تحرش…
نيللي كريم ترد على اتهامات تشبيه "بـ100 وش" بفيلم…
هاني شاكر يتمنَّى أن يكون المصريين "أكثر رقة" ويؤكّد…
أمينة خليل تُؤكّد أنّها لم تخَف مِن طرح القضايا…

أخبار النجوم

التونسية درة تؤكد أن طموحاتها الفنية أكبر مما حققته…
لوسي تكشف سبب غيابها عن موسم الدراما الرمضانية هذا…
فرح المهدي تؤكد أن دورها في "ورود ملونة" حقق…
ليندا بيطار تقدم مجموعة من الأغنيات السورية وتكشف عن…

رياضة

كورونا تؤخر التحاق أكرم الزوي بالفيصلي الأردني
إغلاق الحدود يحرم المحترفين الليبيين الالتحاق بأنديتهم
الهريش يشيد بمعاملة الجزائريين ويأمل استئناف الدوري قريبًا
الاتحاد الليبي لكرة القدم يدرس إقامة دوري جديد

صحة وتغذية

أطعمة تُخلصك من اضطراب المعدة والإسهال تعرف عليها
أسباب تجعلك تُدخل "شاي شاغا" في نظامك الغذائي
طبيب يعلن عن أكثر الخرافات المتعلقة الشاي
حالات الإصابة بـ"كورونا" في أفريقيا تُسجل مستوى جديد

الأخبار الأكثر قراءة