القاهرة ـ أ.ش.أ
ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" أن أكثر من 20 مليون شخص في منطقة الساحل والصحراء يعانون فعلياً من انعدام الأمن الغذائي، وتتفاقم هذا الوضعية حالياً بسبب موسم الجفاف الحالي، والاستنزاف الجارى للمخزونات الغذائية.
ودعت "فاو" في بيان وزع في القاهرة اليوم مجتمع المانحين الدولى إلى تجديد الالتزام بمناهضة الجوع وانعدام الأمن الغذائى فى إقليم الساحل والصحراء، من خلال حماية وتعزيز مرونة التكيف للأسر الفقيرة والمعدمة فى تلك المنطقة.
وقال منسق الأمم المتحدة الإقليمى للشئون الإنسانية فى الساحل والصحراء روبرت بايبر، “إذا أردنا الخروج من هذه الحلقة المفرغة للأزمات المزمنة فى جميع أنحاء إقليم الساحل، لا بد من اعتبار مساعدات الطوارئ للمزارعين والرعاة الأشد تعرضاً للخطر بمثابة أولوية قصوى”؛ مضيفاً أن “أفضل وسيلة للحد من حالات الطوارئ فى الغد، هى مساعدة الأسر على حماية أصولها اليوم”.
وأكد الخبير بوكار تيجانى، المدير العام المساعد لمكتب منظمة “فاو” الإقليمى لأفريقيا، أن “ثغرات التمويل أخّرت التدخلات التى يمكن أن تحول دون تفاقم حالة الأمن الغذائى أكثر فأكثر وتدهور قدرات المجتمعات الضعيفة على مواجهة الصدمات المتكررة”.
وهذا العام، كجزء من التزام “محو الجوع” فى إقليم الساحل والصحراء أطلقت الأمم المتحدة والشركاء فى المجال الإنسانى خطة طموحة لمدة ثلاث سنوات كاستجابة استراتيجية للإقليم بأسره عملاً على تدعيم الصمود والتكيف على المدى الطويل، من خلال معالجة الأسباب الجذرية للجوع. وتشمل الخطة أيضاً التوسع السريع فى التدابير بغية تلبية متطلبات الأمن الغذائى والاحتياجات الغذائية الفورية للفئات السكانية المعرضة للخطر.
وعلى مر السنوات، بالرغم من الجهود التى تبذلها الحكومات والشركاء لمكافحة الجوع فى إقليم الساحل، لا تزال الأوضاع باعثة على القلق الشديد.
ويزداد انعدام الأمن الغذائى المزمن فى إقليم الساحل تدهوراً بسبب تواصل النزوح السكانى، ويحتاج النازحون من جمهورية أفريقيا الوسطى ونيجيريا ممن يلتمسون اللجوء إلى الكاميرون والنيجر وتشاد، إلى مساعدات عاجلة.
وفى كثير من الحالات، تستخدم الأسر المضيفة من أجل تلبية جزء من احتياجات اللاجئين احتياطياتها الغذائية الخاصة ومواردها المحدودة. ويفر اللاجئون المشردون عادة مع ماشيتهم، مما يلقى ضغوطاً إضافية على الموارد الطبيعية والمساحات المزروعة، وبالتالى تزيد هذه الوضعية من احتمالات نشوب الصراع فيما بين المجتمعات المحلية. وبالفعل، ولّدت الاشتباكات الأخيرة فى شمال مالى حالات نزوح جديدة باتجاه الجنوب من مالى والبلدان المجاورة.
وفى حين تكتسب مساعدات المنظمة الحالية أهمية خاصة لحماية سبل المعيشة للأسر الأشد ضعفاً، تعوق ثغرة التمويل الحالية الجهود الرامية إلى مساعدة الرعاة والمزارعين، والمزارعين الرعاة.
لكن المنظمة تعتزم مواصلة دعم الأسر الريفية الفقيرة والمعدمة التى لا تستفيد من إعانات سبل المعيشة، بغية تلافى أن تستمر تلك فى الاعتماد على العمالة المؤقتة وتقلبات الأسواق للحصول على إمدادات الغذاء، أو تطبيق استراتيجيات المواجهة المؤقتة لاحتواء الأضرار المباشرة من خلال بيع أصولها، وخفض عدد الوجبات، أو سحب الأطفال من المدارس.
وقدمت المنظمة مساعدة حرجة بالفعل لإغاثة أكثر من 1.2 مليون أسرة ريفية فى عمليات إعداد الحملة الزراعية للموسم الجارى. وتساعد المنظمة أيضاً الرعاة الضعفاء من خلال إعادة رسملة القطعان، وتوزيع المنتجات البيطرية، وإعادة تأهيل نقاط المياه، والتدريب.
ويضيف الخبير بوكار تيجانى، المدير العام المساعد لمكتب منظمة “فاو” الإقليمى لأفريقيا، أنه “لا بد من بذل المزيد لحماية الأرواح وسبل العيش للمجتمعات الضعيفة فى الإقليم، والتى تتضرر فى أحيان كثيرة من جراء مختلف الصدمات”؛ مضيفاً، “وبالدعم الحينى من الجهات المانحة، لا يزال من الممكن للمنظمة أن تحول دون مزيد من تدهور أوضاع المعيشة والإيفاء بفرص الزراعة التى فات أوانها أولياً لدى كثير من المجتمعات المحلية الضعيفة، وفى الوقت ذاته تعزيز مرونتها بفضل التدخلات على المدى الطويل”.
وفى منطقة “كانم” الغربية من تشاد، قادت جهود منظمة “فاو” مؤخراً إلى نتائج هامة من حيث تعزيز مرونة الاستجابة السكانية بفضل نهج واسع النطاق للربط بين وصول المرأة إلى الأراضى المروية، والممارسات الزراعية الجيدة، وإتاحة الرى بالتنقيط، وتربية الماعز، والتدريب، والتغذية الجيدة، وتهيئة الأنشطة المدرة للدخل. وبفضل الدخل الإضافى من الزراعة والتدريب، أصبح ما يتجاوز نصف المستفيدين يعدون وجبات غذائية أكثر تنوعاً وتوازناً، ولوحظ تراجع كبير فى سوء التغذية بين الأطفال، لينخفض إلى 12.6 بالمائة فى الأسر المستفيدة مقارنة بنسبة 31 فى صفوف غير المستفيدين.
ووجهت "فاو" نداء لتمويل مقداره 116 مليون دولار لإقليم الساحل، كجزء فى مناشدة أوسع نطاقاً بما يبلغ 2.2 مليار دولار، أطلقتها أفرقة الأنشطة الإنسانية فى جميع أنحاء الإقليم، ولم يقتطع لها حتى هذا اليوم أكثر من 29 بالمائة من المجموع.