القاهرة ـ أ.ش.أ
تدور الأحداث في رواية "كيس أسود ثقيل" للكاتب عمرو عاشور، والتي تتناول حياة بطلها وهو الراوى "عاطف" في جزءين، الجزء الأول حيث أحلام المراهقة الساذجة والاندماج في عالم الحواديت وحلمه البرىء في أن يصبح عالما مثل مصطفى محمود، وقول أمه "أنت خلاص اتجننت الحواديت اللى باحكيهالك لحست عقلك"، ويعتمد الكاتب في الحكى على الحواديت التي تعوضه عن الحنين إلى والده الغائب وصراع الأهل وخيانة الأم، وكأن الحواديت التي تأخذه إلى عالم الخيال تعوضه عن قسوة الواقع، وتنتشله من الحنين إلى جدته التي لم يتوقع أن يتمكن الموت من انتزاعها من الحياة. ويقول الراوى: "أقضى طوال الوقت ما بين مشاهدة التليفزيون وقراءة الكتب، أمتلك مجموعة كبيرة من الكتب "المغامرون الخمسة، الشياطين الـ13، فلاش، ومجلد ميكى الكبير، حين أشرع في القراءة يذوب كل من حولى ويتلاشى، حينها أشعر وكأنى أسبح في البحار أو أحلق في السماء، فلا أسمع نداء أمى، ولا ضجيج الورش بالخارج". وتمكن الكاتب من خلال هذا الجزء من مناقشة مشاكل المصريين بأسلوب بسيط وسلس وشيق من خلال عقل الصبى الذي لا يزال في طور النمو، حيث البراءة وسذاجة الأفكار، ويمكن أن يصل هذا الانطباع للقارئ بسهولة في جمل على لسان الصبى مثل "لماذا لا ينزل الرب ليعيش معنا بدلا من الوحدة؟.. أشعر بالشفقة عليه"، كما تعرض لحال المصريين في البلاد العربية بعد عودة والده وتساؤله "هل حقا هناك بلاد كل أهلها أغنياء؟" أما الجزء الثانى من الرواية يأتى تحت عنوان "نحمل الأماكن بداخلنا ونرحل"، حيث يشب الفتى ويصطدم بالواقع عندما يفيض به من أبيه العاطل وصبر أمه عليه ليقول لها "انتى برده هتصرفى عليه؟" وترد الأم بانكسار "معلش أصله غلبان وصعب عليا"، ثم يبدأ في التخلى عن أحلامه بالتحاقه بكلية الحقوق بدلا من الطب، ويواجه موقفا يشبه لقاء محمود عبد العزيز بالريس ستامونى في فيلم الكيف، فيتخلى عن حلمه بأن يصبح شاعرا معروفا، وهنا يصبح الكيس الأسود أكثر ثقلا. وتناولت الرواية المشاكل التي تتعرض لها المرأة في مجتمعنا ويظهر ذلك من خلال شخصية "الأم" التي تتمسك بزوجها وتسانده رغم إهانته له وأنها تتولى الإنفاق عليه لتبرر ذلك بقولها "الست من غير راجل تبقى زى الكلبة اليتيمة"، وتأثير ذلك على تربيتها لأبنائها وتقول لأولادها "أنت وأختك عندى بالدنيا.. لو حكمت أبيع جلدى عشان أربيكم.. هبيعه"، وكيف تحمله مسئولية أكبر منه حين تقول له "عاطف هو راجل البيت"، مما جعل نشأته تخلق منه شخصية مهزوزة يشك أنه يعانى انفصاما. واعتمد الكاتب في روايته على اللغة البسيطة التي تعبر عن الشخصيات والمكان حيث تدور كل الأحداث في مناطق شعبية وبين أشخاص بسطاء، فاعتمد على اللغة العامية كما تُنطق تماما عند الحكى على لسان الشخصيات البسيطة مثل "أنا كنت صغيرة" "طفشت الراجل يا بت الكلب هناكل منين دلوقت؟" واستخدم الكاتب أسلوب المزج بين كتابة المجموعات القصصية والرواية، حيث كانت الرواية في مجموعة من الحكايات غير المرتبة والمنفصلة زمنيا، وهو الأمر الذي لم يؤثر على سير الأحداث أو اكتمال الفكرة لدى القارئ، بل كان أسلوبا مميزا في الكتابة. ودارت أحداث الرواية حول شخصية محورية وهو "عاطف" الشاب الراوى، وأمه وأخته وأبيه وجدته، وبعض الشخصيات العابرة في حياة الشاب. والرواية بشكل عام تعبر عن حمل ومعاناة شاب مصرى كيسه الأسود الثقيل في فترة مبكرة من حياته، ومع مرور الوقت يزداد ثقل الكيس ويزداد التحامه به.