القاهرة - أ.ش.أ
رواية "النمروذ" للمؤلف أحمد صلاح سابق، والصادرة مؤخرًا عن دار كيان للنشر والتوزيع، تحكي العلاقات السرية والتداخلات بين رجال أمن الدولة والتنظيمات الإرهابية في صعيد مصر.
الرواية تعد رحلة مشوقة مليئة بالغرائب تزدحم فيها الأحداث وتتشابك التفاصيل وتتلاحق فلا تترك للقارئ إلا المضي في القراءة ليتتبع مسيرة عائلة "الجارحي" التي استطاعت أن تتخذ من عالم الإجرام سلمًا يمكنها من الصعود إلى أعلى القمم في ربوع مصر، وشاب ينشأ في هذه العائلة فيجد كل شيء أمامه، حيث الفوضى وما تحمله من دلالات صارخة بين الطموح الشاهق والانحدار الساحق والتجبر والتخاذل وازدراء الآخرين وتدنى احترام الذات، شاب لم يعد ثَمَّة شيء يستحثه أو يدهشه أو يخيفه.
انعزل عن العالم المحيط في كبسولة محكمة، لم يعد يسمع فيها إلا صوت أنفاسه قادمة من بعيد، عبر مواسير طويلة، بتردد عميق وبطء، مضى في حياته ينقرها نقر الغراب، ويتلفت فيها التفافة الثعلب إذ يعلم أنه مُطارد، وخاض حالةً ممتدةً من المناورات الخطيرة والتركيز الشديد وضبط العواطف، متحريًا الحذر في كل أحواله، مراقبًا الناس في سره وعلانيته، محاسبًا نفسه على السقطة واللقطة.
أعوام مرَّت عليه في حصر وضغط، فصار يُحدِّث نفسه كل ليلة: "كل يوم قضيته طليقًا، هو يوم غلبتهم فيه.. كل وجبة طيبة أكلتها، هي وجبة لم ينتزعها مني أحد.. كل نفس استخلصته من الهواء، هو نصر سلبته من الدنيا".
تبدأ الرحلة عندما يسطير الموت على كل ما يحيط بــ"حسين حربي" على زوجته، التي دخل عليها الغرفة ووجدها بين يدي أربعة رجال، دار بينه وبينهم صراع طويل وقاس من أجل البقاء، حادثة أيقن جيدًا أنها لم تكن عشوائية، بل كان كل شيء معد سلفًا، ولهدف معين كما يفصح الراوي العليم، حينما يأتى إلى "حسين" رجل ثمين يحثه على الآخذ بالثأر في نفس الليلة ويمده بكل ما يحتاج من أجل إتمام المهمة التي ما كان ليتحرك لإتمامها لولا أن تعرض لصدمة مزلزلة تقلعه عن جذوره.
وبلغة مكثفة وشيقة، يجذب الكاتب القارئ إلى تفاصيل حياة "حسين حربي" المقدم الحاصل على درجة الليسنانس في القانون والشرطة والذي كرمه رئيس الجمهورية منذ أحد عشر عامًا ضمن دفعات التخرج من كلية الشرطة، وحصل على نوط الامتياز من الدرجة الثانية، وعمل فور تخرجه في مكافحة الإرهاب بجهاز أمن الدولة، والتحق بالإدارة المركزية لإنقاذ الرهان بإدارة العمليات الخاصة، وخاض الكثير من العمليات الخاصة أثبت فيها مهارة فائقة، ثم تولي دورًا تنسيقيًا بين الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ومكتب مكافحة المخدرات الأمريكي بالقاهرة، ثم أنشئت وحدة خاصة، تولى رئاستها اللواء محروس عسل مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الأمن، وتولى حسين حربي نيابة الرئاسة بفضل توصية وقحة ومباشرة من شخصية كبيرة جدًا في وزارة الداخلية، تجاوزت به جمعًا كثيفًا من الضباط الأكفاء أصحاب الرتب الأعلى.