الحكومة المغربية تعيش أخر أنفاسها

الحكومة المغربية تعيش أخر أنفاسها

المغرب اليوم -

الحكومة المغربية تعيش أخر أنفاسها

فوزية الأبيض

ونحن نناقش قانون المالية لعام 2016، تعيش مؤسسة الحكومة أخر أنفاسها تحت إكراه ضغط الوقت لتنزيل ما تبقى من برنامجها التعاقدي، يفرض علينا من موقعنا السياسي في مؤسسة المعارضة، مساءلتها عن نسبة تطبيقه، عن مصداقية وفعالية التقائية سياساتها العمومية في مجالي العدل والحريات والوظيفة العمومية، وعن نسبة أثرها على معدل البطالة، الاستثمار والتنمية وحقوق الإنسان وعن صورة المغرب الحقوقي في الداخل والخارج.
 
واعتبرت الحكومة أن الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة يأتي في صدارة أولويات برامجها، ومنذ ذلك التاريخ ونحن نواكب تطلعات المغاربة إلى ملامسة الإصلاح الذي يروم تعزيز المكانة الدستورية المتميزة للقضاء، بالنظر لدوره في البناء الديمقراطي الحقيقي، وترسيخ دعائم دولة الحق والقانون والمؤسسات وحماية حقوق المواطنين وحرياتهم وإرساء قواعد سيادة القانون
ولقد واكبنا تنزيل مخططات عمل الوزارة في هذا القطاع الحساس، ولامسنا التدابير المكثفة التي اتخذتها الوزارة المعنية بإصلاح وتخليق القضاء، والتصورات المهمة بهذا الخصوص، إلا أننا كمعارضة، إلى جانب التنويه بالمجهودات المبذولة، من أجل تحسين مناخ العدل، كنا ننتظر الكثير من هذا القطاع، الذي حظي بميزانية سخية وبصلاحيات دستورية جعلت منه سلطة مستقلة، حيث لم تتم الاستجابة إلى جزء من هذه الانتظارات، مثل خلق مفتشية عامة مستقلة.
 
ونعتبر النقاش الذي صاحب مقترح استقلال كل من جهاز النيابة العامة، وقضاء التحقيق عن سلطة وزارة العدل، مطلبًا هامًا، تفعيلًا لمبدأ فصل السلط، لكن هذا لا يعفينا جميعًا من ضرورة التفكير في دقة الموضوع، مع توفير آليات مضبوطة لمراقبة إعمال كل منهما من طرف القضاة، لتجنب كل تجاوز أو انحراف أو محسوبية.
وطرح تساؤلات حول نسبة احترام وتنزيل ما يوفره الدستور من حماية للحرية والكرامة لكل مواطن، وما تعرفه السياسة الجنائية بصفة عامة والقضاء الجنائي بكل مكوناته من ضعف للحكامة في تدبير أدق المقتضيات المرتبطة بحرية وكرامة الناس، وبالحق في محاكمة عادلة، وهنا نشير إلى مسألة الحيف الذي يطال تدابير استعمال سلطة الاعتقال الاحتياطي، ونوضح أن تواتر استعماله في خارج أي اعتبار لطبيعته الاستثنائية، يمس بالأمن القانوني للمواطن، وبقرينة البراءة التي تعد أساس المحاكمة العادلة.
سجوننا المملوءة بنسبة 300 في المائة هي قنبلة موقوتة، وواضح أنه بميزانية نحيفة أفردتها رئاسة الحكومة لمندوبية يتيمة خارجة عن اجتماعات المجلس الحكومي، فيه تعبير واضح عن تأجيل تخليق قطاع يشوبه الكثير من الاختلال، ونقص كبير في الموارد البشرية المختصة، فالحكومة بنوابها وبأغلبيتها العددية، وبتعاملها الانتقائي مع الملفات الحارقة، أخلفت موعدها مع التاريخ ولم تنجح في إيجاد عقوبات بديلة ورادعة وأقل تكلفة على الدولة.
 
 
ونستحضر في مناقشة أخر ميزانية للحكومة، والمجلس الأعلى للحسابات كمؤسسة مستقلة عند تقديم تقريرها السنوي الأخير، ووضعت اليد على العديد من الاختلالات الصارخة والأرقام الدالة على عدم الوفاء بالالتزامات ولا التعهدات في مجال السكن الاجتماعي، الصحة، التعليم، في الجماعات، في الاستثمار الذي يشهد تباطؤ، واختلالات في التدبير المفوض الذي يطرح أكثر من علامة استفهام على طريقة تفويته، وغياب التنسيق بين مختلف المتدخلين في مجال واحد.
 
ولا يمكن أن نتكلم عن إصلاح منظومة العدالة من دون استحضار دور وزارة الوظيفة وتحديث الإدارة، نظرًا لكونه قطاعًا حيويًا يغطي اختصاصه سائر القطاعات الحكومية الأخرى، ويعد تخليق المرفق العام ومحاربة الرشوة والموظفين الأشباح، هو المدخل الرئيسي لإصلاح مؤسسات الدولة ولتحديثها.
ونسأل هل نجحت الحكومة في وضع القطار في السكة الحقيقية نحو المسار الحقوقي الصحيح لتحقيق العدالة ؟ في ضمان مناخ الحريات ؟ في الحفاظ على المكتسبات؟ في فرض تكافؤ الفرص؟، لن يكون ذلك إلا بتجاوز الحزبية الضيقة و الشخصنة من أجل الانكباب و العمل معًا سويًا على القضايا الاستراتيجية كنساء ورجالات الدولة، من أجل الحفاظ على أمن ولحمة واستقرار هذا البلد الأمين، ولنشتغل جميعًا من أجل المصلحة العليا للوطن.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكومة المغربية تعيش أخر أنفاسها الحكومة المغربية تعيش أخر أنفاسها



GMT 12:34 2019 الجمعة ,19 تموز / يوليو

يحدث عندنا.. ذوق أم ذائقة

GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يَموت حقٌّ لا مقاومَ وراءَه

GMT 17:37 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

GMT 13:49 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

عدن مدينة الحب والتعايش والسلام

GMT 14:02 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ٰ مواطن يمني يبحث عن وطن بدون حواجز

GMT 09:13 2018 الجمعة ,16 آذار/ مارس

الفرار الى الله هو الحل

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 08:36 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

سيخيب ظنّك أكثر من مرّة بسبب شخص قريب منك

GMT 17:16 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تكبير الأرداف من دون عملية

GMT 19:26 2017 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

"إلعب إلعب" أغنية سناء محمد الجديدة على يوتيوب

GMT 03:38 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

6 علامات تُشير إلى مشاكل في الغدة الدرقية
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya