البلوكاج والبريكولاج

البلوكاج والبريكولاج

المغرب اليوم -

البلوكاج والبريكولاج

بقلم - حسن البصري

من قال إن المغرب يعاني من "بلوكاج" سياسي فهو في حالة شرود، ومن يروج إلى الاحتباس السياسي ويحذر الناس من قلق رئيس الحكومة وعزمه على ترك الجمل بما حمل، فهو في حالة تسلل لا غبار عليه، على حد تعبير حكمنا الشهير الزياني.

المواطن البسيط لا يشعر بـ"البلوكاج" لأن حياته تسير وفق إيقاعها الرتيب بوجود الحكومة أو في غيابها، وهو الذي يردد لازمة "الغياب حجتو معاه" كلما سألته جيوش إعلام "الميكرو تريتوار". المواطن المغربي يطلب الغيث من السماء حين يتأخر المطر، مباشرة بعد صلاة الاستسقاء، لكن لا أحد خرج إلى الشارع ابتغاء الانفراج الحكومي، لأن أقسى "بلوكاج" يعانيه المواطن البسيط هو أزمة لقمة العيش.

لا يهتم المواطن بصعود دونالد ترامب أو سقوط هيلاري كلينتون، رغم أنه تعاطف مع هذه الأخيرة "الأحن" إليه من رئيس فظ غليظ القلب، ولا يعير اهتمامًا للمفاوضات الجارية في الأعراس والمآثم من أجل تكوين فريق حكومي، وهو الذي استأنس بكل أشكال "البلوكاج"، فقد تبين له أن الأسعار تواصل صعودها بوجود الحكومة أو في غيابها، وأن الأمور تسير بنفس الإيقاع الرتيب دون الحاجة إلى وزراء.

يذكر البيضاويون حكاية "البلوكاج" الذي عاشه مجلس مدينة الدار البيضاء، في عهد العمدة محمد ساجد، والشلل النصفي الذي ضرب المجلس، لكن مع مرور الوقت تبين أن نبض المدينة مستمر سواء ألتأم شمل المنتخبين أم لم يلتئم، فسارت أمور المواطنين على كراسي متحركة.

وحين عاشت جامعة كرة القدم حالة "بلوكاج" وظل معشر الكرة يبحثون عن رئيس يطعمهم من جوع ويؤمنهم من خوف، نصحهم بلاتر رئيس الفيفا بتنظيم كأس العالم للأندية دون الحاجة إلى مكتب جامعي، ونجح الملتقى العالمي بعد أن تجند المقدمون والشيوخ وأعضاء الاتحاد الدولي لإنجاح الحدث.

لا أحد انتفض ضد "البلوكاج" الرياضي في الدار البيضاء، رغم أن سلطات المدينة أغلقت جميع الملاعب في وجه الرياضيين، وأعلنت قرار الراحة البيولوجية مع سبق الإصرار والترصد. لا أحد أشعل الشموع أمام مركب محمد الخامس وملعب كازابلانكيز وملعب مولاي رشيد وملعب الرشاد، ولا أحد ترحم على هذه الملاعب التي منها من انتقل إلى عفو الله ومنها من ينتظر.

عانت أندية عريقة من أزمة المال، وفاقت مديونيتها حجم مديونية دويلة أفريقية رضيعة، دون أن تظهر أعراض الفقر على الرؤساء، لأنهم يعلمون أن تدبير أزمة السيولة متاح، ولو باستجداء مال الخمارات والحصول على اقتطاع ضريبي من عائدات راقصات الملاهي، كما حصل مع "الكوكب المراكشي"، أو ببيع حافلة فريق "الرجاء البيضاوي" لكرة السلة لمدرسة تعليم خصوصي بعد أن استبدل جلدها الأخضر بلون مائل إلى الاصفرار، بينما لجأ رؤساء آخرون إلى تدبير الأزمات ببيع اللاعبين بعد إخضاعهم لعميلة شفط الدهون وتجميل الأقدام وحجز مساحات ورقية في الجرائد لحوارات مدعمة من طرف الأندية.

دعا رئيس فريق عريق أعضاءه إلى اجتماع طارئ، ووضع على جدول أعماله نقطة وحيدة، "إخراج الفريق من عنق الزجاجة"، بعد كلمة مؤثرة أقرب إلى نعي ميت، طلب من الأعضاء البحث عن سبل لتجاوز "البلوكاج" والانعتاق من عنق الزجاجة، وناشدهم التفكير الهادئ في سبل الخلاص، كي لا يموت الفريق ويدان الجميع بتهمة الامتناع عن تقديم مساعدة إلى نادي في حالة خطر.

اقترح أحدهم تكسير عنق الزجاجة وتحمل خدوش الكسر، واعترض مسير آخر على المقترح، ونبه إلى عدم وجود تأمين على حياة المسيرين، داعيًا الجميع إلى البقاء داخل الزجاجة إعمالًا لمبدأ الشفافية، وانتفض أمين المال وطالب باستحضار القانون والتمسك بتلابيبه وإجراء مناقصة لتوسيع عنق الزجاجة، بينما ألح فاعل بيئي على استشارة المجلس الأعلى للبيئة قبل كسر الزجاجة. انفض الاجتماع بتعيين مكتب افتحاص قادر على تخليص المسؤولين من عنق الزجاجة، حتى ولو تطلب الأمر وضعهم في فكها.
 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البلوكاج والبريكولاج البلوكاج والبريكولاج



GMT 14:13 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية شهر العسل

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 18:23 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

يا آسفي علينا !!

GMT 10:34 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخيرا أصبحنا نستوعب الدروس

GMT 08:58 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"واشْ عرفْـتوني"

GMT 03:39 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

عناد فوزي لقجع

GMT 19:54 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ كومارا استثناء والبقية في مهب الريح

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 04:51 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

تصميم مميز للمنزل الذي تم فيه تصوير "برود تشيرش"

GMT 21:08 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

الإسباني هيكتور بيليرين يعلن سر "وشم" ذراعه الأيمن

GMT 00:00 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

عبد العزيز يعلن أنّ منظومة مصر الرياضية تمر بمرحلة دقيقة

GMT 07:51 2015 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

نبات "مخلب القط" يخفف آلام المفاصل والركبة

GMT 07:34 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الملك يتفقّد المستشفى العسكري في الرباط بزيارة مفاجئة

GMT 07:19 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل عقارين في القائمة القصيرة لجائزة أفضل منزل لعام 2017
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya