مباراة التضحية

مباراة التضحية

المغرب اليوم -

مباراة التضحية

بقلم - بدرالدين الادريسي

ما أكثر ما يمكن أن نعنون به المباراة التي سيخوضها الفريق الوطني أمام نسور مالي عن الجولة الثالثة لتصفيات كأس العالم بمركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، إلا أنني أجد أن أفضل ما يمكن أن توصف به المباراة لشرطية المناسبة ولتوقيتها أيضا، هي أنها مباراة التضحية.
فبعد أن نكون جميعا إسوة بإخواننا المسلمين في مشارق ومغاربها، قد أحيينا سنة سيدنا محمد صلوات الله عليه وسلم، بذبح أضحية العيد عبادة لله وتقربا منه، سيكون أسود الأطلس مساء ذات اليوم مع تضحية من نوع آخر.
المباراة لا تقبل بغير فوز الفريق الوطني، لأن شيئا آخر غير ذلك، معناه أن الفريق الوطني سيضحي بآخر ما يملك من حظوظ للمنافسة على البطاقة المونديالية الوحيدة المتنافس عليها بضراوة مع فيلة كوت ديفوار وفهود الغابون ونسور مالي، إذ بعدها سيكون عليه مطاردة معجزة في زمن قلت أو إنقرضت فيه المعجزات.
وهي مباراة يجب أن تكون فيها التضحية متقاسمة بين اللاعبين والمدرب هيرفي رونار وجهازه المعاون والجماهير، من أجل بلوغ الهدف الذي هو تحصيل النقاط الثلاث ذات الأجر الكبير.
اللاعبون يجب أن يضحوا بالجهد البدني والنفسي وبمخزون العرق من أجل مطاردة نسور مالي والقبض عليها في سماء الرباط، والتضحية بهذا المعنى أن لا يكون هناك هامش للنزعة الفردانية ولا للمصلحة الشخصية، بقدر ما يجب أن تبرز الروح الجماعية والروح الإنتصارية لكسب نزال كروي مصيري وحاسم.
وهيرفي رونار مدعو هو الآخر للتضحية، التي تعنى استحضار كل مقومات النجاح ومؤثرات الفوز في رسم النهج التكتيكي الذي يعطي للأسود أجنحة للتحليق فوق نسور مالي، ليس القصد أن يضحي بالثوابت وبالمرتكزات البشرية والتكتيكية ويدخل نفسه والفريق الوطني في متاهات، ولكن القصد أن لا يترك في مساحة عقله وفكره ما يعينه على تجاوز هذه العقبة، كخطوة أولى على اعتبار أن ما سيأتي في ما بعد سيكون مصيره بيد مباراة يوم الجمعة. 
والجماهير المغربية مدعوة لأن تبرز هذه التضحية التي هي من أكبر شيمها وميزاتها، فلا بد وأن نقدر على أن هذه الجماهير ستتنازل مؤقتا عن فرحة العيد وعن الوشائج الأسرية التي تعمقها المناسبات الدينية والوطنية، لتحضر إلى مركب الأمير مولاي عبد الله، لا للفرجة ولكن للعب دور إستراتيجي، دور المساندة المطلقة واللامشروطة التي تساعد أسودنا على إخراج المخالب وتحجب الرؤية عن النسور الجارحة، وما أكثر ما كانت الجماهير المغربية صانعة بامتياز لكثير من ملاحم تأهل الفريق الوطني للأحداث الكروية الكونية ككأس العالم والألعاب الأولمبية.
بالقطع لا نسأل فريقنا الوطني في مباراته أمام منتخب مالي مستحيلا، كل ما نسأله ونحن موقنون أنه يتوفر عليه، قدرته على مطابقة ذاته وتكريس ذات الروح الجماعية والإنتصارية التي ظهر بها في نهائيات كأس إفريقيا للأمم بالغابون، واستحضار الهوية التكتيكية التي يمكنها لوحدها أن تغلبه على منتخب مالي الذي سيأتي راغبا في الإنتصار ومصمما على تعويض كل الأعطاب التي ظهرت عليه في الآونة الأخيرة، بخاصة لما وجد مدربه آلان جيريس نفسه، محروما من أربعة ثوابت بشرية وأعمدة عليها يقوم البناء التكتيكي.
الطريق إلى الفوز ما كان يوما طريقا مفروشا بالورود، وما كان طريقا يمشيه أي فريق بأعين مغمضة، هو دوما طريق صعب بكثير من المنعرجات والمطبات، ومتى كان الإيمان بالقدرات الجماعية حاضرا، ومتى كان اليقين كبيرا بالنفس، ومتى كان هناك سخاء في بذل الجهد لخدمة الأداء الجماعي، متى كان ممكنا أن يطوي الأسود مسافة السفر الصعب بنجاح، ومتى كان ممكنا أن نصنع السعادة الجماعية، هذا ما علمنا تاريخ كرة القدم القديم والحديث على حد سواء.
بالتوفيق لأسودنا وعيدكم مبارك سعيد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مباراة التضحية مباراة التضحية



GMT 13:19 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"خوكم بدون عمل"

GMT 20:05 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فاقد الشيء لا يعطيه

GMT 20:48 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدمان التغيير

GMT 20:16 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طاليب والحلوى المسمومة

GMT 12:48 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"الكان" في المغرب

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 19:47 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

كلوب - تراوري لا يُصدَق- أحيانا لا يمكن إيقافه

GMT 16:19 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

كيف تفهم نفسك

GMT 09:47 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

فوز كبير للمنتخب المغربي على نظيره التونسي

GMT 19:25 2019 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

مكاسب معنوية ومادية خلال الشهر

GMT 23:59 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

معلول يؤكد أهمية فوز المنتخب التونسي على بنما
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya