دفاعًا عن ظلمي

"دفاعًا عن ظلمي"

المغرب اليوم -

دفاعًا عن ظلمي

بقلم - حسن البصري

نشرت الكاتبة السودانية إيمان حموري صورة لابنتها الصغيرة مرفقة بمنشور ساخر تعرض من خلاله شروط الزواج من نجلتها الوحيدة، وتدعو العرسان الراغبين في الاقتران بـ"إهداء" إلى الاستفادة من العرض المحدد زمنيا. وقدمت الكاتبة مجموعة من الشروط كالجنسية السودانية والمؤهل الجامعي وإجادة اللغات وممارسة الرياضة، والخلو من الأمراض غير المعدية، لكنها ركزت على شرط أساسي وهو أن يكون المرشح مشجعا لفريق الأمل أو الهلال.

وحين سئلت الأديبة السودانية عن الحكمة من وراء هذا الشرط، قالت إن المشجع الولهان بفريق الكرة، لن يبحث عن زوجة ثانية، مادام مقترنا بالكرة التي هي بمثابة الضرة التي تتقبلها كل الزوجات على مضض. أحالتني هذه الواقعة على الشائعة التي عمت البلاد، بعد أن مسحت عشيرة الفايسبوك خسارة المقاتل المغربي بدر هاري، في مواطن بسيط اسمه المدون في دفتر الحالة المدنية هو نور الدين فلاح، واسمه الحركي "ظلمي"، وأدانته بتهمة "التقواس" دون نية إحداثه.

وكان البعض يقابل هذه التهمة بالتندر والسخرية والتهكم، بينما يرى البعض الآخر بأن كل شئ ممكن وليس هنالك مستحيل، وحده ظلمي قيدوم مشجعي المنتخب الوطني ظل يصرخ بأعلى صوته "أنا بريء"، رغم محاولات مصادرة صيحاته وإجباره على ابتلاع لسانه. وخرج نور الدين، أشهر مشجعي المنتخب المغربي، من حي درب الدوام الشعبي بالعاصمة الرباط، ناضل من أجل كسرة خبز، باع الجرائد والمجلات ونال صفة بائع متجول في العاصمة، قبل أن يركب البحر ليمارس نفس المهنة في إيطاليا، ولأنه صحراوي الأصول سليل قبائل أيت مسعود التي استوطنت واد نون، فقد ظل على امتداد أيام الهجرة يمارس هواية تشجيع المنتخب الوطني، يركب الأهوال من أجل متعة لا يجدها إلا وهو يتنفس هواء مدرجات الملاعب. ولأن الحب أعمى، فقد ظل نور الدين يعتقد أن اللون الأحمر الذي يلف جسده هو تأشيرة عبور لكثير من الدول، فعانى من الإقامة الإجبارية في مطارات إفريقيا، وهو ممدد في بهوها في انتظار يد سفير يفهم حجم سر الابتلاء ويمنح ظلمي فرصة استنشاق هواء الأدغال، ودخل الجزائر سرا عبر الحدود الشرقية معرضا حياته للخطر من أجل المنتخب، وركب الأهوال في الصحراء الكبرى، وسكن خيمة أمام الملاعب واعتصم أمام السفارات تلبية لنزوة الكرة التي تسكنه.

ولا يذكر الكثير من المغاربة المشجع المسكون بعشق المنتخب، إلا عند الهزيمة، أما الانتصار فله أصحابه. في كأس أمم إفريقيا 2004 نال الفريق الوطني لقب الوصيف وخرج المغاربة إلى الشارع احتفالا باللقب الرمزي، دون أن يهتم أحد بظلمي الذي عاد إلى إيطاليا للاحتفال مع المغتربين، وحين فاز المنتخب على الجزائر برباعية أعفي المشجع من المتابعة، وعندما نال كأس العرب سقطت عنه التهمة، لأن الإدانة أصبحت توأم الخسارة. ولأن المنتخب المغربي هو عشقه الأول والأخير، فقد اكتشف أن زواجه كان غلطة العمر، التي ارتكبها في غفلة من الناخب الوطني، كان حرا طليقا يطير ويستريح يغرد ويصمت إلى أن سقط من أعلى الهودج كجلمود صخر حطه السيل من عل. اعتقل ظلمي بتهمة النفقة وتم إيداعه في السجن، هناك ظل يعلم السجناء قوافي المدرجات وينشر دعوة المواطنة، قبل أن يبادر أصدقاؤه بجمع مبلغ مالي انتشله من الزنزانة، فركب الحافلة صوب مراكش لتشجيع المنتخب المغربي في مباراته ضد الكوت ديفوار، وفي جيبه وثيقة إبراء الذمة، وعندما عاد إلى فرنسا مهموما مكسور الوجدان أحيل على خيرية باريسية تقيه شر التشرد وتمنعه من الضياع.

واعترافا بدور المشجع أطلق المراكشيون اسم القنسولي كبير مناصري الكوكب المراكشي على مركز التكوين بباب دكالة، وذات يوم استفاق أحد المسؤولين وقرر إسقاط اللائحة التي تحمل اسم المشجع الذي مات في حادثة سير حين كان عائدا من مركب محمد الخامس، برر أحد مستخدمي المركز إسقاط اللوحة وقال أن القنسولي لا علاقة له بالتكوين، وفي رواية أخرى أنه الخوف من "تقواس" محتمل، وبين الفأل والتطير ضاعت الحقيقة..
أي مشكل يحصل لكم بعد القراءة فهو من محض الصدفة ولا دخل لظلمي فيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دفاعًا عن ظلمي دفاعًا عن ظلمي



GMT 14:13 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية شهر العسل

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 18:23 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

يا آسفي علينا !!

GMT 10:34 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخيرا أصبحنا نستوعب الدروس

GMT 08:58 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"واشْ عرفْـتوني"

GMT 03:39 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

عناد فوزي لقجع

GMT 19:54 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ كومارا استثناء والبقية في مهب الريح

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 12:00 2015 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

عرض "كليوباترا" على خشبة مسرح عبدالمنعم جابر

GMT 15:08 2019 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

"سكودا" تطلق سيارة عائلية غاية في الأناقة

GMT 15:10 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

حقيقة تعرّض المطرب جورج وسوف لوعكة صحية

GMT 10:39 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

توقعات بتكون الصقيع واستمرار الموجة الباردة فوق المرتفعات

GMT 21:15 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

تاريخ لقاءات زيدان وفالفيردي قبل كلاسيكو الأرض الأحد

GMT 02:17 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

زوج يقتل زوجته أمام محكمة أزيلال بسبب الطلاق

GMT 13:47 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

"حشومة"

GMT 12:06 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

مواد طبيعية لتنظيف السيراميك والأرضيات تعطيك نتائج مبهرة

GMT 04:24 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

السجن 10 سنوات للجهادي المرتبط بمهاجمة "مانشستر أريينا"

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

بعثة الوداد تصل إلى مطار محمد الخامس للسفر صوب الإمارات

GMT 19:59 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

دار "LAVINTAGE" تغازل الباحثات عن الأناقة في مجوهرات 2018
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya