بقلم: المهدي الحداد
لم يسبق للفريق الوطني أن إستعد لنهائيات كأس أمم إفريقيا في ظروف مثالية، كتلك التي يستعد فيها حاليا بالمركز الوطني للمعمورة بسلا، حيث التحضيرات متواصلة وفي أجواء أقل ما يقال عنها أنها نموذجية.
التحفة الرياضية التي عاد إليها الأسود لأول مرة منذ 16 عاما، أصبحت من الطراز الرفيع والعالمي، بمميزات إحترافية من الدرجة الممتازة، ومناخ تدريبي ملائم جدا للإعداد النفسي والبدني والتكتيكي، لمنتخبٍ دخل في مرحلة العد العكسي والنفق الأخير المؤدي إلى ساحة القتال القاري.
المثير والمميز أن مركز المعمورة بمدينة سلا الذي أمسى من أفضل المراكز الرياضية في إفريقيا، يستجيب لجميع المتطلبات وينوع الإختيارات، ويُعد بمثابة ثكنة عسكرية ورياضية ضخمة لا ينقصها شيء، ولا مجال للخروج منها والبحث عن مكمّلات تدريبية وترفيهية، والتي عادة ما تتسبب في المشاكل الإنضباطية والزيغ عن سكة التركيز.
لطالما قيل عن الأسود أنها تمتلك عرينا، لكنها في الحقيقة لم تكن تمتلكه بالمعنى الحقيقي والواقعي الموجود حاليا بالمعمورة، بحلة عالمية تضاهي مثلا مركز كليرفونتين ضواحي العاصمة الفرنسية باريس، وبقيمة إضافية وأهداف رياضية وتدبيرية وتأهيلية، ستعطي حتما نتائجها وفواكهها على المدى القريب والبعيد.
أن تقيم بفندق من خمسة نجوم وتطل من شرفته على سلسلة من الملاعب الطبيعية المغرية، وبجانبها فضاءات مغلقة ومسابح ومطاعم كلها رهن إشارتك، وأن تمد النظر إلى غابات خضراء ينام على صدرها المركز، وتضمن الإنزواء الآمن وتسلم من مضايقات المشجعين والمسؤولين والصحفيين، فهو أفضل بكثير جدا من الإقامة بفندق عمومي والإختلاط مع الغرباء وغير الغرباء، وقطع مسافة 70 كلم ذهابا وإيابا إلى ملعب التداريب، والتمرن وسط حراسة أمنية، مع إحتمال كبير لوقوع إنفلاتات سلوكية وزيارات عائلية متكررة ومزعجة، تفسد الجو العام وتقلق راحة المدرب واللاعبين.
إنفاق عشرات الملايير على مركز المعمورة حلال وأحسن بكثير من إنفاق نفس الرقم على معسكرات خارجية سواء بأوروبا أو الخليج، وبون شاسع بين التدرب في كنف الوطن وتحت شمسه ودفئه، والتحضير في منتجعات ومراكز عالمية سئم الأسود من الإستعداد فيها رفقة أنديتهم سنويا، فالتحضير بالمغرب وفي عرين سليم وحقيقي يعطي اللاعبين الشعور أكثر بالوطنية والمسؤولية، ويقربهم من نبض الشارع وتطلعاته، ويمنحهم الفخر ومعه الضغط ليكونوا رجالا في الموعد المنتظر، بعدما وُفِرت لهم واجبات وملذات التربص المثالي لتظاهرة كبرى ككأس أمم إفريقيا.
يحق للمغاربة الآن أن يعتزوا بمركز المعمورة العالمي، ويحق للأسود أن يسموه عرينا، ويحق للجامعة أن تفتخر بنجاحها الباهر في مشروع البنيات التحتية، على أن يُكتمل المخطط والحسنة بإنشاء مراكز رياضية مماثلة أخرى في مدن جديدة، والأهم من ذلك أن يعود كل هذا بالفوائد على المنتخبات الوطنية لتشحن البطاريات، في سبيل حصد الألقاب والتتويجات.