المُحاسبة أوّلا

المُحاسبة أوّلا..

المغرب اليوم -

المُحاسبة أوّلا

بقلم - محمد عفري

بعد عشرة أيام من سكوت الصدمة، أطل علينا لقجع كمن تنطبق عليه "صام دهرا ونطق كفرا..".

منذ خروج المنتخب المغربي لكرة القدم صاغرا من دور ثمن كأس إفريقيا، غاب رئيس الجامعة عن المشهد. كانت انتكاسته من نكسة كل المغاربة كبيرة. لم يعرف من منصب مسؤوليته الكبرى في النكبة، ما يقدم أو يؤخر من مسببات الإقصاء المبكر. لقد ظل يضرب هالة من العظمة لمنتخب لا علاقة لكل لاعبيه بالوطن غير الجنسية الأم. معدل سن أعمارهم متجاوز. كلهم من أبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج. بالإضافة إلى حملهم جنسيات ثانية لبلدان الإقامة، تم تكوينهم في مدارس أوروبية، مستوى غالبيتها من درجات متدنية، يمارس معظمهم ببطولات خليجية يغلب فيها طابع الترفيه والبذخ أكثر من طابع التنافسية الحقيقية، بل منهم من نالت منه البطالة الرياضية. لقد فسحَ الرئيس الفرصة أيضا لـ"تكتل" من هؤلاء اللاعبين لحفظ ماء وجوههم قبل وجه الكرة المغربية. منح بعضهم مشعل السيطرة داخل الفريق الوطني على حساب ناخب من المدرسة الفرنسية، بكاريزما "اصطناعية" رسمها قطعة قطعة مع المنتخبات الجاهزة، وكلف المغاربة وسيكلفهم كثيرا، وما فضيحة "تمرد" حمد الله على الطقوس إلا دليل، وما فضيحة سهرة النيل الأزرق إلا صك للتسيب بين لاعبي هذا المنتخب..

قبل أسبوعين كان لقجع على صفحة رياضية لإحدى الصحف الوطنية يرى الطريق معبدة إلى نهائي كأس قارية غالية الثمن رمزيا، غاب تتويج المغاربة بها ولمرة واحدة، منذ 43 سنة. لكنه عاد أول أمس ليخبرنا بعقد لقاء تواصلي مع أسرة كرة القدم الوطنية للوقوف على وضعية كرة القدم المغربية.

لا أتصور أن لقجع لم يكن وقف على وضعية كرة القدم المغربية خلال عشر سنوات قضاها رئيسا لفريق نهضة بركان، أي منذ شتنبر 2009، وست سنوات قضاها منذ 11 نونبر 2013، رئيسا لجامعة رياضة تشغل بال جل المغاربة. 

من المنطقي أن الإقصاء المبكر من فعاليات كأس إفريقيا، كان الرهان عليها كبيرا وبأموال باهظة وجهود جبارة، لعودة رياضية مغربية مظفرة إلى القارة الإفريقية من بابها الواسع، على غرار العودة السياسية والاقتصادية والتنموية الناجحة، التي رسم خارطتها جلالة الملك بمفهوم رابح - رابح، لا بمفهوم عكسي، إقصاء كان لا يستوجب لقاءً تواصليا للوقوف على واقع الكرة أكثر مما يستوجب الوقوف على المسببات الحقيقية لخروج المغرب من الكأس القارية بهذه الطريقة، كما كان يستوجب التحلي بالشجاعة الأدبية وتحمل المسؤولية في هذا الإقصاء مع تقديم الحساب المادي والمعنوي مقابل الإخفاق.
مع من سيكون اللقاء التواصلي الذي دعا إليه لقجع؟
مع رؤساء الأندية والفرق وودادية المدربين وممثلي اللاعبين طبعا. 

أتصور فيم سيتواصل كل هؤلاء، ولاعبو أندية البطولة الوطنية ومدربوها مغيبون بشكل أو بآخر،من منتخب لمجرد إقصائه لم يعد أفراده إلى أرض الوطن ،لكونهم يمارسون ببطولات أجنبية ويقيمون بالمهجر، وجازى الله صديقا عزيزا قال لي كان على لقجع أن يعقد لقاءه التواصلي مع رؤساء أندية البطولات الأوروبية والخليجية التي يمارس بها لاعبو المنتخب الوطني،ومع وداديات المدربين هناك، للوقوف على واقع هؤلاء اللاعبين ولاستخلاص وصفة لداء الكرة الوطنية.

وضعية الكرة المغربية يعرفها الداني والقاصي. فالجامعة الملكية المغربية للكرة تدور بأغلى ميزانية في إفريقيا (قرابة 90 مليارا). مصدرها مال عام ومال خواص. تَصرفُ جزءا هاما منها على بطولة محلية توصف بالاحترافية، لا تعترف الجامعة بقيمتها ولا بقيمة لاعبيها. تدرك تمام الإدراك أن فرق هذه البطولة تفتقد الهامش الأدنى لآليات الإنتاج الكروي الحقيقي، بداية من مراكز التكوين في الفئات الصغرى مرورا بالمدربين الأكفاء ونهاية عند غياب الإدارات التقنية بهذه الفرق لتغيب الإدارة التقنية الوطنية بمفهومها العلمي والميداني بالجامعة ذاتها. الوضعية تفسر أن معظم المسيرين بأندية البطولة معينون بطريقة أو بأخرى. بعيدون عن ممارسة الكرة، مقربون من المال والأعمال ومن هاجس الربح قبل هاجس التكوين والإنتاج. وضعية الكرة المغربية تؤكد أن ببطولتنا المحلية ديربيا، قوامه الوداد والرجاء البيضاويان، يعتبر من أقوى الديربيات الكونية، يساهم في الدورة الاقتصادية ويشد إليه العالم وتشتد فيه حدة المنافسة بين الغريمين، بعد أن تشتد بين جماهيرهما إلى حد الشغب المخرّب وإلى الاعتقالات حينا وإلى الموت أحيانا أخرى، لكن دون أن يفرز كما لا تفرز البطولة برمتها لاعبا واحدا يؤثث المنتخب الوطني. وضعية الكرة المغربية أيضا يجسدها واقع نهضة بركان، الذي ظل في الحضيض قبل أن يصعد نجمه مع تولي رئيسه رئاسة جامعة الكرة ليصبح فريقا مهاب الجانب، بطلا لكأس العرش ووصيفا لكأس إفريقيا ومع ذلك لا يفرز لاعبا واحدا لائقا بالمنتخب الوطني، اللهم لاعبا اعتبرته جمعية مختصة جدا، أحسن لاعب في البطولة الاحترافية، في حفل اسمه" ليلة النجوم".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المُحاسبة أوّلا المُحاسبة أوّلا



GMT 14:13 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية شهر العسل

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 18:23 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

يا آسفي علينا !!

GMT 19:54 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ كومارا استثناء والبقية في مهب الريح

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 13:41 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

انطلاق مهرجان فلسطين الدولي لمسرح الطفل والشباب 2019

GMT 17:25 2018 الأحد ,24 حزيران / يونيو

نيزك يخترق سماء قبرص ويحدث فرقعات مدوية

GMT 06:06 2018 السبت ,09 حزيران / يونيو

باحثون يؤكدون زيت شجرة الشاي يُستخدم للتطهير

GMT 07:52 2018 الجمعة ,01 حزيران / يونيو

"لاكوست" تطرح مجموعة جديدة ومبتكرة من الأحذية

GMT 02:51 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

تعرف على مواصفات لاب توب Dell Precision 5530 الجديد
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya