عقول صغيرة

عقول صغيرة

المغرب اليوم -

عقول صغيرة

بقلم: المهدي الحداد

أصحاب العقول الكبيرة يناقشون الأفكار، وأصحاب العقول المتوسطة يناقشون الأحداث، أما أصحاب العقول الصغيرة فليس لديهم سوى النقاش عن الأشخاص." حكمة رائعة ودالة للسياسية السابقة والسيدة الأولى الأمريكية الراحلة إليانور روزفلت، والتي قسّمت فيها العقل البشري إلى ثلاثة أصناف، فلم تخطئ أبدا في تقييمها، ولم تكن ظالمة أو قاسية في هذا التقسيم.

الرأي العام ينقسم عادة إلى هذه الفئات الثلاث، مع نسب متفاوتة حسب مؤشرات الثقافة والوعي لدى الشعوب، وإن كانت الضرورة تستلزم تفوُّق نسبة من يناقش الأفكار والأحداث على من يناقشون الأشخاص، فنحن المغاربة والعرب للأسف نختلف مع الأوروبيين والأمريكيين وبعض الأسيويين في خارطة التوزيع، ونعطي مساحة عظمى لنقاشاتنا ومواضيعنا اليومية في الأشياء الفارغة، التي نشحن بها بطارياتنا السلبية، في جميع المجالات والميادين، بما فيها المسلية والترفيهية كالرياضة.

في كرة القدم ودروبها أصبحنا نناقش التفاهات ونتحدث عن الأشخاص والسلوكيات، ولم تعد لدينا القدرة على مناقشة الإستراتيجيات وتحليل الأفكار والأطروحات، وقمنا كمسؤولين وإعلاميين بتحريف النقاش إلى كل ما هو شعبوي فارغ وعقيم، سواء فيما يتعلق بواقع الكرة والأندية الوطنية أو المنتخبات، لننزل إلى الطابق تحت الأرضي، هناك حيث تتواجد الفئة الجماهيرية الفاقدة للنضج والتعقل، والعاشقة للتخريب والفتن والتدقيق في "لْخاوية".

أقول هذا بعدما أوصلتنا عقولنا الصغيرة إلى مواصلة النقاش عن حمد الله للشهر الخامس على التوالي، وجعل منه بطلا أو متهما، والإصرار على ذكر حادثه في كل الندوات الإعلامية والتحليلات المقروءة والمسموعة والمرئية، وعوض أن نناقش كإعلاميين وتقنيين المشاكل والمشاريع والأفكار، نتخبط يوميا في الحديث السامج، عن (هاتفني لم يهاتفني، خائن وشخص غير مسؤول، فيروس وتكثلات، أجور وإمتيازات...) والكثير من الأحاديث الهاربة عن اللّب، والمطاردة للقشور.

هاج الكل الأسبوع الماضي وطالب برأس الناخب وحيد خاليلودزيتش، حينما قارن حكيمي بلاعبي البطولة الإحترافية وقلل من شأن المنتوج المحلي، وهو ليس المدرب الأول والأخير الذي سيقول الحقيقة المرة التي يصر على إنكارها الكثيرون، لتُقام الزوبعة عندنا مجددا، وتبدأ الحوارات الفارغة والمقارنات المتكررة والتافهة عن اللاعبين المحليين والأجانب، وكأن الأسطوانة لا فرامل لها لتتوقف وتنهي للأبد هذا الجدل والنقاش العقيم، والذي لم ولن يغير شيئا من واقع الفريق الوطني، الأحوج إلى مشاريع وأفكار ومخططات بناءة، عوض تحليل الفراغات وتشريح السلوكيات، وتأويل التصريحات وجلد الشخصيات.

بعض المحللين والمدربين المغاربة غارقون في الشعوبية، وبارعون في تحليل الشكل لا المضمون، ومنهم من يطلق لسانه لينعت علنا الآخرين بصفات قدحية أو إستفزازية، كما وُصف وحيد مؤخرا من أحدهم بالمدرب "الشارف"، وهم لا يعلمون أن ما يقولونه وما يحللونه يعبر عن ثقافتهم ووعيهم، ويقيس درجة عقولهم، والتي تكون عادة ضمن الفئة الثالثة التي تناقش الأشخاص والشخصيات.

تطور وإزدهار أي شعب يبدأ بالنقاش الراقي وطرح الأفكار، وحتى إن إستوجبت الضرورة مناقشة الأحداث والأشخاص بين الفينة والأخرى، فلا يجب الوقوف عندها طويلا وتكرار التكرار، فالحديث من أجل الحديث طاقات سلبية تُهدر، ومن لا يملك القدرة على التحليل والمساهمة في البناء بفكرة أو كلمة مفيدة فليصمت، لأننا كعرب ومغاربة لن نتقدم ونحن نعشق الفتن وصب الزيت على النار، وننبش ونبحث عن كشف العيوب والسلبيات، بعقول مسجونة بحكم المؤبد، بتهمة قتل النجاحات وطمس معالم الإيجابيات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقول صغيرة عقول صغيرة



GMT 14:13 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية شهر العسل

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 18:23 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

يا آسفي علينا !!

GMT 19:54 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ كومارا استثناء والبقية في مهب الريح

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:14 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 23:59 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مواهب صغيرة تُشارك في الموسم الثاني لـ "the Voice Kids"

GMT 18:15 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيونسيه تسحر الحضور بـ"ذيل الحصان" وفستان رائع

GMT 22:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

جمارك "باب مليلية" تحبط عشر عمليات لتهريب السلع

GMT 02:20 2015 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

أصغر لاجئة في "الزعتري" تجذب أنظار العالم لقسوة معيشته

GMT 01:31 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مريهان حسين تنتظر عرض "السبع بنات" و"الأب الروحي"

GMT 02:54 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر سعيدة بالتمثيل أمام الزعيم عادل إمام

GMT 18:21 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة فوز الوداد.. الرياضة ليست منتجة للفرح فقط
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya