جمعية سلا ما أروعك

"جمعية سلا.. ما أروعك"

المغرب اليوم -

جمعية سلا ما أروعك

بقلم - بدر الدين الإدريسي

أشبه ما يكون بالضوء الذي يخترق ظلمة المكان، أو بشقائق النعمان التي تولد من العتمة، جاء تتويج جمعية سلا لكرة السلة بلقب بطولة إفريقيا للأندية البطلة، ليشيع في المشهد الرياضي الوطني التفاؤل بأن للرياضة الوطنية قدرات بشرية وطاقات إبداعية، تستطيع أن تكسر قيود اليأس وترتفع عن تفاهات وهواية التدبير، لترتقي إلى حيت يخلد التاريخ الأندية والمنتخبات إلى أعلى القمم.

قبل أسابيع نجح الوداد البيضاوي لكرة القدم في جلب لقب أبطال إفريقيا للمغرب، وقد غاب عنه لما يقارب 18 سنة، وكذلك فعل جمعية سلا لكرة السلة وهو يحرز لرياضة المثقفين لقبها الأفريقي الثاني على مستوى الأندية بعد الأول الذي تحقق على يد المغرب الفاسي قبل 19 سنة، والمؤشر القوي على أن هناك تحولا كبيرا في المشهد الرياضي الوطني أن الإنجازين القاريين اللذين يفتحان أبواب العالمية، تحققا على مستوى الرياضات الجماعية، بينما كان الشائع في زمن قريب أن التتويجات العالمية والقارية تحملها للمغرب الرياضات الفردية ليس إلا.

ولئن كان تتويج الوداد البيضاوي لكرة القدم بلقب بطل أبطال النوادي الأفريقية، هو نتاج طبيعي لحالة الصحوة التي تعيشها كرة القدم في الآونة الأخيرة، بفضل استراتيجية متطابقة ومحينة ومرصود لها كل الإمكانات المادية واللوجيستية، فإن روعة ما حققته جمعية سلا في بطولة الأندية الإفريقية الأبطال لكرة السلة، يتجسد في البيئة المحتقنة والمختنقة بأدخنة المشاكل والصراعات التي تسود اليوم مشهد كرة السلة الوطنية، وكأني بفارس الرقراق يقاوم كل تيارات الفساد والإهتراء ويسير في الإتجاه المعاكس لعله يوقظ الضمائر النائمة ويسترد لكرة السلة كرامتها المفقودة.

لا خلاف على أن ما وصلته جمعية سلا اليوم وهي تتسيد المشهد السلوي الأفريقي بنيلها لقب الأبطال وحتى المشهد السلوي العربي الذي تقف منذ سنوات في طليعته تنافس باستمرار على ألقابه، هو نتاج لعمل موصول بدأ منذ أكثر من ربع قرن، عندما اجتمعت فعاليات شابة ومثقفة تتقاسم الشغف والغيرة على المدينة فأسست لمقاربة جديدة في التدبير، يمكن وصفها بالمقاربة السابقة لأوانها.

كان الرهان بالطبع هو أن تصبح الجمعية السلاوية ماركة مسجلة في مشهد كرة السلة الوطنية في مقام أول، وبعد إحكام السيطرة على المنافسات الوطنية بفضل عمل عقلاني على المستويات الفنية والرياضية والتسويقية، نجحت جمعية سلا الملتفة حول قيم مشتركة في هزم الخلافات والأزمات المالية، لتتمكن من فرض نفسها على المستويين العربي والإفريقي، كان يبدو وكأن فارس الرقراق سافر وحيدا في طلب المجد القاري وتلميع صورة كرة السلة الوطنية، إلا أنه في ذلك لم يعي ولم ييأس وأبدا لم يصب بالتخمة والألقاب الوطنية تتوافد على خزانته، كيف لا وألقاب البطولة الوطنية الستة التي أحرزها، تحققت في ظرف سبع سنوات لا غير.

وطبعا بعد بلوغ فارس الرقراق، المربع الذهبي لبطولة إفريقيا للأندية البطلة في مناسبات، سيتمكن من الوصول لقمة الهرم الأفريقي تعبيرا عن مرحلة الاختمار التي بلغها الفريق على كافة المستويات، فلهذا الفريق هوية يعبر عنها بطلاقة كبيرة وله شخصية تقوى على تحمل كل الضغوط، وقد كان لنا في تتويجه باللقب القاري بتونس على حساب النادي المنظم النجم الرادسي أقوى مثال على ذلك، وله أيضا تركيبة بشرية تلتحم من أجل أن تحميه وتصونه وتقوده لتحقيق الإنجازات برغم ما يوجد من فوارق بينه وبين الأندية التي تحكم منذ سنوات قبضتها على اللقب الأفريقي.

وكامتداد طبيعي لهذا النبوغ الكبير لجمعية سلا الذي يعبر عنه الحضور الوازن في كل المنافسات الوطنية والقارية والعربية، فإن النواة الصلبة لفارس الرقراق ستكون وراء العودة القوية للمنتخب الوطني لكرة السلة على الواجهة القارية، إذ حقق إنجازا تاريخيا خلال نهائيات بطولة أفريقيا للأمم 2017 بتونس، عندما بلغ الدور نصف النهائي الذي لم يبلغه منذ سنة 1980، وفيما لو رصدت لهذا المنتخب بنواته الصلبة القادمة من جمعية سلا الإمكانات المادية الدنيا، فإنه سيتمكن لا محالة من تحقيق التأهل الأول من نوعه لكأس العالم لكرة السلة.

هذا الفريق الذي بات اليوم علامة فارقة في مشهد كرة السلة العربية والأفريقية على حد سواء، نجح فعلا في أن يجعل مدينة سلا عاصمة بلا منازع للسلة في محيطيها العربي والأفريقي، بل ونجح في تعويض مدينة القراصنة عن استشهاد الكثير من الرياضات وأبرزها كرة القدم التي غرقت منذ سنوات في وحل الرداءة، هذا الفريق وجب أن تلتف حوله كل النوايا الطيبة وكل الحاملين للشغف الحقيقي لكي لا يصبح بعد حين مجرد ذكرى من التاريخ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جمعية سلا ما أروعك جمعية سلا ما أروعك



GMT 13:19 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"خوكم بدون عمل"

GMT 20:05 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فاقد الشيء لا يعطيه

GMT 20:48 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إدمان التغيير

GMT 20:16 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طاليب والحلوى المسمومة

GMT 12:48 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

"الكان" في المغرب

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 19:47 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

كلوب - تراوري لا يُصدَق- أحيانا لا يمكن إيقافه

GMT 16:19 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

كيف تفهم نفسك

GMT 09:47 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

فوز كبير للمنتخب المغربي على نظيره التونسي

GMT 19:25 2019 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

مكاسب معنوية ومادية خلال الشهر

GMT 23:59 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

معلول يؤكد أهمية فوز المنتخب التونسي على بنما
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya