تحولات في جغرافيا الإرهاب

تحولات في جغرافيا الإرهاب

المغرب اليوم -

تحولات في جغرافيا الإرهاب

بقلم : ادريس الكنبوري

حمل التقرير الأخير للخارجية الأميركية حول ظاهرة الإرهاب في العام الماضي، والذي صدر هذا الأسبوع، أنباء مقلقة بشأن تمدد خطر الجماعات الإرهابية على الساحة الدولية واحتمال حصول تحولات في جيواستراتيجيا الإرهاب خلال المرحلة المقبلة، وذلك في إطار لعبة تغيير المواقع التي يلجأ إليها الإرهابيون وتغيير نقاط الارتكاز، بهدف تشتيت أنظار القوى العالمية الفاعلة، عبر توظيف التناقضات في العلاقات الدولية.

وإذا كان التقرير قد أظهر تراجعا ملحوظا في حجم الهجمات الإرهابية خلال العام الماضي، مقارنة بالعام الذي قبله، أي 2016، بنسبة 23 في المئة، وانخفاضا بنسبة 27 في المئة في أعداد ضحايا العمليات الإرهابية، إلا أنه في المقابل دق ناقوس الإنذار في ما يتعلق بجغرافيا الإرهاب، وكشف أن النسبة الأكبر من العمليات الإرهابية التي حصلت العام الماضي وقعت في خمسة بلدان تقع كلها في القارة الآسيوية، وهي أفغانستان والهند والعراق وباكستان والفلبين.

 إدراج العراق ضمن هذه المجموعة يدل على أن التقرير لم يعتمد التقسيم الجيوسياسي، كون العراق يقع في منطقة الشرق الأوسط، بل اتجاه إلى اعتماد تقسيم جغرافي بحت. في الوقت ذاته، وقع أكثر من ثلثي القتلى نتيجة العمليات الإرهابية في خمسة بلدان موزعة على آسيا وأفريقيا، وهي أفغانستان والعراق ونيجيريا والصومال وسوريا.

يعود تراجع العمليات الإرهابية في المرحلة المذكورة إلى الهزيمة التي تلقاها تنظيم داعش في العراق وسوريا خلال العامين الأخيرين بسبب الهجمات التي شنها التحالف الدولي، وأدت إلى تفكيك المواقع الرئيسية التي كان التنظيم يتحصن بها، لكن الأرقام المتعلقة بتزايد عدد العمليات الإرهابية وأعداد الضحايا في مواقع محددة تشير إلى أن نهاية التنظيم في معاقله الرئيسية الأولى لم تكن مؤشرا على موته وزوال عوامل الخطر التي كان مصدرا لها منذ العام 2014، بقدر ما تعني تحولا نوعيا في اختيار أهدافه ومواقعه، وزيادة التركيز على مناطق بعينها، في إطار محاولات التنظيمات الإرهابية للانبعاث من جديد والتكيف مع المتغيرات الدولية والإقليمية.

السؤال الذي بات يطرحه الخبراء في النزاعات الدولية والشبكات الإرهابية ينصب على مدى استعداد تنظيم الدولة الإسلامية، ومعه تنظيم القاعدة، لتحويل القارة الآسيوية إلى معقل جديد للجهاديين خلال الفترات المقبلة. وهو تساؤل يتفرع من ملاحظة منحنى تطور العمليات الإرهابية في البلدان الآسيوية خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث تمت ملاحظة كثافة العمليات التي شهدتها بلدان لم تحصل فيها عمليات إرهابية طوال أعوام، كما هو الأمر مع إندونيسيا التي بقيت في منأى عن الإرهاب طيلة الفترة ما بين 2012 و2016، قبل أن تهتز العاصمة جاكرتا على وقع أولى العمليات المنسوبة إلى تنظيم محلي تابع لتنظيم داعش في يناير 2016، أعقبتها سلسلة من العمليات المتزامنة في مايو من العام الماضي نفذها أفراد أسرة واحدة، أنهت الاستقرار الذي عرف به بلد كان يوصف بأنه واحة الإسلام المعتدل في جنوب شرق آسيا.

وتجاوز عدد الجماعات الإرهابية المحلية المسلحة التي بايعت تنظيم داعش في السنوات الأربع الماضية 60 جماعة، موزعة على عدد من بلدان جنوب شرق القارة كإندونيسيا والفلبين وماليزيا وبورما. وتأتي أفغانستان، التي تقع في آسيا الوسطى، على رأس قائمة بلدان القارة الأكثر استهدافا من الإرهابيين، سواء التابعين لتنظيم داعش أو لحركة طالبان. وحسب تقارير أميركية فإن هذه الأخيرة تشن حرب استنزاف كبيرة على قوات الجيش النظامي في الدولة، بحيث وصل معدل ضحايا هذه القوات بفعل الغارات والعمليات التي تنفذها الحركة إلى 22 عسكريا في اليوم الواحد خلال العام 2016.

وربما تعود كبرى العوامل التي تحفز الجماعات الإرهابية على التركيز على البلدان الآسيوية إلى التداخل العرقي والتعددية الدينية ووجود حركات انفصالية داخل تلك البلدان تشجع الجماعات الإرهابية على استغلالها، عبر تكييفها بإدخال عناصر الخطاب الديني الجهادي. بيد أن ما يضاعف من الخطر الإرهابي في القارة تواجد المقاتلين التابعين للقاعدة ولداعش في الوقت نفسه، ضمن استراتيجية للمنافسة والسبق، ففي حين ترى القاعدة أن وجودها هناك هو وجود تقليدي يعود إلى نهاية التسعينات، يرى تنظيم البغدادي أن سياسة التسابق مع الظواهري تلزمه بتكثيف العمليات الإرهابية لضمان ولاء التنظيمات المحلية له.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحولات في جغرافيا الإرهاب تحولات في جغرافيا الإرهاب



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 18:14 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 23:59 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مواهب صغيرة تُشارك في الموسم الثاني لـ "the Voice Kids"

GMT 18:15 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيونسيه تسحر الحضور بـ"ذيل الحصان" وفستان رائع

GMT 22:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

جمارك "باب مليلية" تحبط عشر عمليات لتهريب السلع

GMT 02:20 2015 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

أصغر لاجئة في "الزعتري" تجذب أنظار العالم لقسوة معيشته

GMT 01:31 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مريهان حسين تنتظر عرض "السبع بنات" و"الأب الروحي"

GMT 02:54 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر سعيدة بالتمثيل أمام الزعيم عادل إمام

GMT 18:21 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة فوز الوداد.. الرياضة ليست منتجة للفرح فقط

GMT 01:10 2016 الأحد ,10 تموز / يوليو

الألم أسفل البطن أشهر علامات التبويض

GMT 12:16 2014 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

عروض الأفلام القصيرة والسينمائية تتهاوى على بركان الغلا

GMT 02:30 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الجزر البريطانية لالتقاط صور تظهر روعة الخريف

GMT 13:57 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"الفتاة في القطار" تتصدر قائمة نيويورك تايمز

GMT 04:56 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مستحدثة لديكور غرف نوم بدرجات اللون الرمادي
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya