أمنيستي تفضحنا مرة أخرى

أمنيستي تفضحنا مرة أخرى

المغرب اليوم -

أمنيستي تفضحنا مرة أخرى

توفيق بوعشرين

لا يليق بالمغرب ولا بحكومة بنكيران ولا بوزارة العدل أن تظهر بالوجه الحقوقي الأسود الذي رسمته منظمة العفو الدولية عن أوضاع حقوق الإنسان في المملكة، حيث وقفت على حالات تعذيب مازالت مستمرة في الكوميساريات والسجون، كما عابت المغرب للتضييق على الجمعيات الحقوقية وعلى الصحافة، وعلى الحق في التظاهر والتعبير والتنظيم، وعلى غيرها من حالات الخروج عن القيم الديمقراطية…

تقرير أمنيستي الأخير، وقبله تقرير هيومان رايتس ووتش، وغيرها من التقارير الوطنية والدولية السلبية عن حقوق الإنسان بالمغرب، تعتبر نقطة سوداء في علاقة الدولة بالمواطن، وفي علاقة النظام بحقوق الإنسان، وفي علاقة الحكومة بمشروع الإصلاح وشعاراته…

أن تصدر تقارير سوداء عن حقوق الإنسان عن مصر والسعودية والإمارات والجزائر واليمن، وغيرها من البلدان العربية التي لا علاقة تربطها بالديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون، فهذا الأمر طبيعي ولا يفاجئ أحدا، لأن هذه الدول ومن على شاكلتها لا تبالي بشيء اسمه حقوق الإنسان، ولا تسوق عن نفسها صورة الدول الساعية إلى دخول النادي الديمقراطي، لكن المغرب مختلف عن هؤلاء من عدة جوانب.. في المغرب تقاليد عريقة في العمل الحقوقي، فمنذ السبعينات والمجتمع المدني وأحزاب المعارضة والجمعيات الحقوقية تناضل من أجل تحسين سلوك السلطة تجاه حقوق الإنسان. ثانيا، المغرب الرسمي، ومنذ بداية التسعينات، وهو يحاول أن يغسل سمعته السيئة في مجال حقوق الإنسان في الداخل والخارج، ولأجل هذا أسس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وأطلق سراح آلاف المعتقلين، وعوض آلاف الضحايا عن انتهاكات حقوق الإنسان، وأسس وزارة لحقوق الإنسان هي الأولى من نوعها في العالم العربي، ثم لما جاء الملك محمد السادس إلى عرش أجداده عمد إلى تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة، التي أشرفت على وضع آليات للعدالة الانتقالية، قائمة على قراءة سجل الانتهاكات الفظيعة لحقوق البشر وكرامتهم، وتعويض الضحايا ماديا ورمزيا، والالتزام بعدم تكرار ما جرى، ثم عندما أطل الربيع العربي جرت ترقية المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان إلى مجلس وطني، وجرى الالتزام بإدخال المقاربة الحقوقية في كل السياسات العمومية، وفي مقدمتها السياسات المتصلة بملف الصحراء، بل إن الدولة، وفي أعلى مستوى، قررت ألا تترك خصوم وحدتها الترابية يدخلون من شق حقوق الإنسان إلى الصحراء.

هل بعد كل هذا المجهود وهذه الإنجازات وهذه الاختيارات الرسمية والمدنية نرجع إلى المربع الأول، ويصبح المغرب ضيفا دائماً على التقارير السوداء لحقوق الإنسان. هذا غير مقبول تماماً’ وعلى الحكومة ورئيسها ووزير العدل ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن يجتمعوا حول طاولة واحدة مع وزارة الداخلية والمؤسسة الأمنية، وأن يتفقوا على سياسة واحدة، إما أن نترك معزوفة حقوق الإنسان جانبا ونغلب الاعتبار الأمني على كل اعتبار، وننهي حكاية بناء دولة الحق والقانون ودولة حقوق الإنسان، وبعدها نحل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والهيئات التي على شاكلتها، ونؤمم الحقل الحقوقي، ونقفل الحدود في وجه أمينستي، ونعطي التقاعد لإدريس الأزمي، ونمنع بقانون التظاهر والاحتجاج وتأسيس الجمعيات ذات الطابع الحقوقي، ونكتفي بجمعيات حماية الأرانب البرية، وجمعيات توزيع ريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية… هذا هو الخيار الأول. الخيار الثاني أن تتخذ الحكومة وأصحاب القرار اختيارات واضحة ومتجانسة مع مبادئ حقوق الإنسان، والاحتكام إلى القضاء، وإبعاد العصا جانبا. في هذه الحالة يجب على الحكومة أن تعزف لحنا واحدا، أما أن يعزف الرميد لحنا وحصاد لحنا آخر واليازمي لحنا ثالثا، فهذا لا يصنع معزوفة بل ضجيجا يؤذي الأذن…

نحن بلاد لا غاز فيها ولا بترول، ونحن بلاد ندبر الندرة ولا نوزع الوفرة، ونحن بلاد تبعد عن أوروبا بـ12 كلم، ونحن شعب 14 في المائة منه تعيش في أوروبا وأمريكا ودول ديمقراطية أخرى، ونحن شعب منفتح على العالم الحقيقي والافتراضي، لهذا لا يليق أن نساس بالعصا والجزرة أو تحل قبعة الأمن مكان السياسة…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمنيستي تفضحنا مرة أخرى أمنيستي تفضحنا مرة أخرى



GMT 14:23 2020 الأحد ,05 تموز / يوليو

بعض شعر العرب - ٢

GMT 08:03 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

وعادت الحياة «الجديدة»

GMT 07:58 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي

GMT 07:54 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

لى هامش رحلة د. أبوالغار

GMT 07:51 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

«28 مليون قطعة سلاح»

GMT 07:48 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

الفيس.. والكتاب!

GMT 10:48 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

الأطباء ورئيس الوزراء

GMT 10:46 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

وداعًا للشيشة!

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 08:36 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

سيخيب ظنّك أكثر من مرّة بسبب شخص قريب منك

GMT 17:16 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تكبير الأرداف من دون عملية

GMT 19:26 2017 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

"إلعب إلعب" أغنية سناء محمد الجديدة على يوتيوب

GMT 03:38 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

6 علامات تُشير إلى مشاكل في الغدة الدرقية
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya