المشاكل ها هي والحلول أين هي

المشاكل ها هي والحلول أين هي؟

المغرب اليوم -

المشاكل ها هي والحلول أين هي

توفيق بوعشرين

وزعت أول أمس التلفزات الرسمية للدولة الحصص الزمنية على 32 حزبا لاستعمالها في الدعاية الانتخابية لمرشحيها بمناسبة الانتخابات الجماعية والجهوية المزمع تنظيمها في الرابع من شتنبر المقبل. انتبهوا.. لقد قلت الدعاية لمرشحيها، ولم أقل لبرامجها لأَنِّي لا أرى أمامي، للأسف الشديد، برامج للأحزاب لإدارة الشأن المحلي والجهوي. هناك أحزاب وأموال وأعيان ومرشحون بعضهم جيد وكثير منهم سيئ، لكن لا وجود لبرامج ولا لحلول للمشاكل الكبرى. هناك نوايا حسنة، هناك شعارات عامة، هناك كليشهات يسمعها المواطن كل خمس أو ست سنوات، عن وعود بخدمات القرب، والنهوض بالبنيات التحتية، والاعتناء بالمدن والقرى، والاهتمام بالبيئة، وتحسين جودة العيش تحت سماء المغرب و… وبعد الدستور الجديد انضاف الحديث عن ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعزيز صلاحيات الجهة، وتفويت خدمات المركز إلى الجهات، وما إلى ذلك من الكلام الجميل… لكن عندما تدخل إلى عمق الأشياء، وتسأل الأحزاب، والكثير منها ليست أحزابا بالمعنى الدقيق للكلمة بل هي بوتيكات سياسية أو نوادي أعيان ورجال أعمال أو شناقة في سوق الانتخابات، يظهرون موسميا ثم يختفون… المهم، عندما تسأل الأحزاب الكبرى الستة أو السبعة عن عمق أزمة التدبير الجماعي ومشاكلها الكبرى، وعن الطريقة العملية لتنزيل الشعارات الانتخابية على أرض الواقع، لا تتلقى جوابا.

ما هي هذه المشاكل التي لم نسمع لها حلولا في برامج الأحزاب؟

المشكل الأول يتمثل في الموارد المالية الضعيفة التي تجعل المجالس والمنتخبين يرددون طيلة ولايتهم شعار: «العين بصيرة واليد قصيرة». لا تتوفر مؤسسات التدبير الجماعي على الإمكانيات المالية التي تمكنها من الاضطلاع بمهامها على أفضل وجه، فضرائبها المباشرة ضعيفة أو لا تجمع بالكفاءة والنزاهة المطلوبتين من قبل وزارة المالية، والضرائب غير المباشرة التي تأتيها من وزارة الداخلية (30٪ من TVA) لا تصل كلها إلى خزينة المجالس والجهات، لأن الداخلية تفرض وصاية كاملة على مالية الجماعات، ولا أحد يقدر على محاسبة هذه السلطة… إذن، من من الأحزاب لديه مخططات وبرامج وقرارات للرفع من مداخيل الجماعات مثلا؟ من يقدر على أن يفرض على الدولة أن تعطي ضريبة السيارات للجماعات التي تتحرك على طرقاتها هذه السيارات، والتي هي ملزمة بتوفير الطرق و«البركينغ» وعلامات التشوير لها، في حين تذهب مداخيل ضريبتها إلى وزارة المالية بالعاصمة؟ لكم أن تتصوروا مدينة مثل الرباط أو الدار البيضاء أو مراكش كم فيها من سيارة, وكم يصرف المجلس البلدي عليها من أموال دون أن يتقاضى درهما واحدا من الضريبة على السيارات.

المشكل الثاني الذي تعانيه الجماعات المحلية هو تضخم كتلة الأجور الناتجة عن تضخم عدد الموظفين الذين جرى توظيفهم في العقود السابقة بدون ضوابط ولا منطق، اليوم، مثلا، في الرباط هناك 6000 موظف يستهلكون أكثر من 52٪ من ميزانية مجلس المدينة، في حين أن المجلس لا يحتاج إلا إلى أقل من 2000 موظف، أما الدار البيضاء فهي الطامة الكبرى، ففيها أكثر من 34 ألف موظف، وتصرف عليهم المليارات كل سنة، فيما هي لا تحتاج إلا إلى أقل من 7000 موظف. من من الأحزاب قادر اليوم على أن يخرج إلى الرأي العام ويقول: «سأعلن départ volontaire جديدا»، أي تقاعدا اختياريا لتخليص الجماعات من جيوش الموظفين الذين تسربوا إلى الإدارة في زمن الفوضى والمحسوبية وشراء الأصوات؟

المشكل الثالث الذي يواجه الجماعات اليوم هو مشكل الموارد البشرية الكفأة والمدربة، والتي لها قيمة مضافة. أضعف بنية إدارية في كل المغرب هي التي تتوفر عليها الجماعات المحلية، فلا المهندس مهندس ولا التقني تقني ولا الكاتب كاتب ولا العون عون… فوضى شاملة تجعل من الإدارة جثة كبيرة بدون أذرع ولا كفاءة ولا قدرة على خدمة الناس. من من الأحزاب قادر على وضع برنامج استعجالي لتطعيم إدارة الجماعات المحلية بالأطر الإدارية والتقنية والخبرة اللازمة للنهوض بقطاع حساس؟ من يستطيع أن يقفز فوق الشعبوية، وأن يضع معايير جديدة للأجور والتحفيزات، ومعها نظام للمحاسبة والتعاقد مع البنية التقنوقراطية للإدارة؟

المشكل الرابع الذي تعانيه الجماعات المحلية هو أسلوب التدبير، فلا نظام الوكالات نفع، ولا نظام التفويض نفع، ولا نظام تأسيس الشركات ودخول المجالس إلى رأسمالها نفع. هناك أزمة نموذج التدبير الملائم لإدارة النظافة والنقل والإنارة العمومية… دعك من التنشيط الرياضي والثقافي والحفاظ على البيئة.. فهذه تبدو من الكماليات التي لا أحد يفكر فيها. من من الأحزاب يتوفر على جواب لهذه المشكلة، ويقدم نموذجا للتدبير المناسب لإدارة المرفق الجماعي؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المشاكل ها هي والحلول أين هي المشاكل ها هي والحلول أين هي



GMT 14:23 2020 الأحد ,05 تموز / يوليو

بعض شعر العرب - ٢

GMT 08:03 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

وعادت الحياة «الجديدة»

GMT 07:58 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي

GMT 07:54 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

لى هامش رحلة د. أبوالغار

GMT 07:51 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

«28 مليون قطعة سلاح»

GMT 07:48 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

الفيس.. والكتاب!

GMT 10:48 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

الأطباء ورئيس الوزراء

GMT 10:46 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

وداعًا للشيشة!

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 08:36 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

سيخيب ظنّك أكثر من مرّة بسبب شخص قريب منك

GMT 17:16 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تكبير الأرداف من دون عملية

GMT 19:26 2017 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

"إلعب إلعب" أغنية سناء محمد الجديدة على يوتيوب

GMT 03:38 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

6 علامات تُشير إلى مشاكل في الغدة الدرقية
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya