العثماني الرجل المناسب في الوقت غير المناسب

العثماني الرجل المناسب في الوقت غير المناسب

المغرب اليوم -

العثماني الرجل المناسب في الوقت غير المناسب

بقلم : توفيق بو عشرين

في أكتوبر 2010، ولكي يخفف فؤاد عالي الهمة من صدمة استقالة سمير عبد المولى من عمادة طنجة، وقد كان الاثنان معا في حزب الأصالة والمعاصرة، قال مؤسس حزب الجرار جملة معبرة للعمدة الشاب: «سمير عبد المولى هو الرجل المناسب في المكان المناسب في الوقت غير المناسب».

وأنا أستعير من المستشار الملكي هذه العبارة وأقول: ‘‘إن سعد الدين العثماني هو الرجل المناسب في المكان المناسب في الوقت غير المناسب’’… لماذا؟

لا بد وأن يشعر كل منصف بالتعاطف مع رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، لأنه جاء إلى رئاسة الحكومة في توقيت سيّئ جدا، وفي ظروف مضطربة جدا، وفي ثنايا «صفقة» غير متوازنة إطلاقا، والأكثر حساسية أن الطبيب النفسي جاء بعدما رمى الرميد بجملته القوية حينما ظهرت البوادر الأولى للتخلص من بنكيران، حيث قال: «لن أكون بنعرفة العدالة والتنمية»، وحتى وإن حاول وزير حقوق الإنسان في حكومة العثماني التخفيف من قوة هذه العبارة، بعدما عين الملك محمد السادس العثماني رئيسا للحكومة، حيث قال الرميد، على أثير إذاعة «إم إف إم»، «إن العثماني اكتسب الشرعية بعدما عينه جلالة الملك رئيسا للحكومة، وبعدما وافقت الأمانة العامة للحزب على التعاطي الإيجابي مع قرار محمد السادس التخلي عن بنكيران وتعيين الرجل الثاني في الحزب»… لكن الرميد، قبل غيره، يعرف أن المشروعية لا تمنحها الظهائر، ولا البلاغات، ولا قرارات الهيئات الحزبية أو المؤسسات الدستورية.. المشروعية السياسية التي يحوزها الزعماء والشخصيات الكبيرة أعمق من هذا، خاصة عندما يزاحون من مواقعهم قبل الأوان، وخارج إرادة الناس الذين حملوهم إلى المواقع التي أكسبتهم شعبية وزعامة وإشعاعا.

يميز علماء السياسة بين الشرعية والمشروعية فيقولون إن الشرعية (légalité) تُقصد بها السلطة أو الحكومة التي تستند في وجودها إلى القواعد المحددة في الدستور أو في النظام القانوني، فإذا وجدت سلطة أو حكومة دون أن تعتمد على السند الدستوري أو القانوني، فإنها تسمى سلطة غير شرعية أو حكومة فعلية أو واقعية، وبالتالي، فهي لا تتمتع بصفة الشرعية. في المقابل، هناك المشروعية (la légitimité)، وتعني السلطة أو الحكومة التي تستند إلى قبول الشعب، وتحوز رضاه لأنها تجسد آماله في التحرر أو التقدم أو العدالة، حسب الظروف والأحوال… حتى وإن لم تستند إلى نص في الدستور أو بند في القانون، لكن يبقى الوضع المثالي هو استناد السلطة أو الحكومة إلى مبدأي الشرعية والمشروعية معا، أي تطابق نص الدستور مع إرادة الأغلبية. هذا ما يعبر عنه النموذج الديمقراطي الحديث، حيث تنبثق الحكومات الشرعية من صناديق الاقتراع التي تعبر عن المشروعية الشعبية ورأي الناس أو ميولهم أو اقتناعهم، أو ما هو في حكم كل هذا.

العثماني، بهذا المعنى، رئيس حكومة يحوز شرعية دستورية وقانونية، لأنه معين وفق الفصل 47 من الدستور، الذي لم يقيد يد الملك سوى باختيار رئيس الحكومة من الحزب الفائز بالمرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية. ماعدا هذا فالملك حر في اختيار أي عضو من الحزب الفائز، حتى وإن كان سائق الأمين العام للحزب. هذا قول الدستور، لكن هناك قول الناس الذين لم يستسيغوا إزاحة بنكيران من رئاسة الحكومة، وهو زعيم الحزب المنتخب من مؤتمره الأخير، في نظام حزبي رئاسي، وحده الأمين العام يُنتخب مباشرة من المؤتمر، أما الباقون، وخاصة أعضاء الأمانة العامة للحزب، فيختارهم الأمين العام، ويزكيهم المجلس الوطني. هذا معناه أن الأمين العام للحزب هو المعبر عن إرادة مجموع أعضائه. علاوة على هذا، فقد قاد بنكيران حزبه إلى الفوز بثلاثة انتخابات متتالية (2011، 2015، 2016)، وتمكن من إسقاط أكبر خطر كان يهدد الحزب بالضربة القاضية، والمقصود حزب الأصالة والمعاصرة، الذي كان يمثل التحكم في المشهد السياسي، وإعادة انتشار السلطوية في الحقل الحزبي (الآن يبدو أن هذه المهمة أعطيت لأطراف أخرى مشاركة في حكومة العثماني، كما أظهر ذلك مسلسل البلوكاج الذي انتهى بإسقاط رأس بنكيران الذي تحول إلى زعيم، اتفقنا معه أم اختلفنا. وهذا ما أقر به العثماني نفسه عندما نادى بنكيران في الحملة الانتخابية ليؤازر ترشيحه في مدينة المحمدية، حيث فاز بمقعد واحد)، أما وإن الذين دفعوا بالعثماني إلى رئاسة الحكومة لم يساعدوه لكسب مشروعية جديدة، وذلك عندما هضموا حق حزبه في قيادة أغلبية مختارة وليست مفروضة، وصعبوا عليه الالتزام بشروط الحزب في التفاوض لإخراج حكومة منسجمة، وجعلوا عمود الحكومة تقنوقراطيا بعيدا عن روح الاقتراع… كل هذا أسهم في إضعاف العثماني، وهو الآن معلق بين حزب لا يقف كله خلفه، ورأي عام يراه ظلا باهتا لبنكيران، وسلطة ستطلب منه، عاجلا أم آجلا، ثمنا باهظا مقابل «الإكراميات» التي حصل عليها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العثماني الرجل المناسب في الوقت غير المناسب العثماني الرجل المناسب في الوقت غير المناسب



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 17:01 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

مشاريع "زايد الخيرية" في كينيا تبلغ 92 مليون درهم

GMT 09:17 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتساح كبير لمرتضى منصور في انتخابات نادي الزمالك

GMT 10:01 2016 الإثنين ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شاليه متنقل لممارسة التزلّج والمشي على الجليد

GMT 05:31 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ليلى شندول تنفي خطوبتها على فنان معروف في السر

GMT 17:52 2016 الجمعة ,15 إبريل / نيسان

المجوهرات دليل على حب الرجل للمرأة

GMT 15:45 2014 الجمعة ,27 حزيران / يونيو

سحب البطن إلى الداخل طريقك للحصول على قوام جميل

GMT 08:32 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ثلاجة "سيلفي" تعرض محتوياتها وتُرسلها إلى هاتفك
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya