مشرط الحناك

مشرط الحناك

المغرب اليوم -

مشرط الحناك

بقلم - توفيق بو عشرين

عزيزي لشكر.. لا تستغرب أن أناديك بعزيزي، فأنا لا يجمعني بك ثأر ولا ضغينة، والكراهية ليست مهنتي، حتى مع من يسبني صباح مساء. أنا صحافي أقول رأيي حتى وإن لم يعجبك، وأنتقد ما أراه معوجا في سياسة البلد، حتى وإن أثار أسلوبي أعصابك، فكما قال Henry jams: “لا يستطيع الصحافي أن يقوم بعمل جيد دون إثارة كمية غير قليلة من الكراهية. هذه طبيعة عمله»، ولو كنت تعتبرني صدقا «صاحب أمر يومي» يملي عليه بنكيران ما يكتب، لما خصصت لي فقرة ثابتة في كل خطبك النارية، وخرجاتك البهلوانية التي تلقى رواجا كبيرا في الهواتف المحمولة وعلى الواتساب، ليس باعتبارها خطبا سياسية، بل مادة يتسلى بها المواطنون بعد يوم عمل متعب.

ما الذي أغضبك إلى درجة أنك وصفتني بالكلب الذي ينبح، والصحافي الذي صار ناطقا بلسان بنكيران، وكاتبا مصابا بداء اسمه إدريس لشكر؟ أنا لم أستعمل أبدا معك، أو مع غيرك، كلمة أو جملة أو عبارة تخدش في إنسانيتك، أو تمس أدميتك، أو تسبك، رغم أنك «حرشتي علي» بديعة الراضي التي خصصت لنا «طريحة معيور» محترمة من قاع الحمامات التقليدية على صفحات ‘‘الاتحاد الاشتراكي’’ التي يديرها السي الحبيب، لكنها معذورة، فهي لم تتعلم في كل تاريخها غير قاموس العقيد القذافي، وأدبيات مكاتب ‘‘الإخوة’’ الليبية التي كانت تشتغل عندها، وأنا لا أرد عليها، خاصة والعالم يحتفي الآن بذكرى الثامن من مارس. أنا فقط أشرح للمواطنين المهتمين بقصة الاتحاد اليوم، لماذا إدريس لشكر «غادي يحماق» هذه الأيام إذا لم يدخل إلى الحكومة.

رغم أن السيد إدريس لشكر خانه الذوق، وتخلت عنه اللباقة، وانفلت منه طبعه، والطبع يغلب التطبع، فما يهمنا هنا هو نهجه لا شخصه، ومشروعه لا نزواته التي يعرفها طلاب جيله عنه، منذ كان «فيدور» في كلية الحقوق لا يتخلى عن السلاسل والعصي وهو ذاهب إلى الجامعة. إدريس لشكر ومن معه ارتكبوا ثلاث خطايا في أزمة البلوكاج الحكومي، ستسجل بأسمائهم في الكتاب الأسود للسياسة في هذا البلد، وهو كتاب مزدهر الصناعة هذه الأيام.

الخطيئة الأولى أن الرفيق إدريس سمح أن يكون كفيله لدخول الحكومة هو عزيز أخنوش، وأن يصبح الأخير شفيعا للاتحاد الاشتراكي لدى بنكيران ليجد له مكانا في الحكومة، ولو بوزير أو وزير ونصف، المهم هو المشاركة، والإفلات من العقاب بعد مهزلة السابع من أكتوبر، حيث وجه الناخبون صفعة قوية إلى القيادة الاتحادية التي دعيت إلى دخول الحكومة من الباب، ففضلت الدخول من النافذة، وفي الوقت الذي يراه «المخزن» ملائما، عنوانا على الطاعة والولاء وتشراط لحناك، هذا في الوقت الذي ظل الاتحاد، طيلة عقود، يضع شروطه لدخول الحكومة، ويفضل الذهاب إلى السجن على المشاركة فقط من أجل المشاركة.

الخطيئة الثانية التي أقدم عليها لشكر (وأتباعه) أنه يقدم اليوم أغرب مبرر لدخول حزبه إلى حكومة لا يريد رئيسها أن يرى صورة إدريس أمامه، وملخص هذه المبررات هي «العضوية في الأممية الاشتراكية»، وصداقات الاتحاد مع الأحزاب اليسارية، وقدرة لشكر الفائقة على الدفاع عن المغرب في المحافل الدولية! أعرف أن جلكم يضحك عند قراءة هذه الجمل المفخمة، لكن «هادشي اللي عطا الله»، مضطرون إلى عرض كلام السي إدريس رغم سرياليته، وله نقول: إذن، سنشكل، من الآن فصاعدا، الحكومات في المغرب بناء على عدد الصداقات التي لدى كل حزب في الخارج، وليس على أساس عدد المقاعد التي حصل عليها في البرلمان وشعبيته في الشارع؟! ثم، إذا سايرنا هذا العبث وهذه «السعاية السياسية»، ألا يحق لنا أن نسأل: هل الدول تقيم علاقاتها مع دول أخرى بناء على صداقات تجمع بين مسؤوليها، أم بناء على حسابات دقيقة لا عواطف فيها؟ ثم، لماذا لم يوقف المحامي الشرس صعود البوليساريو في سلم العضوية في الأممية الاشتراكية؟ لا تقل لنا، يا عزيزي، إنك تركت هذه الورقة لتفاوض بها على دخولك للحكومة. لن يصدقك أحد.

أما ثالث خطيئة ارتكبها إدريس لشكر، فهي أنه سمح للواقفين خلف تعطيل تشكيل الحكومة أن يحولوا الاتحاد إلى شماعة يعلقون عليها جريمة البلوكاج، في حين أن السبب الحقيقي ليس هو دخول الاتحاد أو خروجه من الحكومة، فالوردة المسكينة ليس لها كل هذا الوزن لتسهل أو تصعب مهمة بنكيران، لكن المكر السياسي هو الذي دفع بمهندسي البلوكاج إلى اختيار إخراج سياسي لهذه الأزمة يظهر فيه الاتحاد وكأنه هو المشكلة، والحال أن الاتحاد مثل ذلك الذي يتقدم للعدالة ليحمل جريمة لم يرتكبها، فقط ليغطي على آخرين لا يريدون تحمل نتائج أفعالهم. هذه هي القصة ببساطة، فكيف يسكت من بقي اتحاديا في الاتحاد على لعبة «كراء الأرحام» هذه، وأكل الثوم بفم حزب عبد الرحيم والمهدي وعمر؟

عزيزي لشكر؛

لقد جلست فوق كرسي لا تؤهلك إليه ثقافتك وإمكاناتك ومواهبك، وحتى ذوقك، ولهذا، فإنك اليوم تقدم صورة كاريكاتورية عن حزب كان كبيرا، قبل أن يصغر بين يديك، لذلك، أنت لا تستطيع أن ترجع إلى الوراء، ولا تقدر على التفكير في أسباب الخيبات التي جرفت إليها حزب بوعبيد، الذي بدأ يتسول حقيبة أو حقيبتين في حكومة بنكيران.

ليس في نيتي أن أرد عليك، ولا أن أناقشك، ولا أن أنزل إلى قاموس الحيوانات الذي تنهل منه، لكن أودّ أن أسألك: هل أنت سعيد بما تفعله؟ أما تعبت من هدم بيت الاتحاد لتعمر بيتك؟ هل يؤدي موت الاتحاد إلى إطالة عمرك؟ هل تعتقد أنك ستكبر عندما يصغر الحزب، وأنك ستنتصر عندما تهزم قيم الحزب وتراثه، وأنك ستصير زعيما على الخراب؟

ليس مهما أن نحصل منك على شهادة الاستقلالية والمهنية، فأنت لا تملك الصفة ولا الخبرة ولا المصلحة في تقديم شهادة معترف بها، وأنت تلعب دورا صغيرا في مسرحية على وشك الانتهاء، وقديما قال المتنبي:

لعمري ما ضاقت بلاد بأهلها**ولكن أخلاق الرجال تضيق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشرط الحناك مشرط الحناك



تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 18:14 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 23:59 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مواهب صغيرة تُشارك في الموسم الثاني لـ "the Voice Kids"

GMT 18:15 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيونسيه تسحر الحضور بـ"ذيل الحصان" وفستان رائع

GMT 22:17 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

جمارك "باب مليلية" تحبط عشر عمليات لتهريب السلع

GMT 02:20 2015 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

أصغر لاجئة في "الزعتري" تجذب أنظار العالم لقسوة معيشته

GMT 01:31 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مريهان حسين تنتظر عرض "السبع بنات" و"الأب الروحي"

GMT 02:54 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر سعيدة بالتمثيل أمام الزعيم عادل إمام

GMT 18:21 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة فوز الوداد.. الرياضة ليست منتجة للفرح فقط

GMT 01:10 2016 الأحد ,10 تموز / يوليو

الألم أسفل البطن أشهر علامات التبويض

GMT 12:16 2014 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

عروض الأفلام القصيرة والسينمائية تتهاوى على بركان الغلا

GMT 02:30 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الجزر البريطانية لالتقاط صور تظهر روعة الخريف

GMT 13:57 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"الفتاة في القطار" تتصدر قائمة نيويورك تايمز

GMT 04:56 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مستحدثة لديكور غرف نوم بدرجات اللون الرمادي
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya