العثماني لن يكون ابن عرفة

العثماني لن يكون ابن عرفة

المغرب اليوم -

العثماني لن يكون ابن عرفة

بقلم : توفيق بو عشرين

أعاد الرئيس الجديد المكلف بالبحث عن أغلبية لتشكيل الحكومة عقارب الساعة إلى الوراء، وقرر أن يفتح المشاورات مع جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان دون استثناء. طبعا هذا القرار وافقت عليه الأمانة العامة للحزب التي فوض إليها، وإليها وحدها، المجلس الوطني مهمة إدارة المفاوضات مع الأحزاب الأخرى. هذا معناه أن العثماني سيتصرف وكأنه في 10 أكتوبر 2016، وليس في 20 مارس 2017، لكن حزب المصباح، ولكي لا يعطي إشارات متناقضة لقواعده والمتعاطفين معه، الذين سيشاهدون اليوم العثماني يستقبل إلياس العماري ويلتقطان الصور، وغدا سيشاهدون لشكر يوزع ابتساماته في مقر المصباح، فقد أوضح، في اجتماع أمانته العامة، أنه «يميز بين المشاورات والمفاوضات»، وأن الأولى ستشمل كل الأحزاب الممثلة في البرلمان، أما الثانية فستقتصر على الأحزاب المعنية فقط بتشكيل الحكومة، والغرض، حسب ما يظهر، من إرجاع عقارب الساعة السياسية إلى الوراء، هو تهدئة جو التوتر الذي ساد أخيرا بين الأحزاب نتيجة رفض بنكيران القاطع أي تنازل في موضوع اتحاد لشكر.

هذا أولا، والغرض الثاني من استدعاء كل الأحزاب الممثلة في البرلمان إلى مقر حي الليمون، واستطلاع آرائها، هو عادة إدخال حزب الاستقلال إلى دائرة الضوء، وإخراجه من خانة «الحزب المغضوب عليه»، وطبعا طي حكاية موريتانيا وشباط وما جاورهما. أما ثالث هدف وراء إعادة فتح المشاورات، أو المفاوضات، مع جميع الأحزاب، فهو قَص أجنحة عزيز أخنوش، وإعادة توزيع الأوراق من جديد للخروج من «السريفة» التي وضعها الملياردير حول عنق رئيس الحكومة السابق، باعتبار أخنوش يمثل أربعة أحزاب، وهي الحركة والاتحادان الدستوري والاشتراكي والأحرار، وليس فقط حزب الحمامة، ولهذا، فأن يستدعي الطبيب العثماني إلى عيادته كل الأحزاب السياسية، فهذا معناه أنه يفكك التحالف الذي عقده أخنوش مع رفاق «البلوكاج»، ومعناه، أيضا، إرجاع الاستقلال إلى خانة الأحزاب المرشحة لدخول الحكومة، خاصة أن شباط تمرد على خطة الثامن من أكتوبر، وأعلن تشبثه باستقلالية القرار الحزبي بعدما فرط فيها لمدة أربع سنوات. أضف إلى هذا، فإن الجلوس مع البام، بعدما جعل بنكيران مقاعده الـ102 نائمة، على وزن الأموال النائمة les capitaux dormants، التي لا تصلح للتداول، ولا لخلق قيمة مضافة في السوق، الهدف منه بعث إشارة إلى أخنوش تقول: ‘‘إذا كان ولا بد أن نتعامل مع أحزاب الدولة، وأن نقبل بها، وأن نصبر على إشراكها، رغم كل الضرر الذي تسببت فيه للعملية الديمقراطية، فالأحرى أن نتعامل مع حزب واحد، لا مع أربعة أحزاب ستأتي إلى الحكومة المقبلة بمطالب المخزن ومطالب قادتها، بتوجيهات السلطة وأطماع أعيانها، فإذا كان ولا بد من التعامل مع أحزاب الإدارة، فالأحرى التعامل مع حزب واحد وليس «قفة أحزاب»’.

هل سيقتصر الأمر من وراء استدعاء الجرار إلى حي الليمون على مجرد توجيه إنذار إلى أخنوش، أم إن التوجه قائم لإشراكه في الحكومة بعد أن يقدم نقدا ذاتيا واستعدادا لأن يلعب اللعبة بقواعدها؟ مازال الوقت مبكرا لنعرف ما يدور في رأس الطبيب النفسي، الذي لن يكون، كما يتصور البعض، عجينة طيعة في يد أحد، لأنه يعرف جيدا أن وراءه حزبا قويا ومنظما، وهذا الحزب له توجه وبرنامج واستقلالية في القرار، والعثماني يعرف أن بنكيران، الذي تعاقد مع الناخبين للحصول على مليوني صوت و125 مقعدا في البرلمان، هو، إلى الآن، رئيس الحزب الذي نهج طريقا وسطا بين الصراع والانبطاح، ونجح في أن يصير قوة أخلاقية في الحزب وفي البلاد، والعثماني، الذي يحظى الآن بالإطراء الكاذب من قبل «الإعلام المخدوم»، شارك في وضع استراتيجية التفاوض التي اتبعها بنكيران مع أخنوش وغيره، وشارك في رسم توجه الحزب طيلة المدة التي كان فيها خارج القيادة وخارج الحزب، والعثماني سبق وأن رفض أن يخرج من وزارة الخارجية ويدخل من النافذة لوزارة أخرى، وفضل الرجوع إلى عيادته على قبول الإهانة، وينسى المراقبون أن العثماني شارك في تظاهرات 20 فبراير في الوقت الذي رفض فيه بنكيران الخروج إلى الشارع، وفضل إدخال مطالب الشارع إلى داخل المؤسسات، وتبنى مشروع الإصلاح في ظل الاستقرار.

نعم الرجل هو الأسلوب، ولكل واحد من الرجلين، السوسي والفاسي، أسلوبان مختلفان، لكن كليهما يعيشان وسط حزب ومجتمع، ورأي عام يتطلع إلى أن يرى نفسه في مرآة الحكومة المقبلة، وينتظر من النخب الحزبية أن تتصرف بالحد الأدنى من المعقول، وأن تتوقف عن ألعاب السحر والشعوذة، فوحدهم الأطفال يصدقون أن الأرانب تخرج من قبعة الساحر.

المصدر : جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العثماني لن يكون ابن عرفة العثماني لن يكون ابن عرفة



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 17:01 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

مشاريع "زايد الخيرية" في كينيا تبلغ 92 مليون درهم

GMT 09:17 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتساح كبير لمرتضى منصور في انتخابات نادي الزمالك

GMT 10:01 2016 الإثنين ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شاليه متنقل لممارسة التزلّج والمشي على الجليد

GMT 05:31 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ليلى شندول تنفي خطوبتها على فنان معروف في السر

GMT 17:52 2016 الجمعة ,15 إبريل / نيسان

المجوهرات دليل على حب الرجل للمرأة

GMT 15:45 2014 الجمعة ,27 حزيران / يونيو

سحب البطن إلى الداخل طريقك للحصول على قوام جميل

GMT 08:32 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ثلاجة "سيلفي" تعرض محتوياتها وتُرسلها إلى هاتفك
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya