العلاج بالصدمة

العلاج بالصدمة

المغرب اليوم -

العلاج بالصدمة

بقلم : توفيق بو عشرين

الذي كان ينتظر موقفا واضحا وصريحا من اللجنة الإدارية للاتحاد الاشتراكي يوم السبت، حول الدخول إلى الحكومة أو الخروج منها، أصيب بخيبة أمل. إدريس لشكر يتكلم بخطاب المشاركة، لكنه يصرف عمليا موقف «البلوكاج»، والذي يحتاج إلى دليل على هذه الحقيقة، ما عليه إلا أن يتأمل قصائد الغزل التي نظمها الرفيق لشكر في حزب الأحرار، وكيف أصبح قائد الاتحاد في نسخته الجديدة مؤرخا غير معتمد لحزب عصمان وأمام اللجنة الإدارية، هذا في الوقت الذي يتزعم أخنوش معسكر «عرقلة ميلاد الحكومة الجديدة»، ويطالب بنكيران بإخراج حزب الاستقلال من المشهد الحكومي المقبل وكأنه عدو طبقي لمول الغاز. في هذا الوقت بالذات، يتنكر لشكر للكتلة الديمقراطية، ويقف مع أخنوش في الخندق نفسه، ويضع شروط الخزيرات للتفاوض مع بنكيران، ليس فقط حول المقاعد الوزارية، بل حول التصور السياسي للحكومة وهيكلتها وبرنامجها واختياراتها، ويطالبه بتسوية الاحتجاجات الاجتماعية، والانفتاح على النقابات و… وكل هذا من خارج الخيمة الحكومية وليس من داخلها، وكأن لشكر هو من حصل على 125 مقعدا وليس بنكيران. هذا له اسم واحد هو «الهروب» من الوضوح السياسي، والتذاكي على مناضلي الحزب قبل غيرهم. أحد ظرفاء الاتحاد قال يوم أمس: «لقد انتقلنا من كتلة العمل الوطني، إلى الكتلة الديمقراطية، إلى الكتلة التاريخية، والآن الرفيق لشكر يبشر بكتلة الغاز والمازوت»، في إشارة إلى البوادر الجديدة لتحالف الاتحاد مع الملياردير أخنوش.
الذي يقود هذا البلوكاج من الخلف يريد أن يحصل بالمفاوضات على ما خسره في الانتخابات، ويريد أن يدفع بنكيران إلى التنازل عن الحقائب المهمة لأخنوش الذي تسلم مشعل «التحكم» من البام، وعهد إليه بلعب دور إلياس العماري بعدما احترق هذا الأخير في فرن السابع من أكتوبر، وهذا أمر يستبعد أن يقبل به بنكيران رغم أنه «مفاوض سيّئ»، على حد تعبيره هو، فزعيم العدالة والتنمية فهم رسالة المواطنين إلى حزبه من وراء النتائج الكبيرة التي حققها في الانتخابات الأخيرة، ويعرف أن متاعب كبيرة تنتظره إذا خرجت حكومته من الخيمة مائلة، ويعرف أن أخنوش لا يتكلم بلسانه، بل هو مجرد ساعي بريد ينقل الرسائل بين جهتين.
شباط، وفي خطاب جريء أول أمس في اللجنة التحضيرية لمؤتمر الاستقلال، كان واضحا عندما قال: «إما أن تتشكل الحكومة برئاسة بنكيران، أو نعود إلى صناديق الاقتراع، لأن الدستور واضح، ولا يعطي أي خيارات أخرى في حال لم يستطع رئيس الحكومة تشكيل أغلبية».
يوم أمس تحدثت مع مصطفى السحيمي، المحلل السياسي القريب من مطبخ السلطة، حول خلفيات هذا البلوكاج، ونتائجه الكارثية على الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد، وفيما أنا أدافع عن إرجاع المفاتيح إلى أصحابها، والذهاب إلى انتخابات جديدة من أجل علاج النظام الانتخابي المريض عندنا بالصدمة، كان رأيه هو أن الانتخابات الجديدة مكلفة جدا للنظام، لأنها ستعطي مقاعد أكبر للمصباح، وستضعه في مواجهة مباشرة مع الدولة، وأن الحل هو «التوافق»، وطلب التحكيم الملكي في هذه النازلة التي تتمنع فيها أحزاب إدارية عن المشاركة في حكومة بنكيران فيما هي ولدت لتبقى في الحكومة لا لتنزل إلى المعارضة، وأن الحل الأمثل، حسب السحيمي دائما، هو دخول الأحرار إلى الحكومة مع العدالة والتنمية والاستقلال والتقدم والاشتراكية، وبقاء الاتحاد والحركة والدستوري في المعارضة إلى جانب البام، لكن كل هذا متوقف على حجم التنازلات التي سيقدمها بنكيران، وتواضعه في قراءة نتائج الانتخابات. قلت للسحيمي: «العادة أن الملك يقوم بالتحكيم بين المؤسسات وليس بين الأحزاب، أما الذي يقوم بالتحكيم بين الأحزاب فهو الشعب، الذي قال كلمته يوم السابع من أكتوبر، ووضع كل حزب في الخانة التي يستحقها، ثم سألت المحلل المعتمد: إذا كان بنكيران سيطلب إعانة من القصر لجمع شتات أغلبيته، فما هو الثمن الذي سيقدمه من أجل هذه الخدمة، ففي السياسة لا توجد هدايا ولا أعطيات مجانية؟»، فرد بالقول: «نعم سيدفع بنكيران مقابلا سياسيا لهذه الخدمة، والثمن هو ثمن السوق».
نحن أمام لحظة فارقة في الحياة السياسية، والسيناريو «الجيد» هو استغلال هذه الأزمة السياسية لإصلاح النظام الانتخابي المسؤول عن هشاشة البناء الديمقراطي المغربي. لقد قدمت لنا حركة 20 فبراير مناسبة مهمة لإصلاح الدستور، وزرع روح ديمقراطية جديدة في أحشائه الميتة، فهل يعطينا بنكيران وحزبه لحظة سياسية لإصلاح النظام الانتخابي الذي يحرس السلطوية في البلاد، ويجعل من جل الأحزاب السياسية أدوات لإعاقة الإصلاح الديمقراطي، وامتصاص إرادة الأمة المعبر عنها في صناديق الاقتراع؟ هذا هو سؤال المرحلة.. الباقي ضباب في ضباب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العلاج بالصدمة العلاج بالصدمة



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 17:01 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

مشاريع "زايد الخيرية" في كينيا تبلغ 92 مليون درهم

GMT 09:17 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتساح كبير لمرتضى منصور في انتخابات نادي الزمالك

GMT 10:01 2016 الإثنين ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شاليه متنقل لممارسة التزلّج والمشي على الجليد

GMT 05:31 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ليلى شندول تنفي خطوبتها على فنان معروف في السر
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya