المملكة تحولت إلى قاعة انتظار

المملكة تحولت إلى قاعة انتظار

المغرب اليوم -

المملكة تحولت إلى قاعة انتظار

بقلم : توفيق بو عشرين

فتح برلمان حزب العدالة والتنمية أبوابه، واجتمع حوالي 300 عضو في المجلس الوطني حول جدول أعمال تنظيمي أكثر من كونه سياسيا (انتخاب اللجنة التحضيرية للمؤتمر المقبل، والمصادقة على ميزانية الحزب، وعلى برنامج أنشطته السنوي، ثم تعديل بعض المساطر، والاستماع إلى عرض من الأمين العام حول ما جرى خلال الأربعة أشهر الماضية)، لكن لا شيء يخص الجواب عن سؤال: ما العمل للخروج من البلوكاج الذي يشل البلاد منذ أربعة أشهر؟ وما هي الحلول التي تقترحها الأمانة العامة للحزب على المناضلين للخروج من الورطة التي دخلها الحزب ومعه البلاد، بعد رفض الأحزاب الأخرى التحالف مع المصباح على قاعدة النتائج المعلنة في السابع من أكتوبر؟

الكل ينتظر، حتى تحولت المملكة إلى قاعة انتظار كبرى. ماذا ينتظرون؟ مرة ينتظرون مؤتمر الأحرار لاختيار رئيس جديد، ومرة ينتظرون عودة أخنوش من السفر، ومرة ينتظرون نهاية الكوب22، ومرة ينتظرون عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، والآن ينتظرون عودة الملك محمد السادس من زياراته الرسمية والخاصة لإفريقيا.

خلف مسلسل الانتظارات «غير المبررة»، من قبل قيادة العدالة والتنمية، هناك تردد، حتى لا أقول خوف، من اتخاذ القرار، ومن وضع رؤية لتدبير هذه الأزمة، وهذا التردد مرده إلى أمرين؛ أولا، ثقافة الفاعل الحزبي المحافظة جدا، والتي تعتبر أن في المبادرة السياسية «تهورا»، وأن الانتظارية «حكمة»، وأن القرار الاستراتيجي في يد الملك، ولهذا كل المطلوب من الأحزاب أن تتحرك في رقعة التكتيك لا في ساحة الاستراتيجيا، حتى لا تحترق أوراقها، لهذا، سيسمع مناضلو المصباح كل شيء عن أربعة أشهر من البلوكاج، لكنهم لن يسمعوا أي شيء عن: ثم ماذا بعد؟ ماذا سيتقرر يوم الاثنين عندما ينفض الجمع؟ هل سيذهب الحزب إلى المعارضة؟ هل سيستقيل بنكيران من رئاسة حكومة لا تريد أن تتشكل؟ هل يدعو المصباح إلى انتخابات سابقة لأوانها مادام طاجين السابع من أكتوبر قد احترق، ومادام الناس قد ملوا من أخبار البلوكاج وعبث المشاورات التي لا تنتج شيئا.

السبب الثاني، الذي يجعل قيادة الحزب مترددة في طرح حلول واضحة ودقيقة للخروج من الأزمة، أن الأمانة العامة للحزب لم تصل، طيلة أربعة أشهر، إلى قراءة موحدة لطبيعة البلوكاج، ولا إلى الحلول الممكنة. البعض ينصح بالانتظار وعدم فعل أي شيء حتى ينزل الفرج من السماء، أو يحن قلب الدولة على أحوال البلاد، والبعض يدعو إلى القبول بكل شروط أخنوش، حتى المهينة منها، وآخرها إدخال إدريس لشكر عنوة إلى الحكومة بعدما أخذ رئاسة مجلس النواب بطريقة غير مشروعة، تماما مثل شخص اغتصب فتاة، فطلبوا من هذه الأخيرة أن تتزوج منه منعا للفضيحة. وهناك من يرى أن الأطراف جميعها في مأزق، وأن الضغط موزع بين الجهتين، وأن كل المطلوب هو عدم القطيعة مع القصر، أما الباقي فإن فواتيره محتملة…

المسؤولية الأولى تقع على ظهر بنكيران، فهو القائد والزعيم، وهو المطالَب برسم طريق واضح في أرض مزروعة بالألغام. يكفي أن تكون بيده بوصلة تعمل، وهذه البوصلة هي «مشروع الإصلاح الديمقراطي» وفق خريطة الطريق التي خطها دستور 2011، وعبرت عنها جل الخطب الملكية من 2011 إلى الآن، أما وقود هذا الإصلاح فهو ثقة الناخبين الذين أعطوا الحزب أكثر من مليوني صوت في 2016، وأعطوه في 2015 جل المدن الأساسية لتدبيرها، حيث خُلقت لأول مرة في المغرب شرعيتان واضحتان، كما يقول مصطفى السحيمي؛ شرعية الملك الدينية والتاريخية، وشرعية رئيس الحكومة التمثيلية والمؤسساتية.

صحيح أن حزب بنكيران ليست له الأغلبية المطلقة في مجلس النواب، لكن لديه مشروعية سياسية لقيادة المرحلة مع حلفاء يقبلون بأصول اللعبة الديمقراطية وبنتائج الاقتراع، وإلا فإن الحزب أمام خيارين؛ الأول أن يخرج من مساومات البازار السياسي المفتوح منذ أربعة أشهر، ويذهب إلى انتخابات جديدة لفرز أغلبية واضحة ومعارضة واضحة. وإذا لم يحتمل الكلفة السياسية للدفاع عن هذا الخيار، الذي يبدو صعب الهضم بالنسبة إلى الدولة، فلا أقل من أن يذهب المصباح إلى المعارضة، وأن يدافع عن خيار الإصلاح الديمقراطي من هناك، مستحضرا مقولة عبد الرحيم بوعبيد: «المقاعد لا تهمنا»، والتي يمكن توسيعها لتصبح: «الكراسي الوزارية لا تهمنا»، فالحزب يمكن أن يدافع عن الإصلاحات الجوهرية وهو في المعارضة، وسيكون هناك أكثر فعالية من الدفاع عن هذا المشروع في حكومة عرجاء مملوءة بمسامير جحا التي لا يهمها سوى وضع العصي في العجلة.

هل في هاذين الخيارين «قطيعة مع القصر»؟ لا أرى ذلك إطلاقا. هذه هواجس وليست حقائق. الملك احترم المنهجية الديمقراطية، وأعطى بنكيران ثقته بتعيينه رئيسا للحكومة 48 ساعة بعد إعلان نتائج الاقتراع، ولن يغضبه في شيء تقدير الحزب أن مصلحة البلاد تكمن في إعادة الانتخابات، أو خروج المصباح إلى المعارضة، التي هي جزء من النظام، أي نظام، وليست شقا لعصا الطاعة وخروجا عن الجماعة.

في التسعينات، جاء أحد المقربين من الملك الراحل الحسن الثاني يسأله عن رأيه في من سيخلف الملك فهد بن عبد العزيز في السعودية، وكان فهد وقتها مريضا جدا وعاجزا عن ممارسة الحكم. قال الحسن الثاني لضيفه: «للقيادة ثلاثة شروط؛ أولها الشجاعة، وثانيها الكرم، وثالثها الرؤية».

المصدر : جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المملكة تحولت إلى قاعة انتظار المملكة تحولت إلى قاعة انتظار



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 17:01 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

مشاريع "زايد الخيرية" في كينيا تبلغ 92 مليون درهم

GMT 09:17 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتساح كبير لمرتضى منصور في انتخابات نادي الزمالك

GMT 10:01 2016 الإثنين ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شاليه متنقل لممارسة التزلّج والمشي على الجليد

GMT 05:31 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ليلى شندول تنفي خطوبتها على فنان معروف في السر

GMT 17:52 2016 الجمعة ,15 إبريل / نيسان

المجوهرات دليل على حب الرجل للمرأة

GMT 15:45 2014 الجمعة ,27 حزيران / يونيو

سحب البطن إلى الداخل طريقك للحصول على قوام جميل

GMT 08:32 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ثلاجة "سيلفي" تعرض محتوياتها وتُرسلها إلى هاتفك
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya