الكرة في ملعب المجتمع المدني

الكرة في ملعب المجتمع المدني

المغرب اليوم -

الكرة في ملعب المجتمع المدني

بقلم : توفيق بو عشرين

أضحكت علينا «وزيرة البيئة والنفايات» صحافة إيطاليا، التي نقلت إلى قرائها هناك تصريحات حكيمة الحيطي، التي لا تملك ذرة واحدة من الحكمة، واستغرب الإيطاليون كيف ترفض مجالس الجهات الإيطالية استقبال نفايات جهات أخرى في البلد نفسه، وتفرض ضرائب عالية على الشركات التي تستورد النفايات، في حين أن المغرب يرحب بنفايات الخارج، ويفتح لها ذراعيه، وتتحول حكومة كاملة إلى محامٍ للدفاع عن أربع شركات إسمنت تستورد مئات الآلاف من أطنان النفايات كل سنة، وذلك وراء القانون المغربي والأوروبي، وبمرسوم لو عرض على محكمة لأبطلته لما فيه من تهديد لسلامة الناس وصحتهم.
إليكم الخبر السيئ الذي أعلنته جمعية «ليغا أمبيينتي» الإيطالية: شحنة 2500 طن التي وصلت إلى المغرب وذهبت إلى مخازن «لافارج» لم تكن سوى جزء من صفقة أكبر، حيث من المرتقب أن تصدر الشركة الإيطالية خمسة ملايين طن من النفايات إلى المغرب. يقع هذا بالتزامن مع رفض جل عمداء الجهات في إيطاليا استقبال نفايات الجهات الصناعية المتطورة داخل البلاد، حيث لجأ بعض مسؤولي الجهات في إيطاليا إلى فرض ضرائب مرتفعة جدا على الشركات الصناعية التي تستورد نفايات خارج الجهة التي توجد بها، وذلك للحد من تأثيرها على البيئة، وكذلك خوفا من رد فعل الرأي العام في الجهات، والذي يعرف بحساسيته المفرطة تجاه العبث بالبيئة، أو تغليب المصالح الاقتصادية على ضرورات الحفاظ على سلامة البيئة والصحة العامة.
من ينقذ وجه المغرب؟ ومن ينقذ سمعة بلد سيستضيف بعد أربعة أشهر أكبر قمة للمحافظة على البيئة في العالم (cop 22)؟ رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، فضل الصمت، والابتعاد عن حرارة هذا الملف الذي يكبر يوما بعد آخر، وهو لا يريد الاصطدام بالرأي العام الغاضب من استيراد نفايات أوروبا وهو على بعد أشهر قليلة من الانتخابات، وفي الوقت نفسه لا يريد بنكيران أن يصطدم بشركة «لافارج» التي استوردت النفايات من إيطاليا، وفضل أن يترك وزيرته الحيطي تواجه مصيرها وضريبة أخطائها، وتسرعها في تبييض وجه صفقة سوداء لاعتبارات مازالت غامضة.
الكرة، إذن، في ملعب المجتمع المدني وجمعيات البيئة وحقوق الإنسان، حيث أمامها طريقان لوقف استيراد النفايات السامة وتحويل البلد إلى مزبلة مفتوحة لسموم أوروبا؛ الطريق الأول هو مقاضاة الدولة الإيطالية، وشركتها المتورطة في تصدير النفايات إلى المغرب، أمام محكمة الاتحاد الأوروبي بتهمة خرق قوانين الاتحاد التي تمنع تصدير النفايات إلى البلدان النامية من أجل الإعدام وليس التثمين (التثمين في القانون الأوروبي يعني توظيف النفايات حصرا من أجل إنتاج طاقة بديلة، وليس إنتاج مواد أخرى مثل الكلنكير المستعمل في إنتاج الإسمنت)، ودليل هذا موجود في المرسوم المغربي المعيب الذي يسمح بحرق النفايات من أجل إنتاج مواد أخرى، وهو ما تحرمه القوانين الأوروبية. هذا المرسوم كتب في ظروف خاصة، وتحت تأثير مصالح اللوبيات المتنفذة، وحان الوقت لإسقاطه الآن أمام هذا الوعي البيئي الذي ظهر بمناسبة هذه النازلة… قانون الاتحاد الأوروبي يسمح لجمعيات وأفراد من خارج الاتحاد الأوروبي برفع دعاوى أمامه ضد دول تابعة له، أو شركات مسجلة على أراضيه في حالة خرقها للقانون.
أما الطريق الثاني المفتوح أمام المجتمع المدني المغربي لوقف استيراد النفايات، فهو تقديم عريضة للبرلمان بنص قانون جديد واضح وصريح يمنع استيراد النفايات من الخارج لحرقها في المغرب لأي استعمال كان، وحتى يتم القطع مع المراسيم الحالية والاتفاقات بين الإدارة ولوبيات الإسمنت، أو غيرها من اللوبيات، وهي اتفاقات سرية ومبهمة تلتف على القانون وعلى إرادة المشرع، وتفتح أبوابا خلفية للعبث بالبيئة وبصحة المواطنين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكرة في ملعب المجتمع المدني الكرة في ملعب المجتمع المدني



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 17:01 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

مشاريع "زايد الخيرية" في كينيا تبلغ 92 مليون درهم

GMT 09:17 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتساح كبير لمرتضى منصور في انتخابات نادي الزمالك

GMT 10:01 2016 الإثنين ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شاليه متنقل لممارسة التزلّج والمشي على الجليد

GMT 05:31 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ليلى شندول تنفي خطوبتها على فنان معروف في السر
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya