عقدة الانتخابات متى تحل

عقدة الانتخابات.. متى تحل؟

المغرب اليوم -

عقدة الانتخابات متى تحل

بقلم : توفيق بو عشرين

أربعة مطالب لن تستجيب لها وزارة الداخلية، المشرفة فعليا على الانتخابات، سواء أثناء اللقاء الذي جمع حصاد والرميد برؤساء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، أول أمس، أو بعده.
أول المطالب المرفوضة من قبل الداخلية هو تخفيض عدد مكاتب الاقتراع في بلاد نصف الناخبين المفترضين غير مسجلين في اللوائح (14 مليون نسمة)، ونصف المسجلين في هذه اللوائح لا يذهبون إلى التصويت يوم الاقتراع (حوالي ستة ملايين)، في حين تشتت وزارة الداخلية الناخبين على أكثر من 39 ألف مكتب اقتراع في مجموع التراب الوطني، حيث تعجز الأحزاب السياسية، حتى الكبير منها، على تغطية كل هذه المكاتب بواسطة مندوبيها، فلا وجود لحزب في المغرب يتوفر على 40 ألف مناضل، حتى ولو قرر تخصيص كل أعضائه يوم الاقتراع لهذه المهمة (الحضور في مكاتب التصويت). حصاد قدم في الاجتماع مع رؤساء وممثلي الأحزاب، ولأول مرة، مبررا لهذا العدد الضخم من مكاتب الاقتراع الذي لا يوجد حتى في دول أوروبية تعرف نسبة مشاركة أكبر في الانتخابات، حيث قال: «إن 25 ٪‏ من الناخبين المغاربة يختارون الساعة الأخيرة للإدلاء بصوتهم، وإذا نحن قلصنا عدد مكاتب الاقتراع، فإن ذلك سيتسبب في ازدحام كبير أمام مراكز التصويت، وقد نضطر إلى تمديد ساعات الاقتراع إلى العاشرة مساء، وهذا غير مقبول». إذا سلمنا بهذا التبرير، وهو يحتاج إلى تثبت وتمحيص، فالحل موجود، يمكن الزيادة في صناديق الاقتراع (المعازل) في مكتب التصويت، وتخفيض عدد المكاتب، حيث يمكن في كل مكتب التوفر على أربعة أو خمسة صناديق، كما هو موجود في أوروبا، أما أن نجد 15 مكتب تصويت في مدرسة واحدة، ونطلب من الأحزاب أن تبعث 15 مندوبا إلى مدرسة واحدة، فهذا لا يعقل. يكفي مكتبان و8 صناديق في مدرسة واحدة مثلا. ثم إن الازدحام أمام مكاتب التصويت، والوقوف طويلا في انتظار الإدلاء بالصوت، ليس مظهرا بشعا ولا سيّئا، فنحن نرى كيف يقف المواطنون الأوروبيون والأمريكيون، وحتى الأفارقة في بعض الدول، ساعات طويلة في البرد والحر للإدلاء بصوتهم، لكن المشكل هو في وجود مكاتب تصويت لا يستطيع مندوبو الأحزاب الوصول إليها، ولا مراقبة مجريات التصويت فيها، وبالتالي، فتح المجال لاحتمال التلاعب في نتائجها.
المطلب الثاني الذي لن تستجيب له وزارة الداخلية هو التوقف عن إعطاء رئاسة مكاتب التصويت لموظفي الجماعات الترابية، في حين أن هناك موظفين آخرين، مثل رجال ونساء التعليم، يمكن أن يقوموا بهذه المهمة، وهؤلاء هم أكثر حيادا من موظفي الجماعات الترابية الذين تلاحقهم دائما شبهة الانحياز، خاصة أن العمال هم الذين يعينونهم بدون معايير واضحة ولا ضوابط مسطرة في رئاسة مكاتب التصويت. في إسبانيا القريبة منا، مثلا، يختار بالقرعة رئيس مكتب الاقتراع من قائمة المواطنين المسجلين في الانتخابات، ولا يعرف اسمه قبل ثلاثة أيام من انطلاق التصويت. 
النقطة الثالثة التي لن تستجيب لها وزارة الداخلية هي الكف عن إحراق أوراق التصويت مباشرة بعد اكتمال العد، خاصة في المكاتب التي لا تتوفر على كل مندوبي الأحزاب المكلفين بمراقبة سير التصويت وعد الأصوات. في كل البلدان الديمقراطية، يجري الاحتفاظ بأوراق التصويت تحت سلطة القضاء، أو اللجان المكلفة بتنظيم الانتخابات، للرجوع إليها في حال وجود تنازع في احتساب الأصوات، إلا في المغرب، حيث يتم حرق أوراق التصويت الصحيحة وغير الصحيحة قبل طلوع شمس اليوم الموالي للاقتراع.
النقطة الرابعة التي لن تستجيب لها وزارة الداخلية، ولا وزارة العدل والحريات، هي ملاحقة سماسرة استعمال المال في يوم الاقتراع، والحد من النقاط السوداء التي توزع «الورقة الزرقاء» يوم الاقتراع لإفساد العملية الديمقراطية، حيث يلاحظ أن الدولة تقف عاجزة عن التحرك ذلك اليوم، في حين أنها تمتلك أدوات كثيرة لمحاصرة استعمال المال ومعرفة مصادره وموزعيه.
الانتخابات موعد مقدس في الديمقراطيات الحديثة، إنها اللحظة التي تتفكك فيها السلطة القديمة وتتشكل سلطة أخرى جديدة وفق اختيار الناس الحر والواعي، إنها اللحظة التي يصير فيها الشعب حقيقة وليس مجازا، سلطة وليس كتلة بشرية، فاعلا وليس مفعولا به، ولهذا يجب حراسة هذه اللحظة، وحماية هذا الاختيار بكل الوسائل، لأن الاقتراع الحر والمباشر يعزز ثقة الناس في بلدهم، ويقوي الشعور بالانتماء والمواطنة، ويعطي أملا في تحسن الوضع القائم… الديمقراطية ليست عصا سحرية، وهي لا تحل كل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بضربة واحدة، ولا تشفي من كل الأمراض… لكنها تقي من الاستبداد، وتؤسس للحرية، والباقي يأتي مع الوقت والجهد والتجربة والخطأ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقدة الانتخابات متى تحل عقدة الانتخابات متى تحل



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 17:01 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

مشاريع "زايد الخيرية" في كينيا تبلغ 92 مليون درهم

GMT 09:17 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتساح كبير لمرتضى منصور في انتخابات نادي الزمالك

GMT 10:01 2016 الإثنين ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شاليه متنقل لممارسة التزلّج والمشي على الجليد

GMT 05:31 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ليلى شندول تنفي خطوبتها على فنان معروف في السر
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya