أقوى الجيوش

أقوى الجيوش

المغرب اليوم -

أقوى الجيوش

توفيق بوعشرين

أقوى جيش في المغرب العربي ليس الجيش الجزائري الذي يملك نصف مليون جندي ناشط ومثلهم احتياطي، وفي ثكناته 400 طائرة عسكرية، وميزانيته السنوية تتجاوز 10 مليارات دولار. أقوى جيش في المغرب العربي ليس الجيش المغربي الذي يبلغ عدد جنوده 195 ألف جندي ناشط، وإلى جانبهم 145 ألف جندي احتياطي، وفي ثكناته 282 طائرة مقاتلة، وميزانيته السنوية في حدود ملياري دولار…

أقوى جيش في المغرب العربي هو جيش العاطلين عن العمل، الذي يسمى جنوده المنتشرون في كل الشوارع الجزائرية بـ«الحيطيست»، أي الذين يحترفون الوقوف إلى جانب الحائط في انتظار عمل يأتي أو لا يأتي. أكبر جيش في المغرب هو جيش العاطلين عن العمل الذين يسمون في المغرب بالمعطلين، والذين وصلوا إلى درجة إحراق أنفسهم في شوارع المغرب احتجاجا على إهمالهم في قاعة انتظار كبرى تزداد ازدحاما يوما بعد آخر…

مناسبة هذا التعليق ما صدر عن النسخة الجديدة من التقرير الأمريكي الشهير global fire power، المتخصص في جمع وتحليل المعطيات العسكرية، حيث صنف المغرب في المرتبة 49 من حيث أقوى الجيوش في العالم، ووضع الجزائر في المرتبة 27 بسبب الأموال التي تصرف على الجيش الجزائري، والعتاد الذي يقتنيه، وموارد الطاقة الكبيرة التي تتوفر عليها الجارة الشرقية…

أمريكا هي أكبر تاجر سلاح في العالم، ولهذا، فإن مثل هذه التقارير، التي تصدر كل سنة عن ترتيب الجيوش في العالم وصعودها ونزولها، ما هي إلا حملات دعائية للسلاح الأمريكي والغربي، ودعوة إلى الدخول في سباق تسلح مجنون بين الدول المتخلفة لكي تضاعف شركات السلاح العملاقة أرباحها كل سنة. هل يمكن أن نتصور، مثلا، أن إسبانيا، التي يفوق ناتجها الداخلي الخام مجموع البلدان العربية الـ22 كلها، لا تتوفر سوى على 140 ألف جندي، في حين تتوفر الجزائر على مليون جندي بين ناشط واحتياطي؟ هل هذا معقول؟

جيراننا الجزائريون ومنذ مدة دخلوا في سباق للتسلح مع المغرب، وأصبحوا ينفقون المليارات من الدولارات على صفقات سلاح يعرفون، هم قبل غيرهم، أنهم لن يستعملوه على الأقل مع الجار الذي اعتبروه العدو الأول منذ حرب الرمال سنة 1963 وإلى اليوم…

قبل عشر سنوات سألت كولونيلا فرنسيا متقاعدا يعرف المنطقة جيدا: «إذا ما وقعت حرب بين المغرب والجزائر، لمن سيكون التقدم برأيك؟». العسكري الفرنسي المجرب رد على سؤالي بجواب لم تمحه الذاكرة إلى اليوم، قال: «لا تتعب نفسك في المقارنة بين جيشكم وجيش الجزائر. في الحروب ليس فقط الجيوش من تقاتل، بل كل مقدرات الدولة وشعبها، وأولها اقتصادها وشرعية الحكم فيها، ودرجة التعبئة داخلها، ومشروعية الحرب، ودرجة التقدم، ثم يأتي دور الجيوش التي هي تعبير عن كل هذه المقدرات… لنفترض مثلا -الكلام دائماً للكولونيل الفرنسي- أن حربا نشبت بين المغرب والجزائر، وهو أمر جد مستبعد اليوم وغدا، ولنفترض أن الجيش الجزائري هزم الجيش المغربي، ودخل إلى مدينة فاس، هل يستطيع أن يدير هذه المدينة، ويوفر للسكان الماء والكهرباء والخبز والعاصمة الجزائر تعرف انقطاع الماء الشروب مرتين إلى ثلاث في الأسبوع؟»، ثم سكت ولم أعقب.. الجواب واضح.

ليس السلاح ما ينقص هذه البلدان المغاربية والعربية، وليست الطائرات ما نحتاج إليه اليوم.. المنطقة تحتاج إلى سلاح الفكر والعلم والتعليم والتربية والتخطيط للمستقبل. لقد أهدر العرب آلاف المليارات من الدولارات في 70 سنة الماضية في شراء السلاح، لكن الحروب لم تتوقف، والأمن لم يتحقق، والاستقرار مازال بعيدا عن الأنظار…

ألمانيا تحكم كل أوروبا بلا سلاح سوى صناعتها المتقدمة، واليابان يحقق نهضة علمية بلا جيوش سوى جيش المخترعين والعباقرة، وكوريا تتفوق على جاراتها بأرقام مبيعات سامسونغ وكييا وهيونداي.. هذا هو الميدان الحقيقي للحرب، والصراع الباقي تضييع للوقت والجهد والمال والمستقبل، وهذا الأخير أخطر ما يضيع في بلادنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أقوى الجيوش أقوى الجيوش



GMT 14:23 2020 الأحد ,05 تموز / يوليو

بعض شعر العرب - ٢

GMT 08:03 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

وعادت الحياة «الجديدة»

GMT 07:58 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي

GMT 07:54 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

لى هامش رحلة د. أبوالغار

GMT 07:51 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

«28 مليون قطعة سلاح»

GMT 07:48 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

الفيس.. والكتاب!

GMT 10:48 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

الأطباء ورئيس الوزراء

GMT 10:46 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

وداعًا للشيشة!

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 05:45 2017 الأحد ,18 حزيران / يونيو

تعرفي على أبسط طريقة لإعداد بسكويت البهارات

GMT 18:43 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

باسكال مشعلاني تطلق كليب “ما بتفرق معي” على الانترنت

GMT 14:15 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

زوجة رجل مهم" بدون مقر أو عنوان !

GMT 08:38 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

قفازات اليد الذهبية موضة رائجة في موسم شتاء 2018

GMT 02:05 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم نسرين أمين وأشرف عبد الباقي من مجلة "نص الدنيا"

GMT 01:00 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 14:34 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

كيكو ميلانو تمنح الشفاه ثيرات رائعة بملمسها و بريقها

GMT 14:15 2015 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ضبط 20 دراجة نارية غير مرخصة في مراكش
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya