في أبوظبي نجاح رياضي يتجاوز الرياضة

في أبوظبي.. نجاح رياضي يتجاوز الرياضة

المغرب اليوم -

في أبوظبي نجاح رياضي يتجاوز الرياضة

خير الله خير الله

لا شيء ينجح مثل النجاح. يتجاوز نجاح حدث عالمي مثل سباق “فورمولا وان” في أبوظبي، الذي كانت آخر سباقات هذا الموسم، مجال الرياضة. إنه نجاح يعطي فكرة عن تطور مجتمع وبلد ومؤسسات الدولة في الإمارات العربية المتحدة.
عكس نجاح السباق وجود إرادة سياسية حقيقية تستهدف استخدام الثروة من أجل الاستثمار في كلّ ما هو إيجابي وحضاري بعيدا عن أي عقد من أيّ نوع. هناك أسس واضحة لمشروع يضع الثروة في خدمة الإنسان قبل أيّ شيء آخر. إنّه مساهمة في بناء الإنسان. هكذا بكل بساطة. الإنسان محور تجربة الإمارات.

لعلّ أهم ما يخرج به من حضر “الجائزة الكبرى لأبوظبي”، وهذا اسم السباق الذي انتهت به بطولة العالم لسائقي السيارات، التطوّر الذي طرأ على الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة. الآلاف من المواطنين، والمقيمين الشباب، من طلّاب ومتطوعين، شاركوا في تنظيم السباق على حلبة جزيرة ياس.

هناك عشرات الآلاف الذين أتوا من مختلف أنحاء العالم لحضور السباق أو للمشاركة في الفعاليات التي تدور على هامشه أو لحضور الحفلات الفنية التي تنظّم في المناسبة طوال أربعة أيّام.

لعلّ أكثر ما يلفت الزائر هو وجود المواطن الإماراتي في كلّ مكان من أجل خدمة الزائر وتقديم صورة حقيقية عن التطوّر الذي طرأ على المجتمع على كلّ صعيد. بعد سبع سنوات، هي عمر “الجائزة الكبرى لأبوظبي”، يصعب إيجاد ما يضاهي الدقّة في تنظيم حدث رياضي بهذه الأهمّية. كلّ ما يمكن قوله أن تنظيم السباق كان في المستوى الذي بلغته السباقات التي تجري في مناطق مختلفة من هذا العالم، من أستراليا، إلى القارة الأميركية بشمالها وجنوبها ووسطها، وصولا إلى الدول الأوروبية، بما في ذلك سباق جرى هذه السنة في سوتشي (روسيا). كان السباق الذي استضافته روسيا مناسبة لإجراء اتصالات بين الرئيس فلاديمير بوتين وعدد من الزعماء العرب بينهم وليّ العهد في أبوظبي الشيخ محمّد بن زايد، ووليّ وليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان.

في ما يخصّ “الجائزة الكبرى لأبوظبي” لهذه السنة، غابت السياسة والاتصالات السياسية على هامشها. هذا لا يمنع الاعتراف بأنّ السباق كشف أهمّية وجود سياسة من نوع آخر. الحديث هنا عن سياسة إماراتية تركّز، أوّل ما تركّز، على إعطاء قيمة للإنسان في هذا البلد وقيمة للعمل الذي يقوم به هذا الإنسان.

لم تعد أبوظبي مركزا للمصارف العالمية الكبيرة ولشركات النفط الكبرى ولمشاريع إنمائية ضخمة وللطاقة النظيفة. لم تعد مركزا لاستقطاب المتاحف العالمية مثل غوغنهايم واللوفر ولكبرى الجامعات، أو لمعلم كبير مثل مسجد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الدولة، رحمه الله. إنّها فوق ذلك كلّه مكان لصنع إنسان جديد يعرف قيمة العمل الجدّي. هذا ما يفعله الإماراتيون. إنّهم لا يخجلون من العمل. العمل صار ملازما لصفة المواطن، بل موضع فخر له.

لم يأت هذا التطوّر من فراغ. لدى العودة إلى التراث الذي خلفه الشيخ زايد، نجد أنّه عرف كيف يبني الاتحاد ويبني المواطن في الوقت ذاته. ربط بين العلم والعمل والحداثة والإنجاز على كلّ صعيد. البلد صار أخضر. تغلّب على الصحراء. المناخ صار أقلّ قساوة تجاه الإنسان. عندما يتحدّث الزائر إلى مواطنين إماراتيين يكتشف أنّ الشاب لم يعد اتكاليا. إنّه يبحث عن اكتساب خبرة في كلّ المجالات، إنْ عن طريق الدراسة الجامعية أو تحصيل اللغات الأجنبية، على رأسها الإنكليزية. تلك النقطة المضيئة التي اسمها “الجائزة الكبرى لأبوظبي” لا تعني غض الطرف عن التحديات التي تواجه دولة شابة مثل الإمارات العربية المتحدة التي تحتفل هذه الأيّام بالعيد الوطني الرابع والأربعين.

لا مفرّ من مواجهة التحدّيات، بدءا بالسياسة الإيرانية، خصوصا أن إيران تحتل منذ العام 1971، أي منذ أيّام الشاه، الجزر الإماراتية الثلاث، أبو موسى وطنب الصغرى وطنب الكبرى. كذلك، لا تتجاهل الإمارات خطر “داعش”، بل هي شريك في الحرب على هذا التنظيم الإرهابي، كذلك هي شريك في دعم الشرعية في اليمن من أجل وضع حدّ لاغتصاب الحوثيين المدعومين من إيران للسلطة، خصوصا بعد احتلالهم صنعاء في الواحد والعشرين من أيلول ـ سبتمبر 2014 وإعلانهم عن قيام نظام جديد يستند إلى “الشرعية الثورية”.

لم تتخلَّ الإمارات عن دورها العربي، بعدما تبيّن أن اليمن صار يشكّل تهديدا في غاية الخطورة والجدّية للأمن الخليجي ولكلّ دولة من دول مجلس التعاون الخليجي…

جديد الإمارات أنّها قوة عسكرية تعرف، تماما، معنى التحديات الإقليمية إن في مواجهة الإرهاب بكلّ أشكاله، وإنْ لجهة ضرورة إعادة الشرعية إلى اليمن. الكلفة كبيرة في بعض الأحيان، لكنّ المجتمع الإماراتي يتفهّم أبعاد التحديات التي تواجه الدولة والمجتمع ويدرك خصوصا أنّ لا مفرّ من تقديم تضحيات في أحيان كثيرة، تماما كما الحال في أيّ دولة تمتلك جيشا عريقا محترفا.

يبقى، أن سباق “الجائزة الكبرى لأبوظبي” يترك لدى اللبناني حسرة. كان هناك تفكير منذ العام 1996 في ضمّ لبنان إلى الدول التي تستقبل سباقا من سباقات “فورمولا وان”. كان ذلك في أيام الرئيس رفيق الحريري الذي كان يعيد بناء بيروت ويعيد لبنان إلى خارطة المنطقة والعالم. كانت الفكرة تقوم على إيجاد حلبة داخل بيروت، على غرار حلبة إمارة موناكو التي تستضيف سنويا أحد أشهر سباقات السيّارات وأكثرها شعبية في العالم.

وُجد من يحارب كلّ مشروع يصبّ في إعادة لبنان إلى مكان يقصده سيّاح وزوّار من مختلف أنحاء العالم، خصوصا من دول الخليج. أقلّ ما يمكن قوله إن ما يزيد على مئتي ألف شخص كانوا في أبوظبي والمناطق القريبة منها خلال سباق “فورمولا وان”.

لا منافسة بين لبنان والإمارات. على العكس من ذلك هناك تكامل بينهما، هناك عشرات الآلاف من اللبنانيين الذين يعملون في الدولة ويساهمون في نهضتها ويرسلون أموالا إلى عائلاتهم في الوطن الأم. يأتي ذلك في وقت لبنان بلا رئيس للجمهورية وفي ما حكومته عاجزة عن معالجة مشكلة النفايات.

من خلال زيارة لأبوظبي، يكتشف اللبناني كم بلده في الحضيض وكم أضاع، ولا يزال يضيع الفرص.. عن سابق تصوّر وتصميم، بما في ذلك فرصة تطوير الإنسان اللبناني!

الواقع أن الإمارات سارت في أربع وأربعين سنة خطوات كبيرة إلى الأمام معتمدة على الإنسان قبل أي شيء آخر. صارت رمزا للتغيير نحو الأفضل، في منطقة غارقة في الخيبات. تتقدّم الإمارات من دون أي مزايدات ومن دون السقوط في أي ابتذال من أي نوع كان. تكمن في ذلك جاذبيتها للزائر الذي يشعر أوّل ما يشعر بنوع من الأمان الحقيقي الذي في أساسه الشعور بالأمان المترسّخ في نفسية المواطن الإماراتي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في أبوظبي نجاح رياضي يتجاوز الرياضة في أبوظبي نجاح رياضي يتجاوز الرياضة



GMT 14:23 2020 الأحد ,05 تموز / يوليو

بعض شعر العرب - ٢

GMT 08:03 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

وعادت الحياة «الجديدة»

GMT 07:58 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي

GMT 07:54 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

لى هامش رحلة د. أبوالغار

GMT 07:51 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

«28 مليون قطعة سلاح»

GMT 07:48 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

الفيس.. والكتاب!

GMT 10:48 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

الأطباء ورئيس الوزراء

GMT 10:46 2020 السبت ,27 حزيران / يونيو

وداعًا للشيشة!

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 03:11 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

مواصفات "بي ام دبليو M2 Competition Package" قبل الكشف عنها

GMT 23:11 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

"ملف المغرب 2026 "يحظى بدعم قوي من روسيا وفرنسا

GMT 00:22 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

أتلتيك بيلباو يدعم صفوفه من ريال سوسييداد بضم مارتينيز

GMT 14:33 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

الألوان المضيئة والبراقة موضة 2018

GMT 20:59 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

الفرقة الوطنية تدخل على خط اختلاس مليار و200 مليون سنتيم

GMT 13:58 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

ديون الرجاء في "الفيفا" تبلغ 600 ألف دولار

GMT 06:35 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تستخدم قناة "روسيا اليوم" للتأثير على الشعوب
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya