خيار واحد وحيد للنظام الإيراني

خيار واحد وحيد للنظام الإيراني

المغرب اليوم -

خيار واحد وحيد للنظام الإيراني

بقلم - خيرالله خيرالله

التعامي عمّا يدور في سوريا أو في الداخل الإيراني لا ينقذ النظام الإيراني الذي لم يعد أمامه سوى خيار واحد وحيد.
من أغرب ما نشهده في هذه الأيام من خلال بعض الصحافة العربية وقسم من الإعلام ذلك التعامي المقصود عن الذي يحصل في إيران. كلّ ما يحصل في إيران لا يعني شيئا بالنسبة إلى صحف كثيرة ووسائل إعلام ذات توجهات معيّنة. تسعى هذه الصحف ووسائل الإعلام بكل الوسائل إلى التغطية على الحدث الإيراني الذي لا يوازيه في الأهميّة سوى ذلك التكالب على درعا وأهلها بتواطؤ أميركي – روسي – إسرائيلي.

ماذا يحدث في إيران؟ الجواب لدى الذين يسعون إلى التعامي عن الحدث الإيراني هو أن لا شيء يحدث هناك. يشبه جوابهم ذلك الذي كان يصدر عن شخصيات لبنانية كانت تعتقد في العامين 2011 و2012 أن لا شيء يحدث في سوريا وأنّه لن تمرّ سوى أيّام قليلة ويغلق الملفّ السوري وتعود الأمور إلى طبيعتها ويعود بشّار الأسد يحكم سوريا وكأنّ شيئا لم يكن.

مرّت خمس سنوات على الوعود بعودة الأوضاع في سوريا إلى ما كانت عليه. لم يحدث شيء من هذا القبيل. كلّ ما حدث هو أن سوريا صارت تحت خمسة احتلالات، هي الإيراني والأميركي والروسي والإسرائيلي والتركي.

نعم، لا يحدث شيء في سوريا، كما لا يحدث شيء في إيران باستثناء أنّ إيران تحولت إلى بلد مفلس وأنّها لا تستطيع الخروج من سوريا كما هو مطلوب منها أن تفعل. يعود ذلك إلى سبب في غاية البساطة. الخروج من سوريا هو خروج النظام من طهران أيضا.

في الواقع، لا يمكن الفصل بين الهجمة التي تستهدف درعا وتصوير هذه الهجمة بأنها انتصار لـ”جبهة الممانعة” من جهة والوضع الداخلي الإيراني الذي دخل مرحلة جديدة من جهة أخرى.

يمكن الكلام عن مرحلة جديدة في إيران، خصوصا بعد انتقال الإضرابات والاحتجاجات إلى بازار طهران. على الرغم من أن تركيبة البازار تغيّرت في السنوات التسع والثلاثين الأخيرة، هي عمر الثورة التي أطاحت بنظام الشاه في العام 1979، لكنّ ما لا يمكن تجاهله أن إضراب البازار لعب دورا حاسما في حمل الشاه على الاستقالة.

يسمح هذا التكالب على درعا لميليشيات مذهبية تابعة لإيران بالتقدم في اتجاه المدينة التي ترمز إلى الثورة السورية. يرتدي هؤلاء بزّات الجيش السوري التابع للنظام. مسموح الاعتداء على درعا والانتقام منها بسبب دورها في تفجير الثورة السورية قبل سبع سنوات. مسموح لإيران الاقتراب من الحدود الأردنية عبر أدواتها المعروفة من ميليشيات شيعية.

ما ليس مسموحا هو الاقتراب من خط وقف النار مع إسرائيل. استغلت إسرائيل الوضع في درعا والمنطقة المحيطة بها لتقدّم مساعدات إلى السوريين الهاربين في اتجاهها. صارت إسرائيل دولة تتحلّى بالإنسانية مقارنة مع ما تقوم به إيران وميليشياتها والطيران الروسي في سوريا.

لا مفرّ من رؤية الوضع كما هو. هناك حدثان كبيران يدوران حاليا في المنطقة، إلى جانب حدث كبير آخر مرتبط بمستقبل العراق في ضوء الانتخابات الأخيرة التي كشفت كم من الصعب إعادة تركيب البلد. هذان الحدثان الكبيران هما سوريا، وما يدور في الجنوب السوري تحديدا، وإيران.

إن دلّ الحدثان على شيء، فهما يدلان على أن لا مستقبل للنظام الإيراني الحالي الذي عليه الخروج من سوريا عاجلا أم آجلا. سيترتّب عليه لاحقا الخروج من طهران في غياب تسوية جديدة مع الولايات المتحدة تستند إلى شروط معيّنة. لماذا سيخرج من سوريا؟ هذا عائد إلى أن لا أحد يريده هناك. في النهاية ما الهدف من الوجود الإيراني في سوريا؟ ماذا يخدم هذا الوجود باستثناء أن سوريا جسر لتمرير السلاح إلى “حزب الله” في لبنان.

ما هو مشروع إيران في لبنان عبر “حزب الله”؟ حسنا، باتت إيران تقول إنّها تمتلك أكثرية في مجلس النوّاب اللبناني. يعتبر الجنرال قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” أن لإيران 74 نائبا من أصل 128 يتألّف منهم المجلس. ماذا ستفعل إيران بهذه الأكثرية؟ السؤال الصحيح ما الذي تستطيع عمله بهذه الأكثرية؟

ما هو النموذج الذي تستطيع إيران تقديمه للبنان كي يتمكّن النواب الـ74 الذين تدعي أنّهم لها تحقيق شيء على الأرض باستثناء نشر البؤس والفوضى والسلاح غير الشرعي والاستثمار في إثارة الغرائز المذهبية؟

إيران تقترب من ساعة الحقيقة. يعود فشلها الأول في سوريا إلى أنها ربطت نفسها بشخص بشار الأسد. على الرغم من كل الاستثمارات التي قامت بها في سوريا وعلى الرغم من كل المحاولات التي بذلتها من أجل تغيير طبيعة المجتمع السوري، من منطلق مذهبي، كان الفشل حليفها في كل وقت.

في سوريا نفسها، لا أحد يريد إيران. زادت إيران من وجودها في سوريا بعد اندلاع الثورة في 2011 وفشل النظام في قمعها. أبقت بشّار الأسد في دمشق. ساعدته في تدمير المدن السنّية الكبرى مثل حمص وحماة والتي كانت معقلا للثوار. عندما وجدت أنّ بشار بات في حاجة إلى دعم مباشر وأكبر من “حزب الله” أرسلت له الآلاف من مقاتلي الحزب.

وعندما تبيّن أن ذلك ليس كافيا، كان عليها الاستنجاد بروسيا وسلاحها الجوّي. في النهاية، روسيا ليست جمعية خيرية. وجودها في سوريا ليس متعلّقا بوجود بشّار الأسد بمقدار ما أنّه متعلّق باتفاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل… وتركيا إلى حدّ ما. ليس بعيدا اليوم الذي ستتحول فيه إيران عبئا على روسيا في سوريا، حتّى لو كان مطلوبا في الوقت الحاضر الاستعانة بميليشياتها في معركة درعا.

تقترب إيران من ساعة الحقيقة. يعود فشلها الأوّل في سوريا إلى أنّها ربطت نفسها بشخص بشّار الأسد. على الرغم من كلّ الاستثمارات التي قامت بها في سوريا وعلى الرغم من كلّ المحاولات التي بذلتها من أجل تغيير طبيعة المجتمع السوري، من منطلق مذهبي، كان الفشل حليفها في كلّ وقت.

من سوء حظ النظام الإيراني أن الولايات المتحدة قررت الانسحاب من الاتفاق في شأن الملفّ النووي. هناك حرب استنزاف لإيران في سوريا وداخل إيران نفسها حيث تحرّك تجار البازار.

بدأ هذا التحرك في ظل انهيار للعملة الوطنية. سيأخذ هذا الانهيار مداه الحقيقي عند فرض العقوبات الأميركية الجديدة على إيران بعد أشهر قليلة. كلّ كلام مخالف لهذا الكلام من النوع المضحك الذي لا قيمة تذكر له. الأكيد أن التعامي عمّا يدور في سوريا أو في الداخل الإيراني لا ينقذ النظام الإيراني الذي لم يعد أمامه سوى خيار واحد وحيد.

يتمثّل هذا الخيار في الانسحاب من سوريا ثم في الدخول في مفاوضات جدّية مع الولايات المتحدة في أساسها أن تكون إيران دولة طبيعية في المنطقة. هذا يعني في طبيعة الحال أن تهتمّ إيران بإيران وليس بما يدور في هذه الدولة أو تلك. هذا أمر ممكن.

فالرئيس دونالد ترامب تحدث عن اتفاق جديد مع إيران مكان الاتفاق “السيئ” الذي انسحبت منه أميركا. لا شيء يمنع الوصول إلى مثل هذا الاتفاق في حال اكتشفت إيران أنّ كلّ ما قامت به في المنطقة ارتدّ عليها وأنّ لا قيمة لكلّ الشعارات التي رفعتها باستثناء أنهّا كانت في خدمة إسرائيل التي تحوّلت بين ليلة وضحاها إلى لاعب أساسي في سوريا.

لم يعد هناك من يسأل ولو بالصدفة ما الذي حلّ بالقدس أو هل هناك من يعترض على سياسة الاستيطان التي تنفّذها إسرائيل في الضفّة الغربية من أجل تكريس الاحتلال للجزء الأكبر منها؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيار واحد وحيد للنظام الإيراني خيار واحد وحيد للنظام الإيراني



GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 19:47 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

كلوب - تراوري لا يُصدَق- أحيانا لا يمكن إيقافه

GMT 16:19 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

كيف تفهم نفسك

GMT 09:47 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

فوز كبير للمنتخب المغربي على نظيره التونسي

GMT 19:25 2019 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

مكاسب معنوية ومادية خلال الشهر

GMT 23:59 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

معلول يؤكد أهمية فوز المنتخب التونسي على بنما
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya