ما أشبه اليوم بالبارحة في إيران

ما أشبه اليوم بالبارحة في إيران

المغرب اليوم -

ما أشبه اليوم بالبارحة في إيران

بقلم : خيرالله خيرالله

لا أهمّية تذكر لفوز أي مرشح من المرشحين الإيرانيين في الانتخابات الرئاسية المتوقعة الشهر المقبل. ليس مهمّا من سيفوز بمقدار ما إن المهم أن تتغير سياسة إيران داخليا وخارجيا، وتتوقف لعبة الرهان على لعب دور القوة الإقليمية المهيمنة التي أخذت إيران والمنطقة إلى الخراب والفتنة المذهبية.

ليس في استطاعة إيران بنظامها الحالي الذي أقامه آية الله الخميني في العام 1979 الاستمرار في هذه اللعبة لأن ليس لديها نموذج تقدمه، لا داخل حدودها ولا خارج هذه الحدود. تستطيع إيران الهدم وجعل دول المنطقة تعتمد أكثر فأكثر على القوى الخارجية، بما في ذلك “الشيطان الأكبر” الأميركي. لكنها لا تستطيع أن تبني، لأن البناء سيعني مزيدا من التفاهم بين شعوب المنطقة واستثمارا لثرواتها في خدمة مواطنيها بدل صرف الأموال الطائلة على شراء الأسلحة. هل تنتفي الحاجة إلى إيران عندما تلعب دورا بناء، فلا تعود فائدة منها، لا لأميركا ولا لغير أميركا؟

كانت تجربة حسن روحاني الذي انتخب رئيسا قبل أربع سنوات أبلغ دليل على أن لا دور للرئيس الإيراني. ما أكثر الذين تحدّثوا عن أن روحاني “إصلاحي” وأنه سيغير إيران. تبين في نهاية المطاف أنه استُخدم في مرحلة معينة من المتشددين من أجل إقناع باراك أوباما بأن في الإمكان لعب الورقة الإيرانية والسير إلى النهاية في المفاوضات المتعلّقة بالملف النووي الإيراني بغية التوصّل إلى صفقة ما.

حصلت الصفقة. وقعت مجموعة الخمسة زائدا واحدا (البلدان الخمسة ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن وألمانيا) صيف العام 2015 الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني. حصلت إيران على مساعدات أميركية بمئات ملايين الدولارات كانت في حاجة ماسة إليها في ضوء هبوط أسعار النفط. لم يتغيّر شيء على الصعيد الإقليمي. على العكس من ذلك، زادت إيران عدوانية تجاه كلّ ما هو عربي في المنطقة. لم تلعب أيّ دور إيجابي في أي منطقة من مناطق الشرق الأوسط أو بلدانه أو في منطقة الخليج. تابعت إيران عملية الشحن المذهبي الذي يظلّ استثمارها الوحيد خارج أراضيها.

قبل روحاني، أمضى “الإصلاحي” محمّد خاتمي ثماني سنوات رئيسا، بين 1997 و2005. كيف أثّر ذلك على السياسة الخارجية لإيران؟ الأكيد أن خاتمي كان رجل علم ومعرفة، كما كانت لديه كلّ النيات الطيبة تجاه دول الجوار وما هو أبعد من الجوار. لكنّ الحكم هو على النتائج. بقيت إيران، في عهد خاتمي وبعد انتهاء ولايتيه الرئاسيتين، تتدخل في الشأن الداخلي لكل دولة عربية، بل زاد تدخلّها وتوسّع وباتت أكثر عدائية خصوصا بعدما شاركت في الحرب الأميركية على العراق مشاركة مباشرة في ربيع العام 2003.

تبيّن مع مرور الوقت كم كان الملك عبدالله الثاني بعيد النظر عندما تحدّث إلى صحيفة “واشنطن بوست” في تشرين الأوّل – أكتوبر 2004 عن “الهلال الشيعي” الذي كانت إيران تسعى إلى إقامته بعد سيطرتها على بغداد. لم يقصد العاهل الأردني بـ“الهلال الشيعي” أي إساءة إلى أتباع المذهب، خصوصا أن الهاشميين يعتبرون أنفسهم من “أهل البيت” ولم يفرّقوا يوما بين سني وشيعي. كان يشير إلى أن إيران أرادت أن تَحكم منطقة تمتد من طهران إلى بيروت الواقعة على البحر المتوسّط مستخدمة الغريزة المذهبية. تضمّ هذه المنطقة العراق وسوريا ولبنان الذي يتحكّم به حزب تابع لإيران اسمه “حزب الله”، ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني.

بعد ثلاثة عشر عاما، أدلى عبدالله الثاني، قبل أيام بحديث إلى “واشنطن بوست” كرر فيه ما قاله في الحديث الأوّل كاشفا أن إيران لم تتغير. ما تغيّر، من خلال ردّها على الحديث الأخير، هو انكشاف كم هي متضايقة من إدارة دونالد ترامب وتوجّهاتها من جهة، وزيادة كمّية العداء التي تكنّها لدولة مسالمة حافظت على استقرارها الداخلي، مثل المملكة الأردنية الهاشمية، من جهة أخرى.

استخدم مسؤولون إيرانيون كلاما بذيئا في الرد على حديث العاهل الأردني لمجرد أنه وصف الواقع كما هو بعيدا عن أي نوع من المبالغات. ما الذي تفعله إيران في العراق؟ ماذا تفعل في سوريا؟ ما الذي يدفعها إلى الرهان على ميليشيا مذهبية في لبنان من أجل ضرب اقتصاد البلد وتدمير كلّ مؤسسات الدولة وإيجاد قطيعة بينه وبين دول الخليج العربي؟

لا داعي بالطبع إلى التساؤل ماذا تفعل إيران في اليمن ولماذا كل هذا الحقد على البحرين أو لماذا تتدخل في الكويت؟

استخدم “المرشد الأعلى” علي خامنئي موقع رئيس “الجمهورية الإسلامية” في إيران لتمرير مراحل معينة كانت تتطلب وجود رئيس من طراز معين. متى تطلب الأمر، داخليا، والوضع الدولي رئيسا “إصلاحيا”، هبط الرئيس “الإصلاحي” على الإيرانيين وبدأ العالم يفكر في أن إيران ستنتهج سياسة تقوم على الانفتاح والتوقف عن دعم الإرهاب بكلّ أشكاله. متى كانت الحاجة إلى “متشدد”، يأتي أحمدي نجاد بقدرة قادر…

لم يحصل ولن يحصل أي تغيير في إيران ما دام خامنئي يحكم إيران بصفة كونه “الوليّ الفقيه”. ستبقى إيران دولة تحلم بلعب دور يفوق حجمها وقدراتها متجاهلة أن العالم يتغيّر بأسرع مما يعتقد، وأن الاستثمار المفيد الوحيد الذي تستطيع القيام به يتمثّل في التركيز على الاستثمار في مشاريع داخلية تعود بالفائدة على الإيرانيين الذين يعيش أكثر من نصفهم تحت خط الفقر.

في التاسع عشر من أيّار – مايو المقبل، ستجري الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الإيرانية. كلّ ما يمكن قوله في المناسبة، هو ما أشبه اليوم بالبارحة. ففي مثل هذه الأيّام من العام 2013، انتخب حسن روحاني رئيسا. كان الوحيد الذي اعتقد أن إيران تغيّرت هو باراك أوباما والفريق المحيط به الذي ضحّى بالشعب السوري الثائر على الظلم والدكتاتورية. تغاضى أوباما عن استخدام بشّار الأسد السلاح الكيميائي من أجل استرضاء إيران. كان حريصا كلّ الحرص على عدم التسبب بأي إزعاج لإيران، حتى عندما قُتل ما يزيد على ألف سوري في آب ـ أغسطس من تلك السنة بالسلاح الكيميائي في غوطة دمشق.

ليس رئيس الجمهورية الذي يغيّر إيران. ما قد يغيرها حاليا هو سياسة أميركية مختلفة. المسألة مسألة أسابيع فقط سيتبيّن بعدها هل سيقول دونالد ترامب والفريق المحيط به أنه آن أوان أن يأخذ كلّ طرف إقليمي، وحتى دولي، حجمه الحقيقي على خريطة العالم؟

لا شكّ أن ضربة القاعدة الجويّة التابعة للنظام السوري في الشعيرات تعطي مؤشرا على تغيير أميركي بدأت تشعر به إيران. لكنّ الحذر يظل ضروريا قبل التوصل إلى استنتاج نهائي في ما يخص مستقبل العلاقات بين طهران وواشنطن. فإيران قدّمت في نهاية المطاف خدمات كبيرة لأميركا يحتاج تعدادها إلى موسوعة، وذلك عندما أسست لشرخ مذهبي غيّر أوّل ما غيّر أولويات الدول العربية، خصوصا أهل الخليج.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما أشبه اليوم بالبارحة في إيران ما أشبه اليوم بالبارحة في إيران



GMT 18:13 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

لا ثقة بحكومة حسّان دياب

GMT 15:45 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أوراق إيران التي ذبلت

GMT 09:52 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

أكثر من أي وقت… نفتقد نسيب لحّود

GMT 09:43 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

سقوط آخر لبريطانيا

GMT 09:51 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

عندما يهرب لبنان إلى "صفقة القرن"

تمنحكِ إطلالة عصرية وشبابية في صيف هذا العام

طرق تنسيق "الشابوه الكاجوال" على طريقة رانيا يوسف

القاهرة - نعم ليبيا

GMT 18:25 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

مذيعة "سي إن إن برازيل" تتعرض لسطو مسلح على الهواء
المغرب اليوم - مذيعة

GMT 19:47 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

كلوب - تراوري لا يُصدَق- أحيانا لا يمكن إيقافه

GMT 16:19 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

كيف تفهم نفسك

GMT 09:47 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

فوز كبير للمنتخب المغربي على نظيره التونسي

GMT 19:25 2019 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

مكاسب معنوية ومادية خلال الشهر

GMT 23:59 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

معلول يؤكد أهمية فوز المنتخب التونسي على بنما
 
yeslibya

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
yeslibya yeslibya yeslibya
yeslibya
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya